إذا كنت قد خضعت من قبل لإجراء طبي يتطلب تخديرًا عامًا، فأنت تعلم أن هذه تجربة مربكة. ففي لحظة ما تكون مستيقظًا تمامًا وفي اللحظة التالية تكون فاقدًا للوعي تمامًا، فقط لتجد نفسك في حالة من النعاس حيث لا تعرف ما حدث للتو. إن وضع المرضى تحت التخدير له تأثير سلبي على صحتك. تاريخ طويل يعود تاريخها إلى أكثر من 200 عام، ولكن كيفية عمل الأدوية بالضبط لم يتم الكشف عنها. لغز.
ربما تمكن فريق من علماء الأعصاب في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا من إيجاد الإجابة في حالة البروبوفول. يستخدم البروبوفول بشكل شائع منذ ثمانينيات القرن العشرين لإبقاء المرضى في حالة من اللاوعي. تشير الأبحاث الجديدة إلى أن البروبوفول يعمل عن طريق التدخل في “الاستقرار الديناميكي” للدماغ – وهي الحالة التي يمكن فيها للخلايا العصبية الاستجابة للمدخلات، ولكن الدماغ قادر على منعها من الانفعال الشديد.
وللتعرف على كيفية تحقيق البروبوفول لهذا الاضطراب، نظر فريق معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا إلى التسجيلات الكهربائية لأجزاء من الدماغ مرتبطة بالرؤية ومعالجة الصوت والوعي المكاني والوظيفة التنفيذية لدى الحيوانات التي تم إعطاؤها جرعات من الدواء. ثم قارنوا هذه القياسات ببعض القياسات التي تم إجراؤها قبل إعطاء البروبوفول.
وجد الباحثون أن أدمغة الحيوانات الواعية أظهرت نشاطًا عصبيًا متزايدًا بعد إدخال صوت أو رؤية جديدة ثم عادت إلى مستوى أساسي. ولكن تحت تأثير البروبوفول، قام الدماغ ببعض الأشياء الغريبة. أظهرت الأبحاث السابقة أن الحيوانات التي أعطيت الدواء تفقد الوعي ولكنها تحافظ على الإدراك ونشاط الدماغ – في الأساس، لا يزال دماغك قادرًا على معالجة أشياء مثل الصوت والرائحة، حتى لو لم تكن على علم بذلك. الفريق، الذي نشر نتائجه يوم الاثنين في مجلة العصبون, ووجد الباحثون أن هذا التأثير قد يكون بسبب استغراق الدماغ وقتا أطول للعودة إلى خط الأساس بعد مدخلات حسية أثناء التخدير، مما يؤدي إلى إرسال نشاط الدماغ “إلى حالة من الفوضى”، على حد تعبير أحد علماء الأعصاب.
وعندما حاول الباحثون إعادة إنشاء التجربة على نموذج رقمي لشبكة عصبية في الدماغ، وجدوا أنهم قادرون على إعادة إنتاج التأثير المزعزع للاستقرار الذي يسببه البروبوفول من خلال التلاعب بعقد معينة في الدماغ الافتراضي.
قال آدم إيزن، طالب الدراسات العليا في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا والمؤلف المشارك في الدراسة، في بيان صحفي: “لقد نظرنا إلى نموذج دائرة بسيط من الخلايا العصبية المترابطة، وعندما قمنا بضبط التثبيط في ذلك النموذج، رأينا عدم استقرار. لذا، فإن أحد الأشياء التي نقترحها هو أن زيادة التثبيط يمكن أن تولد عدم الاستقرار، وهذا مرتبط لاحقًا بفقدان الوعي”.
“يضطر الدماغ إلى العمل على حافة السكين بين الإثارة والفوضى. يجب أن يكون الدماغ منفعلاً بدرجة كافية حتى تتمكن الخلايا العصبية من التأثير على بعضها البعض، ولكن إذا أصبح منفعلاً للغاية، فإنه يتحول إلى فوضى”، كما قال مؤلف الدراسة وأستاذ معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا إيرل ك. ميلر في البيان الصحفي. “يبدو أن البروبوفول يعطل الآليات التي تبقي الدماغ في هذا النطاق الضيق من التشغيل”.
ومن غير الواضح ما إذا كانت مواد التخدير الأخرى تعمل بنفس طريقة البروبوفول، لكن الفريق يخطط لاستكشاف ذلك في الأبحاث المستقبلية، مما قد يؤدي إلى تمكين الأطباء من أن يكونوا أكثر دقة في كيفية وضع المرضى تحت التخدير.