في سلسلة “قـصـة” سنتعرف على خفايا وأسرار أستوديوهات الألعاب، من البدايات البسيطة والأحلام الكبيرة، إلى النجاحات الساحقة والإخفاقات المريرة، سنستعرض كيف تكونت هذه الاستوديوهات، كيف واجهت التحديات والعقبات، وكيف انتهى بعضها بشكل مأساوي بينما استمرت أخرى لتصبح أساطير في عالم الألعاب، بدون إطالة جهز فنجانك واستعد لاكتشاف أسرار الصناعة من الداخل، أهلاً بك في عالمي حيث تتداخل القصص مع الإبداع لتشكيل أعظم ألعاب العصر، وسنبدأ بقصة Rocksteady.
أحد ألمع الأستوديوهات في عالم هذه الصناعة، قدم لنا سلسلة تكاد تصل للكمال قصصياً وفنياً في العقد الماضي، صعوبات وتحديات واجهته، من ذروته إلى اقتراب نهايته دعونا نتعرف على الأستوديو المطور خلف سلسلة فارس الظلام:
١ | البداية المتواضعة لـ سيفتون هيل
في نوفمبر من عام ١٩٧٣، وُلد “سيفتون هيل” في المملكة المتحدة، كان ناجحاً في دراسته وشغوفاً بعالم الألعاب مما دفعه شغفه لدخول الجامعة في عام ١٩٩١ والتخرج منها عام ١٩٩٥، بعد تخرجه انضمّ إلى أستوديو Argonaut Software، وهو أستوديو بريطاني تأسس عام ١٩٨٢ وكان مختصاً في تطوير الألعاب، رغم أن الأستوديو لم يحقق شهرةً كبيرة، إلا أنه كان نقطة البداية لأحد أفضل مخرجي الألعاب في التأريخ، حيث انضمّ “هيل” للأستوديو في عام ١٩٩٦ وسرعان ما أظهر تفانيه وأصبح محبوباً بين زملائه.
٢ | أزمات أستوديو Argonaut
عانى الأستوديو من أزمات متعددة بدءاً من عام ٢٠٠٠، منها أزمات مالية وفشل لعدة ألعاب، رغم أن “سيفتون هيل” لم يكن مسؤولاً عن هذه الأزمات، إلا أنه كان يعمل جاهداً للتغلب عليها، كان الأستوديو يعمل تحت مظلة شركة Eidos Interactive الشهيرة، التي كانت مسؤولة عن سلسلة “تومب رايدر،” في عام ٢٠٠٤ قررت شركة Eidos إغلاق Argonaut بشكل رسمي، ما أنهى رحلة “هيل” مع الأستوديو.
٣ | ولادة Rocksteady وبداية جديدة
في نفس العام، قرر “هيل” وصديقه “جيمي والكر” إنشاء أستوديو جديد تحت أسم Rocksteady، حيث انضمّ بعض العاملين السابقين من Argonaut إلى روكستيدي، ما أضاف جواً من التناغم على الفريق الجديد، حيث بدأ العمل على أول لعبة للأستوديو في سبتمبر ٢٠٠٤، حيث استمرت عملية التطوير لمدة عامين كاملين.
٤| انطلاقة Rocksteady الأولى
صدرت لعبة Urban Chaos في ١٩ مايو ٢٠٠٦، وهي لعبة حربية من منظور الشخص الأول، ونشرت عن طريق شركة Eidos، حققت اللعبة نجاحاً جيداً على الصعيدين التجاري والتقني، مما مهد الطريق للأستوديو لإطلاق سلسلة Batman Arkham.
٥ | ولادة سلسلة فارس الظلام
قبل الحديث عنها كان من المفترض أن تكون لعبة واحدة فقط تتزامن مع فيلم The Dark Knight الأيقوني، ومن تطوير Pandemic Studios ونشر شركة EA، ولكن بسبب المشاكل المالية لشركة EA، التي بلغت مائة مليون دولار، لم يتمكنوا من إنهاء اللعبة قبل إصدار الفيلم، بعدها أوكلت شركة WB المالكة لحقوق باتمان اللعبة إلى شركة Eidos التي بدورها كلفت Rocksteady بتطوير لعبة باتمان.
