أعلنت شركة بلو أوريجن، المتخصصة في مجال الرحلات الفضائية، عن تطوير نسخة أكثر قوة من صاروخها “نيو جلين” (New Glenn)، وذلك بعد النجاح الأخير في رحلتها التجريبية الثانية. يهدف هذا التحديث إلى منافسة صاروخ “ستارشيب” (Starship) التابع لشركة سبيس إكس في مجال إطلاق الأقمار الصناعية والمهام الفضائية الثقيلة. يمثل هذا التطور خطوة مهمة في سعي الشركة لترسيخ مكانتها كلاعب رئيسي في قطاع الفضاء.
كشفت بلو أوريجن عن تصميم “نيو جلين 9×4” الذي يتميز بزيادة عدد المحركات لتسعة في المعزز وأربعة في المرحلة العليا، مقارنة بالتصميم الحالي الذي يضم سبعة ومحركين على التوالي. هذا التحسين الكبير في القدرة الدافعة سيمنح الصاروخ قدرة حمل أكبر بكثير، مما يفتح آفاقًا جديدة للشركات والحكومات التي تسعى لإطلاق حمولات ثقيلة إلى الفضاء. يعكس هذا التوجه استراتيجية بلو أوريجن لتوسيع نطاق خدماتها الفضائية.
تطوير صاروخ نيو جلين: خطوة نحو مهام فضائية أوسع
بعد سنوات من التأخير، تم إطلاق “نيو جلين” بنجاح لأول مرة في يناير. على الرغم من بعض التحديات في الرحلة الأولى، بما في ذلك عدم استعادة المعزز، إلا أن المهمة الأخيرة حققت تقدمًا كبيرًا. التحقيق الذي أجرته إدارة الطيران الفيدرالية حدد إجراءات تصحيحية أدت إلى نجاح الإطلاق الثاني، مما أثبت جدوى الصاروخ.
بالإضافة إلى زيادة عدد المحركات، ستحتوي النسخة الجديدة من “نيو جلين” على واجهة حمولة أكبر، يبلغ طولها 8.7 مترًا (28.5 قدمًا). يتيح هذا الحجم المتزايد للصاروخ استيعاب حمولات أكبر وأكثر تعقيدًا. هذه القدرة تُمكن من دعم مجموعة متنوعة من المهام، بما في ذلك نشر الأقمار الصناعية الكبيرة، والإرساليات لاستكشاف القمر والفضاء السحيق، بالإضافة إلى المهام المتعلقة بالأمن القومي.
المواصفات الفنية لقدرة حمولة “نيو جلين 9×4”
ستتمكن النسخة المطورة من “نيو جلين” من رفع أكثر من 70 طنًا متريًا إلى المدار الأرضي المنخفض (LEO)، وأكثر من 14 طنًا متريًا إلى المدار المتزامن مع الأرض (GEO) مباشرةً، وأكثر من 20 طنًا متريًا إلى حقن عبر القمر. على الرغم من أن هذه الأرقام أقل من قدرة “ستارشيب” التي يمكنها حمل ما يصل إلى 150 طنًا متريًا إلى المدار الأرضي المنخفض، إلا أنها تمثل تحسينًا كبيرًا مقارنة بالنسخة الحالية من “نيو جلين” وتضعها في منافسة مباشرة.
أظهر الرئيس التنفيذي لشركة بلو أوريجن، ديف ليمب، رسمًا توضيحيًا لـ “نيو جلين 9×4” على منصة التواصل الاجتماعي، يظهر الصاروخ إلى جانب صاروخ Saturn V التاريخي الذي استخدمته ناسا لإرسال رواد الفضاء إلى القمر في برنامج Apollo. يوضح هذا الرسم التوضيحي حجم الصاروخ الجديد، والذي يبدو أكبر بكثير من سابقه، ويظهر طموح الشركة في استكشاف الفضاء العميق. هذا الإعلان عزز المنافسة في مجال الوصول إلى الفضاء.
في بيان رسمي، أوضحت بلو أوريجن أن كلا النسختين من “نيو جلين” – 9×4 والنموذج الحالي 7×2 – ستعملان بالتوازي، مما يوفر للعملاء خيارات إطلاق متنوعة. هذا التنوع في الخدمات، والذي يشمل الأبراج الضخمة والمهام القمرية، سيسمح للشركة بتلبية احتياجات مجموعة واسعة من العملاء.
إن نجاح “نيو جلين” في مهمته الثانية يثبت قدرة بلو أوريجن على تحقيق تقدم في مجال تكنولوجيا إطلاق الصواريخ. إن تطوير نسخة “سوبر هيفي” (super heavy) من “نيو جلين” يهدف إلى تعزيز هذه القدرة، مما يسمح للشركة بالمنافسة بشكل فعال على نطاق أوسع في سوق يتزايد فيه الطلب على خدمات الوصول إلى الفضاء. وتشكل الاستثمارات في هذا المجال جزءًا من الجهود الأوسع لتعزيز قطاع الفضاء الخاص.
في الوقت الحالي، لم تعلن بلو أوريجن عن جدول زمني محدد لإطلاق النسخة الأكبر من “نيو جلين”، ولكن يوجد لديها بالفعل خطط إطلاق مزدحمة في عامي 2026 و2027. من المتوقع أن تخضع العملية لاختبارات وتحسينات إضافية لضمان سلامة وموثوقية الصاروخ الجديد. المستثمرون والمراقبون يراقبون عن كثب هذا التطور، ويهتمون بمعرفة مدى قدرة بلو أوريجن على مواجهة تحديات صناعة الفضاء المتغيرة باستمرار.
