لم تكن لعبة روبلوكس لتصل إلى ما هي عليه لولا جهود مجتمع المطورين الهائل الذي يعمل بداخلها، فبفضل إبداعهم المتواصل، تنمو مكتبة ألعاب Roblox بشكل مستمر، مما يوفر تجربة جديدة ومثيرة للاعبين في كل مرة، وقد استفادت اللعبة من هذا التنوع الهائل في المحتوى، بالإضافة إلى سهولة الوصول إليها، لتجذب ملايين اللاعبين من مختلف الأعمار، خاصةً الأطفال الذين يمثلون الشريحة الأكبر من جمهورها، إلا أننا تخفي في طياتها مخاطر عظيمة يصعب استيعابها.
لكن تخفي لعبة Roblox وراء واجهتها الترفيهية، جانبًا مظلمًا يستغل بعض المجرمين للتربح من وراء أطفال بريئين، فباستخدام العملة الرقمية داخل اللعبة وانتشارها عبر مختلف المنصات المختلفة، تمكن هؤلاء الأفراد من بناء شبكات للتواصل مع الأطفال وتغريرهم، مستغلين بيئة اللعب المفتوحة وقلة الوعي لدى الكثيرين بخطورة هذه الجرائم الإلكترونية.
تساهم بعض الثغرات في سياسات Roblox وأساليب اللعب في تسهيل هذه الأعمال المشينة، مما يجعل من الضروري اتخاذ إجراءات عاجلة لحماية الأطفال من هذه المخاطر المتزايدة. فالأضرار النفسية التي قد يتعرض لها هؤلاء الأطفال قد تكون عميقة وطويلة الأمد، مما يستدعي تضافر الجهود بين شركات الألعاب والسلطات المعنية وأولياء الأمور.
ما خفي كان أعظم
تخفي لعبة روبلوكس وراء واجهتها البريئة، شبكة معقدة من الجرائم الإلكترونية التي تستهدف الأطفال. ففي ظلال هذه اللعبة، يتحرك مختلون نفسيون يستغلون براءة الأطفال وسذاجتهم لتحقيق أغراضهم الشاذة، فمقابل حفنة من العملات الافتراضية، تدمر حياة الأطفال وتسرق براءتهم.
قصة الطفلة التي باعت صورها مقابل Roblox ليست إلا نموذجًا صارخًا على ما يحدث داخل هذه اللعبة. فبينما كانت تبحث عن متعة بسيطة، وقعت فريسة لـ”صياد” محترف استغل حاجتها لابتزازها، وحكاية “دكتور روفاتنيك” تكشف عن الوجه الآخر للعبة، حيث يختبئ وراء قناع المطور الناجح مجرم خطير استطاع أن يستغل شعبيته في اللعبة لارتكاب جرائم بشعة.
تسلل هؤلاء المجرمون إلى عالم روبلوكس، مستغلين الثغرات الأمنية في اللعبة وقلة الوعي لدى الأطفال وأولياء الأمور. فهم يبنون علاقات صداقة وهمية مع الأطفال، ثم يستدرجونهم إلى عالم مظلم من الإساءة والاستغلال، أما وبالنسبة لهؤلاء الضحايا، فإن اللعبة التي كانت مصدرًا للبهجة والمرح تتحول إلى سجن افتراضي لا مفر منه.
إن هذه الجرائم ليست مجرد حوادث معزولة، بل هي مؤشر على مشكلة أوسع نطاقًا تتطلب حلولًا جذرية. يجب على شركات الألعاب، والحكومات، وأولياء الأمور التعاون معًا لحماية الأطفال من هذه المخاطر، وتوفير بيئة آمنة لهم على الإنترنت.
ونقلًا عن مصدر مطلع، فقد استطاع “شيدلتسكي” وهو شخصية مؤثرة على منصة Roblox، جذب آلاف الأطفال والمراهقين بصورته المرحة وتحديه للمحرمات المجتمعية، فوراء ذلك القناع، كان يختبئ أرنولد كاستيلو، شاب في العشرين من عمره استغل شعبيته لبناء إمبراطورية افتراضية وترسيخ نفوذه على ضحاياه.
