أثناء تتبع خطى المستكشف القطبي السير إرنست شاكلتون ومصيره المشؤوم تَحمُّل على متن السفينة، اكتشف الباحثون مئات من أعشاش الأسماك مرتبة في أنماط معينة.
عثرت مركبة يتم تشغيلها عن بعد (ROV) أثناء فحص قاع البحر في بحر ويدل الغربي في القارة القطبية الجنوبية، على أكثر من 1000 عش دائري يشكل حيًا هندسيًا كبيرًا. يلقي هذا الاكتشاف الضوء على النظم البيئية الفريدة المزدهرة في بيئات الأرض الأكثر تطرفًا، ويحمل آثارًا مهمة على جهود الحفاظ على البيئة.
مجتمع الأسماك الديناميكي
تنتمي الأعشاش (الفتحات الموجودة في الرمال الموضحة في الصورة أدناه) إلى نوع من أسماك القد الصخري المعروف باسم notie Yellowfin، وتقع في منطقة كانت مغطاة سابقًا بجرف جليدي يبلغ سمكه 656 قدمًا (200 متر). تم ترتيب بعضها بشكل فردي، بينما كان البعض الآخر في منحنيات أو مجموعات. حتى أنه تبين أن أسماك Yellowfin notie هي ربات منزل منظمات – بينما كان قاع البحر المحيط مغطى بمخلفات العوالق، وكان كل عش نظيفًا.
يصف الباحثون مجتمع الأسماك بأنه مزيج من التعاون والمصلحة الذاتية في دراسة نشرت اليوم في مجلة فرونتيرز العلوم البحرية. كان من المفترض أن تقوم الأسماك الأم بحراسة كل عش، لكن ترتيب الأعشاش نفسها لعب أيضًا دورًا دفاعيًا. وتمثل مجموعات العش نظرية “القطيع الأناني”، التي تشير إلى أن الأفراد الموجودين في وسط المجموعة أكثر أمانًا من أولئك الموجودين على الهوامش. ووفقا للباحثين، من المحتمل أن تكون الأعشاش المعزولة تضم أسماكا أكبر وأقوى وأكثر ملاءمة لحماية أعشاشها.
على خطى تَحمُّل
وعثر الباحثون على حي الأسماك خلال رحلة Weddell Sea Expedition 2019، والتي كانت تهدف إلى إجراء بحث بالقرب من جرف لارسن الجليدي والعثور على حطام سفينة السير إرنست شاكلتون. تَحمُّل تم سحقها بواسطة حزمة من الجليد في عام 1915 قبل أن يبتلعها البحر. وبأعجوبة، نجا الطاقم بأكمله من الحادث.
الظروف المحفوفة بالمخاطر نفسها التي قلبت مشروع شاكلتون منذ أكثر من 100 عام، حالت دون القيام بالرحلة الاستكشافية لعام 2019 على متن سفينة الأبحاث القطبية الجنوب أفريقية سا أجولهاس الثاني من تحديد موقع سفينته، وهو ما حدث في عام 2022. ومع ذلك، وجد الفريق موطنًا غريبًا مرتبطًا بالجرف الجليدي، وهو تكوين مهم يشارك في تدفق الجليد وارتفاع مستوى سطح البحر.
في أعقاب جبل الجليد A68
تمتلئ حدود القارة القطبية الجنوبية بأرفف جليدية عائمة تعيق تدفق الأنهار الجليدية. عندما تختفي الرفوف الجليدية، تتدفق الأنهار الجليدية بحرية إلى المحيط، مما يؤدي إلى ارتفاع مستويات سطح البحر. يقع جرف لارسن الجليدي في غرب القارة القطبية الجنوبية، وهو طويل جدًا لدرجة أن الباحثين يشيرون إلى أقسامه المختلفة باسم Larsen A وB وC وD. وفي عام 2017، انفصلت قطعة عملاقة من Larsen C وتحولت إلى واحدة من أكبر الجبال الجليدية في العالم. يُطلق عليه اسم الجبل الجليدي A68، وتبلغ مساحته في ذروته 2240 ميلاً مربعاً (5800 كيلومتر مربع).
تمكن الفريق من استكشاف المناطق التي كان يتعذر الوصول إليها سابقًا في قاع البحر باستخدام مركبات ROV والمركبات المستقلة تحت الماء (AUVs) في أعقاب انقسام الجرف الجليدي. يشير اكتشافهم اللاحق لأعشاش الأسماك إلى أن المنطقة تستضيف موطنًا غير عادي وهشًا حيويًا للتنوع البيولوجي وله تداعيات مهمة على الحفظ، نظرًا لأن دراستهم تنضم إلى مجموعة من الأبحاث الأخرى التي تدعم اقتراح تعيين بحر ويدل رسميًا كمنطقة بحرية محمية.
وعلى نطاق أوسع، يمثل البحث دليلًا إضافيًا على أن الحياة تجد طريقًا لها حتى في أكثر المناطق قسوة.