بدأت عملية التطوير الفعلية في مايو ٢٠٠٧ بفكرة مختلفة عن فيلم باتمان، استعان الأستوديو بالسيد “بول ديني،” أحد أشهر كتاب عالم DC، لكتابة قصة اللعبة، كما أن من الأشياء المثيرة أن مطوراً واحداً كان مكلفاً بالعمل على عباءة باتمان وحده لمدة عامين، مما أضاف لمسة فريدة للعبة.
(بول ديني)
كما تم استلهام العديد من العناصر من سلاسل ألعاب عظيمة، مثل العالم المظلم من Bioshock ودمج الأسلحة من سلسلة Zelda، وأسلوب القتال ايضاً تم تطويره على مراحل عدة ليصبح أسلوباً تفاعلياً بالكامل.
٧ | نجاح مبهر والطريق للقمة
تم الإعلان عن اللعبة عام ٢٠٠٨ وتم الانتهاء منها في أوائل عام ٢٠٠٩، صدرت اللعبة في ٢٥ أبريل ٢٠٠٩، وحققت نجاحاً باهراً حيث نالت إعجاب اللاعبين والنقاد على حد سواء، كما حصلت اللعبة على تقييم ٩٢ من ميتا كريتيك، وباعت حوالي 9 ملايين نسخة حول العالم، وهذا النجاح دفع WB للاستحواذ على نسبة من الأستوديو.
٨ | ذروة Rocksteady حتى الاكتمال
بدأ العمل على الجزء التالي قبل ثمانية أشهر من صدور الجزء الأول إذ كان من المخطط في البداية أن تكون السلسلة مكونة من جزئين فقط، لكن النجاح الكبير من الجانب الفني والتجاري دفعهم للاستمرار بجزء ثالث، كما واجه الأستوديو تحديات في الانتقال من المصحة إلى المدينة، حيث كان من المفترض الانتقال إلى مدينة غوثام أو مدينة أركام، حيث تم تصميم مدينة أركام بشكل مهدّم بالكامل.
٩ | نقلة نوعية وخاتمة خيرها مسّك
بدأت عملية تطوير هذه الجزء مثل سابقه بعد فترة قصيرة من صدور “B. A: City،” مع تحديات جديدة مثل الانتقال من أركام إلى غوثام، وإضافة السيارة، كما واجه الأستوديو صعوبة في استبدال شخصية الجوكر الأيقونية، مما دفعهم للاستعانة بـ “جيف جونز،” أحد أشهر كتّاب عالم DC، لإنشاء شخصية جديدة وهي “أركام نايت،” استمرّت عملية التطوير لمدة ثلاث سنوات ونصف، وهي أطول مدة تطوير في تأريخ السلسلة.
صدر هذا الجزء في ٢٥ يونيو ٢٠١٥، وحقق نجاحاً تجارياً، حيث باع 7 ملايين نسخة وحصل على تقييم ٨٨ من ميتا كريتيك، رغم ذلك، لم يلقَ نفس الإعجاب الكبير من النقاد واللاعبين كما في الأجزاء السابقة.
١٠ | الاستحواذ الكامل من قبل WB والفشل المحتوم
بعد الاستحواذ الكامل من قبل Warner Bros، تقلصت حرية الأستوديو خارج عالم DC، مما أدى إلى خروج كل من “سيفتون هيل” و “جيمي والكر” وتخبط الأستوديو بين فترات طويلة من الخمول وعدم إصدار ألعاب جديدة.
في مطلع عام ٢٠٢٤، صدرت لعبة Suicide Squad، لكنها فشلت فشلاً ذريعاً، مما أدى إلى خسائر كبيرة لـ WB والتفكير في إغلاق الأستوديو، ربما هذا الفشل الكبير قد يكتب نهاية Rocksteady ورغم ذلك، سيظل تأثيره في عالم الألعاب خالداً.
الختام
بلا شك، تأثير Rocksteady لن يُمحى أبداً، فهو السبب في نهضة ألعاب الأبطال الخارقين، وأحد أيقونات مجال الألعاب، سنكون حزينين جداً إذ ما تم الإغلاق، لأنني أحب هذا الاستوديو كثيراً، ونحن ممتنين جداً لكل من “سيفتون هيل” و “جيمي والكر،” على تفانيهما وما قدموه لنا من متعة خالية مع فارس الظلام.