في عالم الألعاب الإلكترونية والترفيه عمومًا، حيث تتداخل الثقافات والهويات، يجد اللاعبون العرب والمسلمون أنفسهم في مواجهة تحديات متعددة، فبينما يحتفون بتراثهم وثقافتهم العميقة والملهمة، يواجهون في الوقت نفسه صوراً نمطية وتحديات في تمثيلهم في الألعاب، فبينما يحق للآخرين الدفاع عن تراثهم وثقافاتهم ودينهم، ينتفض اليابانيين بقوة ويتم سماعهم من كبرى شركات الترفيه، ولدينا دراسة حالة للعبة Assassin’s Creed Shadows التي اعترض عليها الجمهور الياباني.
تتنوع التحديات التي تواجه اللاعبين العرب والمسلمين في عالم الألعاب الإلكترونية، بدءًا من التجاهل التام لتراثهم وتاريخهم الغني، وصولًا إلى تصويرهم بشكل نمطي أو مسيء في بعض الألعاب. هذه الإشكالية تفتح الباب واسعًا أمام تساؤلات حول مدى احترام الحساسية الثقافية، وازدواجية المعايير في التعامل مع الثقافات المختلفة، ودور صناعة الألعاب في تعزيز التفاهم بين الشعوب أو تأجيجه.
اقرأ أيضًا: يوبي سوفت تعتذر لمجموعة التاريخ اليابانية بسبب Assassin’s Creed Shadows
لقد أثار الجدل الأخير المثار حول لعبة Assassin’s Creed Shadows العديد من التساؤلات الهامة التي أحياها حول ازدواجية المعايير في التعامل مع الحساسية الثقافية، فبينما واجهت شركة Ubisoft انتقادات لاذعة من اللاعبين اليابانيين بسبب الشخصية “السمراء” البشرة في اللعبة واتهامها بتزييفها لتاريخ، ومؤخرًا استخدام سلاح مشابه لسيف من سلسلة الأنمي الشهيرة “One Piece”، يتساءل الكثيرون عن سبب عدم وجود ردود فعل مماثلة تجاه استخدام رموز وثقافات الشعوب الأخرى، خاصة العربية والإسلامية “وان كانت غير مسموعة” في العديد من الأعمال الفنية وألعاب الفيديو.
الحساسية الثقافية بين الحق المشروع والتعصب
من الطبيعي أن يشعر الأفراد والمجتمعات بالاعتزاز بتراثهم وثقافتهم ولديهم كل الحرية في ذلك، وأن يدافعوا عنها ضد أي استخدام غير لائق أو مسيء. هذه الحساسية الثقافية هي حق مشروع وفطري، بل وضروري للحفاظ على الهوية الثقافية وتنوعها، لكن متى تتحول هذه الحساسية إلى تعصب يرفض أي استخدام لرموز ثقافية معينة، حتى لو كان ذلك في سياق فني أو ترفيهي؟ ولماذا تكون هناك ثقافات يسمع لها وتُجامل قدر المستطاع، بينما آخرين يطبق عليهم مبدأ “حرية التعبير” ويتم اتهامهم بالتخلف والحساسية الزائدة!
علم النفس السياسي ودور الهيمنة
تلعب الهيمنة دوراً هاماً في تشكيل المفاهيم والتصورات، فغالباً ما يتم تصوير الثقافات المهيمنة على أنها “عالمية” و “طبيعية”، بينما يتم النظر إلى الثقافات الأخرى على أنها “غريبة” أو “هامشية”. هذا التصور يؤدي إلى ازدواجية في المعايير، حيث يتم التعامل مع الرموز الثقافية للشعوب المهيمنة على أنها ملكية عامة، بينما يتم التعامل مع رموز الشعوب الأخرى بحذر شديد وتتم مُجاملتها بحرص شديد.
اقرأ أيضًا: عريضة يابانية تطالب بإيقاف Assassin’s Creed Shadows بسبب عدم الدقة التاريخية
في حالة “Assassin’s Creed Shadows هل هي حساسية مفرطة أم دفاع مشروع؟
في حالة Assassin’s Creed Shadows، يمكن تفسير ردود فعل اللاعبين اليابانيين على أنها دفاع مشروع عن تراثهم وثقافتهم، خاصة في ظل تاريخ طويل من الاستغلال الثقافي الذي تعرضت له اليابان من قبل الغرب. لكن من المهم أيضًا النظر في السياق الأوسع، حيث يتم التعامل مع استخدام رموز ثقافية أخرى مثل العربية والإسلامية بتساهل أكبر، بل وأحيانًا يتم تبريرها باسم “حرية التعبير الفني”، وهي ازدواجية مفضوحة للعيان نتمنى أن يتم التخلص منها في وقت ما.
هناك العديد من الألعاب التي أساءت للمسلمين وصورت ثقافتهم بشكل نمطي وسلبي، مثل بعض أجزاء سلسلة Call of Duty، والأمر لا يقتصر على الماضي، فهناك ألعاب قادمة مثل “Six Days in Fallujah” و “Black Ops 6” التي يخشى أن تستمر في تصوير المسلمين كأشخاص من الدرجة الثانية وثقافتهم غير مهمة أو هامشية في الحضارة، ضاربةً بعرض الحائط انجازاتهم التاريخية عبر قرون مضت، هذا بالإضافة الى قوتها السوقية المتنامية.
إن الجدل حول لعبة Assassin’s Creed Shadows يسلط الضوء على قضية هامة ومعقدة، وهي قضية الحساسية الثقافية، ومن خلال فهم أعمق لهذه القضية، والتعامل معها بإنصاف واحترام، يمكننا أن نبني جسورًا من التفاهم والاحترام المتبادل بين الثقافات المختلفة.
في ختام حديثنا، من الضروري أن نسعى لفهم أعمق للحساسية الثقافية وأن نتعامل معها بإنصاف واحترام، فيجب أن ندرك أن لكل ثقافة الحق في الدفاع عن رموزها وتراثها، وأن نرفض ازدواجية المعايير التي تمنح بعض الثقافات امتيازات على حساب أخرى.
يسعدنا أن تشاركونا آرائكم حول هذه القضية..