اهتزّت أروقة شركة ميتا بخبرٍ غير متوقّع مع إعلان يان لوكون، أحد أبرز روّاد الذكاء الاصطناعي في العالم، عزمه مغادرة الشركة على خلفية خلافٍ متصاعد مع الرئيس التنفيذي مارك زوكربيرج بشأن الإستراتيجية الجديدة التي تتبنّاها الشركة لتطوير نماذج الذكاء الاصطناعي. ووفقًا لمصادر مطلعة، فقد أبلغ لوكون عددًا من المقربين بنيّته مغادرة المجموعة خلال الأشهر المقبلة.
يُعدّ لوكون، الحاصل على جائزة “تورينج” المرموقة في مجال الحاسوب، والمصنّف من أبرز روّاد الذكاء الاصطناعي الحديث، أحد الأعمدة العلمية في ميتا، إذ يرأس مختبر أبحاث الذكاء الاصطناعي الأساسي للشركة Facebook AI Research (FAIR) منذ عام 2013. وقد بدأ لوكون محادثاتٍ أولية لجمع تمويلٍ لمشروعه الجديد، الذي يُتوقع أن يركّز على تطوير “نماذج العالم”.
تحوّل جذري في إستراتيجية ميتا للذكاء الاصطناعي
تأتي هذه الخطوة في وقتٍ يسعى فيه زوكربيرج إلى تسريع وتيرة تطوير النماذج والمنتجات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي، لمنافسة شركات كبرى مثل OpenAI وجوجل. وقد قرر زوكربيرج التحوّل عن الأبحاث الطويلة الأمد التي يقودها مختبر FAIR نحو التركيز على الإطلاق السريع للنماذج الجديدة والتطبيقات العملية.
وفي إطار هذه التحولات، استقطب زوكربيرج خلال الصيف الماضي ألكسندر وانغ، مؤسس شركة “Scale AI”، لتولي قيادة فريق “الذكاء الفائق” الجديد في “ميتا”. وشكّل زوكربيرج فريقًا حصريًا آخر تحت اسم “TBD Lab” لتسريع تطوير الجيل القادم من نماذج اللغة الضخمة.
خلاف فكري بين لوكون وزوكربيرج
يُذكر أن لوكون كان قد انتقد في مناسباتٍ عدة اعتماد زوكربيرج المفرط على نماذج اللغة الضخمة، وعدّ أنها “مفيدة” لكنها لن تصل إلى مستوى التفكير والتخطيط البشري. ويرى لوكون أن الذكاء الحقيقي القادر على فهم العالم يتطلب بناء “نماذج العالم World Models”، التي تُدرّب على بيانات مكانية وبصرية من الواقع.
ويوافق عدد من العلماء هذا الرأي، منهم فاي فاي لي، أستاذة جامعة ستانفورد السابقة التي تُلقّب بـ”أم الذكاء الاصطناعي”. وتشير إلى أن النماذج اللغوية “تظل بليغة لكنها بلا خبرة حقيقية”.
تأثير رحيل لوكون على مستقبل ميتا
تأتي مغادرة لوكون في وقتٍ تواجه فيه الشركة ضغوطًا متزايدة من المستثمرين لإثبات جدوى استثماراتها الضخمة في الذكاء الاصطناعي. وقد تراجعت أسهم ميتا بنسبة قدرها 12.6% في أكتوبر الماضي، مما أدى إلى فقدان نحو 240 مليار دولار من قيمتها السوقية.
ويُضاف رحيل لوكون إلى سلسلة تغييرات متلاحقة في هيكل الشركة خلال عامٍ وُصف بأنه الأكثر اضطرابًا في تاريخها. وفي ظل هذه التطورات، يُنظر إلى رحيل يان لوكون على أنه إشارة رمزية إلى تحوّل عميق في فلسفة ميتا.
وفي الختام، يبقى مستقبل ميتا في مجال الذكاء الاصطناعي غير مؤكد. ومع استمرار التطورات التكنولوجية السريعة، سيكون من المهم متابعة كيف ستؤثر هذه التغييرات على استراتيجية الشركة ومسارها في هذا المجال الحيوي.
