عادت شركة روكستار إلى دائرة الجدل مجددًا، ولكن هذه المرة ليس بسبب لعبة جديدة أو تسريب يتعلق بلعبة GTA 6، بل بسبب اتهامات تتعلق بمحاربة النقابات العمالية.
ففي الأسبوع الماضي، أعلنت الشركة عن فصل أكثر من 30 موظفًا بدعوى أنهم شاركوا معلومات سرية في منتدى عام. لكن نقابة Independent Workers of Great Britain (IWGB) تصر على أن ما حدث لم يكن سوى محاولة لإسكات أصوات موظفين سعوا للتنظيم النقابي ومطالبة الإدارة بظروف عمل أكثر عدلًا.
القضية: تسريب معلومات أم تنظيم عمالي؟
القصة بدأت حين تم الكشف عن طرد جماعي شمل عشرات العاملين في الشركة وصل عددهم الى أكثر من 30 موظفًا، كانوا أعضاء في خادم على منصة Discord مخصص للنقاشات المتعلقة بالعمل.
روكستار أكدت في بيانها المرسل إلى وكالة Bloomberg أن هؤلاء الموظفين “انتهكوا سياسات الشركة بمناقشة وتوزيع معلومات سرية في منتدى عام”، وأن قرار الفصل “لا علاقة له بحق الموظفين في الانضمام إلى النقابات أو ممارسة أنشطة نقابية”.
لكن رواية النقابة جاءت مختلفة تمامًا. فبحسب IWGB، كان الموظفون يتحدثون فقط مع منظّمين نقابيين حول تحسين أوضاعهم المهنية وظروف العمل داخل الشركة، دون أي نية لتسريب محتوى أو وثائق تخص مشاريع الشركة، والنقابة وصفت القرار بأنه “واحد من أكثر الأفعال قسوة ووضوحًا في محاربة النقابات بتاريخ صناعة الألعاب”.
حساسية روكستار تجاه التسريبات
لطالما كانت روكستار شديدة الحساسية تجاه تسريب المعلومات. ففي عام 2022، تعرضت الشركة لأحد أكبر الاختراقات في تاريخ الألعاب، عندما تمكن أحد القراصنة من الوصول إلى أنظمة التطوير الداخلية وتسريب عشرات المقاطع والمعلومات عن GTA 6 قبل إعلانها الرسمي.
ذلك الحادث أدى إلى تشديد غير مسبوق في سياسات السرية داخل الشركة، وربما أسهم في خلق مناخ من الحذر المفرط، انعكس على علاقتها الداخلية بموظفيها.
لكن ما يميز الحالة الحالية أن الحديث لا يتعلق باختراق خارجي أو تسريب متعمد، بل بموظفين يتحدثون في مساحة خاصة عن بيئة عملهم، وهو ما يجعل الموقف القانوني والأخلاقي للشركة أكثر تعقيدًا.
موقف النقابة: “روكستار تخاف من صوت العامل”
في بيانها الأخير، قالت نقابة IWGB إن ما تخشاه الشركة ليس تسريبًا لمعلومات تقنية، بل حوارًا داخليًا بين موظفين يسعون لتشكيل صوت جماعي، وأكدت أن روكستار “تخاف من الموظفين المجتهدين الذين يناقشون سبل تحقيق العدالة في مكان العمل”، مضيفة أن “الشركة تستخدم ذريعة التسريبات لتبرير قمع التنظيم العمالي”.
هذا الموقف يجد صداه في نقاش أوسع داخل صناعة الألعاب حول الحقوق النقابية، خصوصًا بعد أن أصبحت قضايا الإرهاق المهني وغياب التمثيل العمالي من أبرز التحديات في كبرى استوديوهات التطوير.
أثار الحادث ردود فعل واسعة بين العاملين في مجال الألعاب والمحللين. البعض يرى أن مطور GTA 6 يحاول حماية أسرارها التجارية بعد سنوات من التسريبات التي كلفتها خسائر معنوية ومادية كبيرة، بينما يرى آخرون أن الشركة تتذرع بالسرية لتبرير قمع أي شكل من أشكال التنظيم الجماعي داخل بيئة عملها.
ويشير مراقبون إلى أن هذه الواقعة تأتي في وقت تشهد فيه الصناعة تحولًا متزايدًا نحو الوعي بحقوق المطورين، مع إنشاء نقابات جديدة في الولايات المتحدة وأوروبا، ما يجعل موقف روكستار أكثر حساسية أمام الرأي العام.
ما بين السرية والحقوق العمالية في صناعة الألعاب
في كل الأحوال، فالحدود بين الحفاظ على أسرار العمل وحق الموظف في التعبير عن قضاياه المهنية تبدو ضبابية في مثل هذه الحالات. من الناحية القانونية، تمتلك الشركات الحق في فرض قيود على تداول المعلومات الداخلية، لكن الخط الفاصل بين “التسريب” و”النقاش النقابي” ليس واضحًا دائمًا، خصوصًا عندما يكون التواصل في فضاء خاص مثل Discord.
وفي المقابل، يرى بعض الخبراء أن رد مطور GTA 6 كان مبالغًا فيه، وأن الفصل الجماعي بهذا الحجم يُظهر غياب توازن في العلاقة بين الإدارة والموظفين، ما قد يترك أثرًا طويل المدى على سمعة الشركة كأحد أكثر الاستوديوهات تأثيرًا في العالم.
سواء كانت القضية محاولة مشروعة لحماية أسرار الشركة أو خطوة غير مبررة لإسكات صوت العاملين، فإن ما حدث في روكستار يسلط الضوء على أزمة أعمق في صناعة الألعاب.
حتى الآن، لم تصدر النقابة ولا الشركة إشارات إلى إمكانية التسوية أو العودة عن قرارات الفصل. لكن المؤكد أن هذه الأزمة ستترك أثرًا على العلاقة بين روكستار وموظفيها، وربما على الطريقة التي تُدار بها قضايا العمل في صناعة الألعاب مستقبلًا.
المصدر: pcgamer – وكالة Bloomberg
