يشهد العالم اليوم تحولًا كبيرًا في سوق العمل نتيجة للتطورات السريعة في تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي. وفقًا لدراسة حديثة أجرتها شركة ماكينزي للاستشارات الإدارية، فإن تأثير الذكاء الاصطناعي على الوظائف يتسم بالتعقيد، حيث يؤدي في بعض الأحيان إلى تقليص عدد الموظفين، بينما يفتح الباب أمام فرص جديدة في مجالات متخصصة.
أجريت الدراسة بالتعاون مع مجموعة من الشركات حول العالم، حيث شملت نحو 1993 مشاركًا من 105 دول، يمثلون مختلف القطاعات والأحجام. وأشارت النتائج إلى أن أقل من 20% من المشاركين أبلغوا عن انخفاض في عدد الموظفين بنسبة 3% أو أكثر خلال العام الماضي، بينما أشار عدد أقل إلى أن الذكاء الاصطناعي ساهم في زيادة التوظيف في مجالات محددة.
تأثير الذكاء الاصطناعي على الوظائف
تتوقع الشركات أن يتسارع تأثير الذكاء الاصطناعي على التوظيف خلال العام المقبل. حيث يتوقع 32% من المشاركين انخفاضًا في عدد موظفيهم، مقابل 43% لا يتوقعون أي تغيير، و13% يتوقعون زيادة في التوظيف ضمن أدوار معينة. وتشير البيانات أيضًا إلى أن الشركات الكبيرة أكثر ميلًا لتقليص القوى العاملة مقارنة بالشركات الصغيرة.
وأظهرت الدراسة أن القطاعات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي بانتظام تشهد تراجعًا في الطلب على بعض الوظائف التقليدية، مثل خدمة العملاء والموارد البشرية والمبيعات والتسويق. في المقابل، ازداد الطلب على أدوار تقنية متقدمة تشمل علماء بيانات الذكاء الاصطناعي، ومهندسي البيانات، ومهندسي التعلم الآلي، ومديري ومنسقي منتجات الذكاء الاصطناعي.
تغير المهارات المطلوبة
توضّح Lareina Yee، الشريكة الإدارية ومديرة معهد ماكينزي العالمي، أن الذكاء الاصطناعي ما يزال في مراحله الأولى داخل كثير من المؤسسات، مما يجعل من الصعب تحديد تأثيره النهائي في حجم الوظائف وطبيعتها. ومع ذلك، تشير إلى أن التغير في المهارات المطلوبة في سوق العمل أصبح واضحًا بالفعل.
وأضافت أن نحو ثلث المشاركين في الدراسة يتوقعون انخفاضًا في عدد الموظفين، بينما لاحظ آخرون زيادة في التوظيف خلال العام الماضي في مجالات مثل تكنولوجيا المعلومات وسلاسل التوريد والمبيعات. وتقول إن “مع توسع تبني الذكاء الاصطناعي، ستزداد أهمية بعض الوظائف بدل أن تختفي، حيث يتطلب النجاح في هذا المجال جاهزية عالية للتعامل مع البيانات الكبيرة وتقنيات التعلم الآلي.”
تُظهر نتائج دراسة شركة ماكينزي أن الذكاء الاصطناعي يعيد تشكيل الوظائف بدلًا من إلغائها، حيث يفتح المجال أمام تخصصات جديدة ومهارات متطورة ستحدد مستقبل العمل في السنوات القادمة.
