إذا شممت رائحة جثة متعفنة، فقد تكون الرائحة أحد أمرين: جثة متعفنة فعلية، أو – إذا كنت محظوظًا – مجرد زهرة عملاقة ذات رائحة كريهة تسمى تيتان أروم. الآن، حدد العلماء الأسباب الجزيئية وراء الرائحة النفاذة لهذا النبات الشهير.
قام فريق بقيادة جي إريك شالر من كلية دارتموث بتسليط الضوء على الآليات الجزيئية التي تدفع الرائحة الكريهة لزهرة تيتان أروم بالإضافة إلى قدرتها على التسخين، والتي يتم تحفيزها مباشرة قبل التفتح. كشفت دراسة جديدة، نُشرت في 4 نوفمبر في مجلة PNAS Nexus، لأول مرة أن نبات العملاق يحتوي على مادة كيميائية تسمى بوتريسسين. على الرغم من أن بوتريسين هو مركب معروف، إلا أن هذه هي المرة الأولى التي يتم التعرف عليها في نبات العملاق، حيث يلعب دورًا رئيسيًا في خلق الرائحة الكريهة المميزة للنبات.
يطلق عليها اسم “زهرة الجثة”، وهي في الواقع عبارة عن مجموعة من الزهور الصغيرة داخل ساق مركزي ضخم يسمى Spadix، والتي يمكن أن تنمو حتى 12 قدمًا (3.7 مترًا)، وفقًا لبيان كلية دارتموث. ويسمى الارتفاع الموجود في الجزء العلوي من Spadix بالملحق. تتفتح الأزهار عادة كل خمس إلى سبع سنوات، عندما تنفتح طبقة تشبه البتلة تسمى الطلع من أسفل الطلع إلى شكل يشبه الكوب.
عند هذه النقطة، يبدأ الطلع والزائدة الدودية في التسخين في عملية تسمى التوليد الحراري، والتي يمكن أن تجعل الطلع أكثر دفئًا بما يصل إلى 20 درجة فهرنهايت من درجة الحرارة المحيطة. التوليد الحراري هو سمة معروفة في الحيوانات (مثل الارتعاش عند البشر) ولكنها أقل شيوعًا وأقل فهمًا في النباتات، وفقًا للبيان. بعد فترة وجيزة، يطلق النبات رائحة اللحم المتعفن المميزة: مزيج من المركبات القائمة على الكبريت والتي تهدف إلى جذب الحشرات التي تساعد النبات على التكاثر.
وقال شالر، عالم الأحياء الجزيئية، في البيان: “إن الأزهار نادرة وقصيرة العمر أيضًا، لذلك لا نحصل إلا على نافذة صغيرة لدراسة هذه الظواهر”.
قام شالر وزملاؤه بجمع عينات الأنسجة من زهرة الجثة المحلية – وهي عينة تبلغ من العمر 21 عامًا تدعى مورفي تعيش في دفيئة علوم الحياة في دارتموث – خلال عدة فترات ازدهار للتحليل الجيني والكيميائي. على الجانب الوراثي، قاموا باستخراج وتسلسل الحمض النووي الريبوزي تيتان أروم RNA لفهم الجينات المشاركة في التوليد الحراري للنبات ورائحته.
وأوضح شالر: “يساعدنا هذا في معرفة الجينات التي يتم التعبير عنها ومعرفة الجينات التي تنشط بشكل خاص عندما تسخن الزائدة الدودية وترسل الرائحة”.
ووجد علماء الأحياء أن العينات التي تم جمعها في وقت مبكر من إزهار زهرة الجثة أظهرت تعبيرًا أعلى عن الجينات المرتبطة بنقل الكبريت، واستقلاب الكبريت، وإنتاج الحرارة في النباتات، مقارنة بالعينات الأخرى.
تعاون فريق دارتموث أيضًا مع باحثين من جامعة ميسوري لإلقاء نظرة على الأحماض الأمينية للنباتات – وهي اللبنات الأساسية للبروتينات – عبر قياس الطيف الكتلي (تقنية تستخدم لتحديد المواد الكيميائية). وأكدت النتائج ما اقترحه تحليل الحمض النووي الريبي (RNA) بالفعل: كانت المستويات المرتفعة من الميثيونين، وهو حمض أميني يحتوي على الكبريت، موجودة في عينات الأنسجة منذ بداية الإزهار. والميثيونين هو مقدمة للمركبات القائمة على الكبريت والتي تتبخر بسهولة عند تسخينها وتنتج روائح نفاذة، بحسب البيان.
ومع ذلك، اكتشف العلماء أيضًا شيئًا غير متوقع في العينات المأخوذة من نفث نبات العملاق: مستويات أعلى من الحمض الأميني الذي يعمل بمثابة مقدمة لإنتاج بوتريسسين، المركب المسؤول عن رائحة اللحم المتعفن.
هذه الدراسة هي الأولى التي تسلط الضوء على الآليات الدافئة والرائحة الكريهة لزهرة الجثة – لماذا تنبعث رائحة بعض البيوت الزجاجية في جميع أنحاء العالم مثل لغز جريمة قتل كل نصف عقد – على المستوى الجزيئي. بعد ذلك، يخطط شالر للتحقيق في المحفزات الكامنة وراء تفتح زهرة الجثة، وما إذا كانت الزهور المتعددة في نفس المساحة ستتزامن مع هذه العملية. كما لو كنا بحاجة إلى المزيد من الرائحة الكريهة …