تحولت شركة "أوبن إيه آي" خلال سنوات قليلة من مشروع ناشئ يهدف إلى تطوير الذكاء الاصطناعي لخدمة الإنسانية إلى عملاق تقني يثير القلق حول مدى اعتمادية الاقتصاد الأمريكي عليه. مع أن الشركة لم تحقق أرباحًا بعد، ولا تتجاوز عائداتها السنوية 2% من مبيعات أمازون، فإنها بلغت تقييمًا ضخمًا يقدر بنحو 500 مليار دولار.
ترتبط شركات مثل مايكروسوفت وإنفيديا وأوراكل اليوم بـ "أوبن إيه آي" بشبكة من الاستثمارات المتبادلة والالتزامات الطويلة الأمد، ويشمل ذلك صفقات ضخمة في مجالات الرقاقات الإلكترونية والبنى التحتية الحاسوبية. يرى محللون أن الشركة باتت "أكبر من أن تفشل"، أي أن انهيارها قد يحدث أثرًا متسلسلًا في الاقتصاد الأمريكي.
مخاوف من فشل "أوبن إيه آي"
يرى بعض الاقتصاديين أن الذكاء الاصطناعي قد يكون أداة لإنعاش الاقتصاد الأمريكي المثقل بديون تتجاوز 30 تريليون دولار، من خلال زيادة الإنتاجية وتحفيز الابتكار. كان المستثمر ديفيد ساكس، الذي يشغل حاليًا منصب منسق الذكاء الاصطناعي في البيت الأبيض، قد صرح في وقت سابق قائلًا: "إن اقتصادًا بهذا الحجم من الديون يحتاج إلى دفعة إنتاجية يمكن أن يوفرها الذكاء الاصطناعي".
من منظمة غير ربحية إلى شركة عملاقة
أُسست "أوبن إيه آي" عام 2015 كمؤسسة غير ربحية، لكنها سرعان ما أعادت هيكلة نفسها لتصبح كيانًا تجاريًا يسهل عليه جذب الاستثمارات. في خطوة وُصفت بأنها تمهيد لطرحها في البورصة، أعلنت الشركة حديثًا تبسيط هيكلها الإداري بهدف تمكينها من جمع تمويلات إضافية.
أدت أخبار إعادة هيكلة "أوبن إيه آي" إلى ارتفاع أسهم مايكروسوفت، التي تمتلك حصة قدرها 27%، لتتجاوز قيمتها 4 تريليونات دولار. كما قفزت قيمة إنفيديا، التي أعلنت استثمار 100 مليار دولار في "أوبن إيه آي"، لتصبح أول شركة في العالم تتجاوز قيمتها 5 تريليونات دولار.
التأثير الاقتصادي لـ "أوبن إيه آي"
ويذكر هذا الترابط الشديد بين شركات التكنولوجيا الكبرى بما حدث خلال الأزمة المالية عام 2008، عندما كان انهيار البنوك الكبرى كفيلًا بتهديد النظام الاقتصادي بأكمله. في الوقت نفسه، ارتفعت أصوات تدعو إلى حد نفوذ "أوبن إيه آي"، أبرزها من السيناتور الأمريكي بيرني ساندرز.
وفي عالم يزداد اعتمادًا على الذكاء الاصطناعي، تجسد "أوبن إيه آي" المفارقة الكبرى في عصرنا؛ شركة ولدت لخدمة البشرية، لكنها قد تصبح – إن لم تحسن إدارة طموحها – خطرًا على توازن الاقتصاد العالمي ذاته.
ستكون الخطوة التالية لـ "أوبن إيه آي" هي طرح أسهمها في البورصة، وهو ما قد يحدث في المستقبل القريب. ومع ذلك، يبقى السؤال حول ما إذا كانت الشركة قادرة على تحقيق طموحاتها دون أن تتسبب في مخاطر اقتصادية كبيرة.
