عندما يُذكر أسم Rockstar يتبادر إلى الذهن مباشرة عالم مفتوح يفيض بالجنون والحرية وألعاب غيرت مجرى صناعة الترفيه إلى الأبد، سواء كنت من عشاق GTA أو غصت في أجواء الغرب الأمريكي في Red Dead Redemption فأنت بلا شك قد اختبرت أحد أعظم إنجازات هذه الشركة التي لا تزال تفاجئ العالم مع كل إصدار جديد.
GTA V لم تكن مجرد لعبة بل ظاهرة ثقافية واقتصادية تخطّت 200 مليون نسخة مباعة حيث حوّلت فكرة “اللعب للمتعة” إلى “اللعب للإستثمار” كل الأنظار تتجه نحو كل جديد تقدمه هذا الشركة العريقة، دعونا نعود إلى حيث بدأت الحكاية…
الأجزاء السابقة:
من أبناء الثقافة إلى صانعيها
تبدأ القصة في لندن حيث وُلد الأخوة سام ودان هاوسر في سبعينيات القرن الماضي، والدهما كان يملك نادياً لموسيقى الجاز، ووالدتهما ممثلة ظهرت في أفلام الجريمة والأكشن حيث لم يكن غريباً أن يتربيا وسط أجواء فنية مفعمة بالتمرد والثقافة الشعبية حتى راودتهما في الصغر أحلام بأن يصبحا رجال عصابات.
دان أحب القراءة وحلم بأن يكون كاتباً بينما أنغمس سام مبكراً في عالم الألعاب متأثراً بلعبة فضائية تدعى Elite في عام 1989 غيّرت رحلة مع والده إلى نيويورك حياته إلى الأبد، هناك التحق بشركة BMG التي كانت تجرّب الدخول في مجال الألعاب وسرعان ما أصبح سام مسؤولاً عن قسم الألعاب.
الحلم الخارج عن السيطرة
في عام 1996 وصلت دعوة من أستوديو صغير لـ سام في اسكتلندا عن لعبة شرطي يلاحق المجرمين في مدينة مفتوحة، حيث رأى سام فيها إمكانيات هائلة لكنه قرر أن يضع لمساته الخاصة.. لماذا لا نكون نحن العصابات بدل الشرطة؟ كما أنضم دان لكتابة القصة والنتيجة تجربة أشعلت الجدل وتغير كل شيء.
عندما صدرت اللعبة عام 1997 واجهت انتقادات حادة من الإعلام والبرلمان البريطاني بسبب محتواها لكنها مع الوقت أصبحت واحدة من أكثر الألعاب تأثيراً في السوق الأمريكي وفتحت الباب أمام فصل جديد..
ولادة روكستار
بعد أن باعت BMG قسم الألعاب لشركة Take-Two Interactive أُنشئت Rockstar بقيادة سام هاوسر ومن هناك بدأت الرحلة الحقيقية حيث تم الاستحواذ على الفريق الأسكتلندي ليصبح روكستار نورث وصدرت GTA 2 كمحاولة لتعزيز حضور السلسلة لكنها لم تكن بالنجاح المأمول.
جاء التحول الكبير مع PlayStation 2 الذي منح المطورين قدرات غير مسبوقة، كانت GTA 3 أول تجربة ثلاثية الأبعاد في السلسلة حيث تُحوّل اللعب إلى فيلم عصابات تفاعلي مع قصة متقنة من كتابة دان وعالم مفتوح ينبض بالحياة، انفجرت اللعبة في الأسواق رغم الجدل والتصنيفات العمرية.
إلى القمة… رغم الجدل
تواصلت النجاحات مع Vice City ثم San Andreas التي كانت أكبر وأجرأ مغامرة في تأريخ روكستار حتى ذلك الحين بعالم ضخم وشخصية بطل من أصول أفريقية حيث واجهت الشركة تحديات تصنيف واتهامات بالعنصرية، لاحقاً تسببت نسخة مخفية من محتوى غير لائق في فضيحة عُرفت باسم Hot Coffee حيث كلفت الشركة الملايين وأدت إلى استقالات في الإدارة.
التطور الحقيقي
بحلول الجيل الجديد لم تكن Rockstar مجرد أسم بل مؤسسة تدير فرقاً متعددة أهمها روكستار نورث و روكستار سان دييغو الذي بدأ في تطوير لعبة Red Dead Revolver التي رغم تواضع نجاحها إلا أنها مهّدت الطريق للعبة Red Dead Redemption أحد أعظم ما أنتجت الصناعة.
أما GTA IV فكانت مشروعاً عملاقاً بميزانية قاربت 100 مليون دولار مع أهتمام غير مسبوق بالتفاصيل الواقعية لنيويورك وقصة عاطفية عميقة من كتابة دان هاوسر.
GTA V… الظاهرة
ثم جاءت GTA V التي بيعت أكثر من 200 مليون نسخة، وجعلت Rockstar شركة بمكانة استثنائية في عالم الترفيه ليس فقط بين صانعي الألعاب بل حتى أمام شركات السينما والموسيقى، اللعبة مستمرة في تحقيق الأرباح حتى اليوم بفضل عالمها المفتوح، قصصها المتعددة، ونظام اللعب الثوري.
خارج حدود GTA
أن هذه الشركة المبدعة تملك مكتبة ألعاب مذهلة لا تقل روعة عن سابقتها كأمثال لعبة Bully تجربة عالم مفتوح تدور داخل مدرسة داخلية مليئة بالفوضى، حيث تلعب بشخصية جيمي الطالب المشاغب الذي يحاول فرض نفسه في بيئة مدرسية مليئة بالتحديات.
ثم لدينا Max Payne سلسلة أكشن مظلمة وسينمائية تدور حول محقق سابق يسعى للانتقام بعد فقدان عائلته، اشتهرت اللعبة بنظام Bullet Time الذي يتيح تبطيء الوقت أثناء القتال ما جعلها علامة فارقة في ألعاب التصويب.
ولا ننسى الألعاب الأخرى مثل Midnight Club وL.A. Noire التي تقدم تجارب سباق وتحقيق مدهشة، أما Red Dead Redemption 2 فقد أعادت تعريف الجودة والإتقان في ألعاب الفيديو ورفعت سقف التوقعات إلى أقصى حد.
ختاماً مع Rockstar
روكستار جيمز ليست مجرد شركة ألعاب بل صانع تحولات، كل لعبة تصنعها هي خطوة نحو الأمام في السرد والجرأة على كسر القواعد.. بين النجاح والجدل لم تتوقف يوماً روكستار عن المضي قُدماً تاركة خلفها إرثاً يستحق أن يُروى.