دخلت تطبيقات الذكاء الاصطناعي مرحلة جديدة من التجريب بعد مرور نحو ثلاث سنوات على إطلاق ChatGPT، الذي شكّل بوابة المستخدمين الواسعة إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي.
ومع أن روبوتات الدردشة أصبحت أشهر أداة في مجال الذكاء الاصطناعي، فإن الشركات الرائدة في هذا القطاع، وفي مقدمتها OpenAI، تسعى اليوم إلى ما هو أبعد من ذلك عبر البحث عن “التطبيق الذي لا غنى عنه” الذي يجعل الذكاء الاصطناعي عنصرًا أساسيًا في حياة المستخدمين.
وتطرح التطورات الراهنة تساؤلًا جوهريًا: هل سنشهد جيلًا جديدًا من التطبيقات المبنية بالكامل على الذكاء الاصطناعي، أم أن التجربة سوف تقتصر على إضافة مزايا ذكية إلى التطبيقات التقليدية التي يعتمد عليها المستخدمون أصلًا؟
وفي هذا السياق، كشفت OpenAI حديثًا عن تطبيق اجتماعي جديد يحمل اسم Sora، وهو يتيح إدماج الأشخاص وأصدقائهم – بعد موافقتهم – في مقاطع فيديو مولّدة بالذكاء الاصطناعي، في خطوة تستهدف منافسة منصات الفيديو القصير مثل تيك توك.
ووصفت الشركة التطبيق بأنه قد يكون “لحظة GPT-3.5 الخاصة بالفيديو”، في إشارة إلى النموذج الذي أطلق ثورة ChatGPT قبل أعوام.
ويأتي ذلك تزامنًا مع إدماج يوتيوب أدوات ذكاء اصطناعي في خدمة مقاطع الفيديو القصيرة Shorts، وإعلان ميتا إطلاق خلاصة محتوى مكوّنة بالكامل من مقاطع فيديو أنشأها المستخدمون عبر الذكاء الاصطناعي.
وطرحت OpenAI حديثًا خدمة ChatGPT Pulse، التي تعتمد على التنبؤ باحتياجات المستخدم من المعلومات وتزويده بتحديثات يومية دون طلب مباشر، وهي فكرة سبق أن جرّبتها جوجل منذ أكثر من عقد، لكن الشركة تراهن على أن التطور التقني الحالي سيجعلها قابلة للتنفيذ بفاعلية أكبر.
وتؤكد تحركات OpenAI الأخيرة على سعيها إلى التحول إلى شركة تركز على التطبيقات الاستهلاكية، إذ استعانت مطلع العام الجاري بـ “فيدجي سيمو”، الرئيسة السابقة لمنصة “فيسبوك” في ميتا، لتطوير خدمات مبتكرة تجعل الذكاء الاصطناعي أكثر التصاقًا بالحياة اليومية للمستخدمين.
يُذكر أن التطبيق الجديد يهدف إلى إعادة إحياء فكرة الشبكات الاجتماعية، إذ تراهن OpenAI على أن تطبيق الفيديو سيعزز سلوكيات تواصل جديدة داخل المجتمعات الرقمية.
ويظل أكبر تحدٍ في آلية تحقيق الأرباح. فقد تعهّدت OpenAI بألا تركّز على “الوقت الذي يقضيه المستخدم في التطبيق”، مؤكدةً أن خطتها الحالية للايرادات تقتصر على فرض رسوم لإنشاء مقاطع إضافية، ويرى مراقبون أن المنافسة مع عمالقة الإعلانات الرقمية مثل جوجل وميتا ستجعل من الصعب الاستمرار دون اعتماد نموذج مماثل للخدمات المجانية المدعومة بالإعلانات.
وكان الرئيس التنفيذي سام ألتمان قد عبّر في تصريحات سابقة عن تحفظه على الإعلانات، إذ عدّ أنها تخلق تضاربًا بين مصلحة المستخدم والشركة، لكن ذلك يعيد للأذهان موقف مؤسسي جوجل، سيرجي برين ولاري بيدج، اللذين حذّرا عام 1998 من تحيّز محركات البحث بسبب الإعلانات، قبل أن يؤسسا أكبر منصة إعلانية في العالم.
وفي الوقت الذي تسعى فيه OpenAI إلى تمويل خططها الضخمة في مجال الذكاء الاصطناعي، يظل السؤال مطروحًا: هل ستتمكن من الالتزام برفض الإعلانات، أم أنها ستسلك في النهاية الطريق نفسه الذي سلكته شركات التقنية الكبرى؟