في فبراير عام 2013، اعتلى يوشينوري أونو، منتج سلسلة Street Fighter الشهيرة، منصة سوني خلال حدث الكشف عن PlayStation 4. هناك، عرض مشهدًا بدا وكأنه قادم من المستقبل: جدران متفحمة تتلألأ بنيران حقيقية، ومقاتل يواجه تنينًا ينبثق من أعماق الأرض. كانت تلك اللحظة ميلاد حلمٍ جديد حمل اسمًا بليغًا في دلالته Deep Down.
لكن الحلم سرعان ما انزلق إلى ما يسميه المطورون بـ “جحيم التطوير“. لم تُلغَ اللعبة رسميًا، لكنها أيضًا لم ترَ النور قط. وبعد أكثر من عقدٍ من الزمن، تحوّلت Deep Down إلى لغزٍ يطارده اللاعبون، وشبحٍ يرفض أن يُمحى من ذاكرة الصناعة.
1 | بين الطموح والانهيار
منذ بدايتها، كانت Deep Down مشروعًا طموحًا يفوق قدراتها التقنية. لم يكن المشروع مفروضًا من كابكوم، بل ثمرة سؤال طرحته الشركة على فريقها بعد Resident Evil 6:
“ما الذي تريدون فعله حقًا؟”
وجاء الجواب: “شيء جديد… شيء جريء.”
لكن الجرأة تحوّلت إلى فوضى:
- رؤية متضخمة: اللعبة تغيّرت مرارًا حتى أن ما بُني خلال أول عامين هُدم بالكامل لاحقًا.
- قيود تقنية: المحرك الجديد Phanta Rhei لم يتكيّف بسهولة مع قدرات الـPS4، فتحولت الأحلام البصرية إلى عقبات.
- تشتّت إداري: تضارب الرؤى جعل المشروع يفتقد التوجيه الموحد.
- تفكك الفريق: مع مرور الوقت، تفرّق المطورون، وآخرهم أونو نفسه الذي غادر كابكوم عام 2020، تاركًا المشروع بلا قائد.
وهكذا، غاصت Deep Down أعمق فأعمق… حتى ابتلعتها الظلال.
2 | لماذا ما زالت حيّة؟
رغم كل شيء، لم تنطفئ الشرارة تمامًا.
فكابكوم واصلت، وعلى نحو مريب، تجديد العلامة التجارية للعبة في أعوام 2013، و2017، و2020، وحتى 2022 وكأنها تهمس: “لم ندفنها بعد.”
هل هو مجرد حفاظ على اسمٍ مسجل؟ أم أن هناك نية خفية لإحيائها من جديد؟ لا أحد يعلم. حتى شون لايدن، الرئيس الأسبق لاستوديوهات بلايستيشن، حين سُئل عن مصير اللعبة أجاب ببساطة:
“ليس لدي أدنى فكرة.”
3 | فرادتها كانت لعنتها

ما جعل Deep Down فريدة هو ذاته ما قضى عليها.
فهي لم تكن مجرد تجربة خيالية تقليدية، بل مغامرة مزدوجة الهوية تجمع بين نيويورك المستقبلية عام 2094 وعوالم منسية تُستكشف عبر ذكريات مدفونة في قطعٍ أثرية، ومزيج بين Assassin’s Creed وDragon’s Dogma، مطعّم بتجربة تعاونية لأربعة لاعبين.
والأهم: كانت اللعبة مجانية بالكامل، في خطوة جريئة لم يسبق لأي ناشر ياباني كبير أن أقدم عليها آنذاك.
لكن الصناعة لم تكن مستعدة.
لكن الزمن لم يرحمها حين كانت الصناعة تتجه نحو الألعاب التعاونية، كانت Deep Down تلهث وراء الركب، وحين تحوّل التيار من جديد ليعيد الاعتبار للألعاب الفردية القصصية مثل God of War وFinal Fantasy XV، كانت اللعبة قد اختفت من المشهد لتصبح ضحية عصرٍ لم يستطع احتضانها.
4 | أسطورة لم تكتمل

اليوم تُذكر Deep Down إلى جانب مشاريع أُخرى لم يكتب لها الخلاص مثل Scalebound ونسخة Final Fantasy Versus XIII الأولى وWild من سوني. لكنها تظل حالة فريدة، شاهدًا على طموح كابكوم في لحظة انتقالية من تاريخها، وعلى جموح فريقٍ أراد أن يكسر القيود فاختنق بها.
ربما تعود يومًا، في شكل مختلف أو كعنوانٍ جديد يحمل روحها فقط.
وربما تبقى أسطورة تُروى في أروقة الإنترنت عن لعبةٍ وُلدت وسط التصفيق… ثم تلاشت في صمت.
5 | هل ستعود من الأعماق؟

لا أحد يعرف..
قد تكون ذكرى عابرة، أو قد تنهض شكما فعلت The Last Guardian وFinal Fantasy XV بعد سنواتٍ من الضياع. حتى يحين ذلك اليوم .. إن حان.. ستبقى Deep Down رمزًا للحلم الذي التهمته الظلال قبل أن يكتمل.