خطة خبيثة.. استغلال خدمات Roblox
باستخدام أدوات التواصل داخل اللعبة وخدمات الدردشة الخارجية، تمكن كاستيلو من التواصل مع الأطفال بشكل مباشر، وقد استغل هذه القنوات لتطوير علاقات وثيقة مع ضحاياه، مستغلًا حاجتهم إلى الانتماء والقبول وبتقديم الهدايا الافتراضية والوعود الكاذبة، تمكن من كسب ثقتهم وجعلهم يعتقدون أنه صديق حقيقي.
ولكن وراء هذا القناع الودود، كان كاستيلو يخطط لجرائم بشعة، فقد استغل ثقة ضحاياه للتلاعب بهم والاعتداء عليهم. وفي إحدى الحالات، تمكن من خداع طفلة في الثالثة عشرة، واقناعها بأنه يحبها، ثم خطفها واعتدى عليها.
كشفت هذه القضية عن الجانب المظلم لاستخدام منصات الألعاب من قبل بعض الأفراد ذوي النوايا السيئة. فقد استغل كاستيلو ثغرات في نظام Roblox وأدوات التواصل الأخرى لارتكاب جرائمه، وتثير هذه الحادثة تساؤلات حول المسؤولية التي تقع على عاتق شركات الألعاب في حماية المستخدمين، خاصة الأطفال، من مثل هذه المخاطر.
شعبية جارفة.. ولكن بمساوئ عديدة
تعد لعبة روبلوكس بفضل شعبيتها الهائلة بين الأطفال، ساحة خصبة لانتشار الجرائم الإلكترونية، خاصة تلك التي تستهدف الأطفال، فبفضل بيئتها المفتوحة وسهولة التفاعل بين اللاعبين، ويستغل المجرمون هذه المنصة للوصول إلى ضحاياهم وتكوين علاقات وهمية بهدف استدراجهم إلى عالم الواقع وارتكاب جرائم جسيمة ضدهم.
ولا يقتصر الأمر على مخاطر لعبة روبلوكس فحسب، بل تمتد هذه المشكلة لتشمل العديد من منصات الألعاب والتواصل الاجتماعي، مما يجعل من الضروري اتخاذ إجراءات عاجلة على المستوى العالمي لمواجهة هذه الظاهرة الخطيرة، فالأطفال الضحايا لهذه الجرائم يعانون من آثار نفسية عميقة، مثل الاكتئاب والقلق، وقد يستغرقون سنوات طويلة للتعافي منها.
قد كشفت دراسة استقصائية أجريت على مجموعة من الأطفال من قبل مؤسسة جمعية الأمان على وسائل التواصل الاجتماعي Kirra Pendergast التي توجهت بدورها إلى مدرسة في قرية صغيرة بأستراليا، أن نسبة كبيرة منهم يتلقون طلبات صداقة من غرباء على منصة روبلوكس، وبعضهم يتعرضون لمحاولات استغلال مقابل الحصول على عملة اللعبة. هذا يؤكد المخاوف المتزايدة حول سلامة الأطفال على هذه المنصة.
وفي تجربة صحفية استقصائية مثيرة للقلق، تمكن أحد المفترسين عبر الإنترنت من استدراج صحفية متخفية بدور طفلة تبلغ من العمر أربع سنوات، وذلك داخل منصة روبلوكس، وعلى الرغم من تأكيد الصحفية مراراً وتكراراً على عمرها الصغير، إلا أن المعتدي أصر على التواصل معها عبر منصة سناب شات بهدف إقامة علاقة غير لائقة، مما يكشف عن انتشار ظاهرة استغلال الأطفال جنسياً عبر الألعاب الإلكترونية.
لذلك يجب على الجميع تحمل مسؤولياتهم ومواجهة مخاطر لعبة روبلوكس أو أي لعبة أخرى يمكن أن يقع أبنائنا الصغار ضحية دون علمنا، بدءًا من الشركات التي يجب عليها تطوير أدوات حماية أكثر فعالية، وصولًا إلى الحكومات التي يجب عليها سن قوانين رادعة والمجتمع الذي يجب عليه توعية الأطفال وأولياء الأمور بالمخاطر التي تهددهم في العالم الرقمي.