بعد أربع سنوات من الكشف الأول، تعود إلينا The Outer Worlds 2 من استوديو Obsidian Entertainment، المعروف بتحفته الكلاسيكية Fallout: New Vegas. اللعبة تأتي من نشر Xbox Game Studios، وهي احدى مشاريع الاستوديو الضخمة منذ انضمامه إلى عائلة مايكروسوفت.
ورغم أن الجزء الثاني لا يُعدّ تكملة مباشرة للسابق، فإنه يحتفظ بعالمه الغريب والسخرية السوداء التي تميّزه، لكن مع زوايا أوسع وتجربة أكثر نضجًا وتفاصيل. فهل نجحت اللعبة في تحقيق تطلعات عشاقها بعد انتظار دام سنوات؟
القصة والسرد: فصائل تتصارع في عالم ممزّق
تضعك اللعبة في دور عميل تابع لإدارة الأرض، مكلف بالتحقيق في ظاهرة “الشقوق المدمّرة” التي تهدد البشرية بالانهيار. وبعد حادث غامض يجعلك تغيب عن الواقع عشر سنوات، تستيقظ في كوكب أركيديا، مركز التكنولوجيا والتنافس السياسي، لتجد نفسك في قلب صراع بين ثلاث فصائل كبرى:
- The Protectorate: منظمة عسكرية تؤمن بأن الأمن فوق الحرية، وتسعى للسيطرة على الشقوق لحماية النظام الكوني بالقوة.
- Auntie’s Choice: اتحاد رأسمالي جشع يرى في الشقوق فرصة استثمارية لا تنضب، ويسيطر على الإعلام والإعلانات بأسلوب تسويقي ساخر وناعم في الوقت ذاته.
- The Order of the Ascendant: طائفة علمية-دينية مهووسة بالمعرفة، ترى في الشقوق مفتاحًا لفهم أسرار الكون ولو كلفها ذلك التضحية بالبشر.
تتعامل اللعبة بذكاء مع فكرة الخيارات والأيديولوجيات المتضاربة. فقراراتك لا تغيّر فقط مسار القصة، بل تؤثر على علاقاتك مع الفصائل، وعلى مصير العالم نفسه. ومع ذلك، فإن السرد العميق والرمزي قد يبدو ثقيلاً أو معقدًا للبعض، خاصة مع غزارة المواضيع الفلسفية مثل الرأسمالية والبيروقراطية، والهوية الإنسانية.
ما يميّز The Outer Worlds 2 هو أن كل حوار وكل مهمة تجعلك تتساءل: هل أنت منقذ البشرية… أم سبب دمارها؟
أسلوب اللعب مزيج محسّن بين التصويب وتقمص الأدوار
اللعبة تمزج بين تصويب منظور أول ونظام RPG متكامل. منذ البداية، يمكنك تخصيص مظهرك وخلفيتك، وسماتك التي تؤثر على مهاراتك وخياراتك الحواريّة. هنا يظهر نضج تصميم أوبسيديان في التعامل مع حرية اللاعب:
- يمكنك إنهاء بعض المهام بالإقناع بدل العنف.
- ويمكنك التخفي أو المواجهة المباشرة بحسب بناء شخصيتك.
- كما يمكن لماضيك أو سماتك أن تفتح مسارات جديدة في القصة.
القتال نفسه أكثر سرعة واستجابة من الجزء الأول، مع تنويع في الأسلحة وتأثيرها. ومع ذلك، فإن الذكاء الاصطناعي للأعداء هو أحد أبرز نقاط الضعف، إذ يفتقر أحيانًا للواقعية ورد الفعل، وهذا سيقلل من التحدي التكتيكي في بعض المواجهات.
المهام الجانبية كثيرة وغنية بالمحتوى السردي، لكنها متفاوتة الجودة، فبعضها يضيف عمقًا للعالم والشخصيات، بينما يعيد البعض الآخر أنماطًا مألوفة دون إبداع في تصميم المراحل.
التوجه الفني والعالم
من الناحية البصرية، تحتفظ The Outer Worlds 2 بأسلوبها الأركيدي المفعم بالألوان، لكن مع تحسينات ملموسة في الإضاءة والتفاصيل البيئية.
انعكاسات الضوء على الأسطح المعدنية وأجواء الكواكب المختلفة تعزز حس الاستكشاف والغرابة. إلا أن تصميم العالم لا يصل دومًا إلى الإبهار الذي حققه الجزء الأول، إذ تفتقر بعض المناطق إلى التميّز البصري وتبدو متشابهة نوعًا ما.
الموسيقى التصويرية من جهة أخرى تتألق بمزيج من النغمات المستقبلية والدرامية التي تعزز الجو الكوميدي السوداوي المألوف في السلسلة.
الأداء التقني
اللعبة تقدم أداءً تقنيًا جيدًا إجمالًا مع ثلاثة أوضاع:
- وضع الأداء (Performance Mode): 60 إطارًا في الثانية.
- وضع الدقة (Resolution Mode): جودة رسومية أعلى بمعدل إطارات أقل.
- الوضع المتوازن (Balanced Mode): 40 إطارًا في الثانية مع توازن جيد.
رغم الاستقرار العام، تظهر بعض الأخطاء التقنية مثل التقطعات البسيطة أو التأخير في تحميل العناصر البيئية، إضافة إلى ذكاء اصطناعي متواضع يمكن أن يؤدي إلى مواقف غير منطقية في القتال.
الإيجابيات ✅
- قصة عميقة بأسلوب كتابة ذكي يجمع بين الخيال العلمي والسخرية السوداء.
- قرارات اللاعب مؤثرة بصدق وتشكل مسار الأحداث والعلاقات بين الفصائل.
- تنوع لافت في الفصائل وشخصياتها وأيديولوجياتها.
- نظام قتال محسن أكثر ديناميكية من الجزء الأول.
- تصميم بصري جذاب مع استخدام مميز للإضاءة والألوان.
- أداء مستقر ودعم لعدة أوضاع عرض.
- موسيقى وغلاف صوتي يعززان أجواء العالم الغريب والساخر.
السلبيات ❌
- ذكاء اصطناعي ضعيف يقلل من تحديات القتال.
- بعض المهام الجانبية مكررة أو بلا إبداع.
- عدم دعم اللغة العربية في النصوص أو الواجهة.
- نظام التنقل في الخريطة مربك أحيانًا.
- الإفراط في السخرية في بعض الحوارات يُضعف تأثير المواقف الجدية.
- بعض الأخطاء التقنية البسيطة المتوقعة قبل التحديثات.
رحلة فلسفية تستحق التجربة – 7.5
7.5
رحلة فلسفية تستحق التجربة
نجحت The Outer Worlds 2 في تقديم تجربة RPG غنية بالاختيارات والهوية، تثبت أن Obsidian ما زال يتقن فن كتابة القصص التي تتحدى عقل اللاعب قبل ردات فعله. ومع ذلك، فإن بعض العيوب التقنية وضعف الذكاء الاصطناعي تمنعها من الوصول إلى مصاف روائع الجيل.
