في حوار استثنائي انتظره الملايين، أطلّ العقل الإبداعي وأحد مؤسسي Rockstar Games، دان هاوسر، في مقابلة عميقة وشاملة خلال فعاليات LA Comic Con، ليقدم رؤية نادرة حول مسيرته الأسطورية، ويكشف عن تفاصيل دقيقة حول عملية صناعة أيقونات مثل Grand Theft Auto و Red Dead Redemption، ويحدد ملامح مستقبله الطموح مع شركته الجديدة Absurd Ventures.
GTA 6 ,فصل جديد يُكتب بدونه
بدأ الحوار بالسؤال الأكثر إلحاحًا: كيف يبدو الأمر حين تقترب Grand Theft Auto 6 من العالم وهو لم يعد جزءًا من الفريق؟ أجاب هاوسر بدبلوماسية وهدوء، معترفًا بقوة العلامة الكبيرة الذي حظي به للمساهمة في السلسلة. وصرح قائلًا:
“لقد كتبت آخر 10 أو 11 جزءًا، وأعتقد أن العالم ربما قد اكتفى مني في هذا السياق”.
وأضاف أنه يتطلع بشغف لتجربة اللعبة كأي لاعب آخر، معبرًا عن ثقته المطلقة في قدرة فريق Rockstar على تقديم تحفة فنية جديدة.
Red Dead Redemption 2: ذروة الإبداع والعمل الأكثر فخرًا
عند سؤاله عن لعبته المفضلة من بين أعماله، لم يتردد هاوسر في اختيار Red Dead Redemption 2، واصفًا إياها بأنها “أفضل شيء عملت عليه على الإطلاق”. وأوضح أن هذا الاختيار لا يأتي من فراغ، فاللعبة في رأيه تمثل “أفضل تجسيد فردي للسرد القصصي في عالم مفتوح، مع تناسق موضوعي وفهم عميق لكيفية بناء الألعاب لتأخذ اللاعب في رحلة عاطفية متكاملة”.
وكشف أن نجاح GTA 5 التجاري الهائل الذي تجاوز 200 مليون نسخة كان دافعًا رئيسيًا لصناعة Red Dead Redemption 2 بهذا الشكل الفني العميق، ولقد كانت بمثابة رد فعل إبداعي، حيث أراد الفريق أن يثبت قدرته على تقديم شيء مختلف تمامًا من الناحية النبرة والموضوع، عمل فني خاص يركز على القصة والشخصيات بعمق لم يسبق له مثيل. كما أشاد بلحظات أخرى يعتبرها من الأفضل في مسيرته، مثل القسم الأوسط من GTA 5 الذي شهد تناغمًا مثاليًا بين الشخصيات الثلاث، ونهاية Red Dead Redemption 1 التي لا تُنسى.
فلسفة Rockstar: كيف تُصنع الأساطير؟
غاص هاوسر في تفاصيل العملية الإبداعية التي حكمت روكستار لسنوات، وقدج وأوضح أن كل لعبة كانت تبدأ من “معادلة” بسيطة ومعقدة في آن واحد: “نبرة العالم مضروبة في شخصية البطل الرئيسي”. هذا المزيج هو ما كان يحدد هوية كل لعبة.
واستعرض كيف تطورت هذه الفلسفة، بدءًا من القيود التقنية والمادية في GTA 3 التي فرضت عليهم حلولًا إبداعية مثل البطل الصامت واستخدام الراديو الحواري كوسيلة رخيصة وفعالة لإثراء العالم، وصولًا إلى النضج السردي في GTA 4. كما كشف عن أن الكثير من القرارات التي قد تبدو “كماليات” مثل إضافة برامج تلفزيونية كاملة في GTA أو أفلام صامتة في Red Dead، كانت ضرورية لترسيخ نبرة العالم وجعله أكثر قابلية للتصديق.
وعن سر السخرية اللاذعة من الثقافة الأمريكية، أشار إلى أن كونه بريطانيًا يعيش في أمريكا منحه منظورًا فريدًا يجمع بين “الخارج” و”الداخل”، مما سمح له وفريقه برؤية التناقضات والعبثية في المجتمع الأمريكي بوضوح أكبر.
مصير Bully 2 المحزن
في إجابة مباشرة على سؤال حيّر المعجبين لسنوات، أكد دان هاوسر أن غياب جزء ثانٍ من لعبة Bully لم يكن بسبب عدم الرغبة، بل بسبب محدودية الفريق. وأوضح:
“عندما يكون لديك فريق إبداعي صغير وقيادة عليا محدودة، لا يمكنك ببساطة تنفيذ كل المشاريع التي تحلم بها”.
Absurd Ventures وبداية عهد جديد
انتقل هاوسر للحديث عن حاضره ومستقبله مع شركته الجديدة Absurd Ventures، التي أسسها لتكون منصة لسرد القصص عبر وسائط متعددة. مشروعه الأول هو رواية مصورة بعنوان “American Caper”، وهي كوميديا سوداء تستهدف الجانب المظلم من المجتمع الأمريكي من خلال شخصيات تنتمي إلى النخبة، وهو ما يمثل تحولًا عن أبطاله السابقين الذين كانوا دائمًا من الطبقات المهمشة.
والأهم من ذلك، أعلن دان هاوسر عن عودته الرسمية لتطوير الألعاب بمشروعين قيد التطوير المبكر:
- لعبة في عالم Absurdverse وهي لعبة عالم مفتوح كوميدية من منظور الشخص الثالث.
- لعبة في عالم A Better Paradise وقد وُصفت بأنها “مأساة ديستوبية” من منظور الشخص الثالث.
في الختام، لم تكن المقابلة مجرد نظرة إلى الماضي، بل كانت إعلانًا واضحًا بأن أحد أهم العقول في تاريخ الترفيه التفاعلي قد عاد، مسلحًا بالخبرة ورغبة جامحة في استكشاف قصص ومغامرات جديدة، بعيدًا عن الظلال الطويلة لإرثه العظيم في أروقة روكستار.