تشهد منظومة الذكاء الاصطناعي تطورات متسارعة، وفي قلب هذه التطورات تسعى شركة OpenAI إلى إعادة تعريف دور تطبيق الدردشة الشهير ChatGPT، وتحويله من مجرد أداة للمحادثة الذكية إلى نظام تشغيل متكامل يعتمد على الذكاء الاصطناعي. هذا التحول الطموح قد يغير طريقة تفاعلنا مع التكنولوجيا بشكل جذري، ويضع ChatGPT في صدارة منصات التطبيقات والخدمات الرقمية.
جاءت هذه الخطوة بعد تعيين جلين كوتس، الخبير القادم من Shopify، رئيسًا لقسم “منصة التطبيقات” في OpenAI. وتهدف الشركة من خلال هذا التعيين إلى تسريع عملية تحويل ChatGPT ليصبح نظامًا تشغيليًا قادرًا على استضافة وتشغيل تطبيقات متنوعة، بدلًا من كونه مجرد برنامج يُفتح عند الحاجة.
تطوير ChatGPT: نحو نظام تشغيل ذكي
وفقًا لرئيس ChatGPT في OpenAI، نيك تورلي، فإن الرؤية المستقبلية تتمحور حول جعل ChatGPT أشبه بنظام تشغيل كامل. سيسمح هذا للمستخدمين بالوصول إلى تطبيقات مختلفة مباشرةً من خلال المنصة، مثل تطبيقات الكتابة والبرمجة والتسوق، دون الحاجة إلى التنقل بين برامج متعددة. هذا التوجه يمثل تحولًا استراتيجيًا يتجاوز مجرد إضافة ميزات جديدة إلى التطبيق.
بداية التحول في الميزات الحالية
تشير التحديثات الأخيرة في ChatGPT إلى أن هذا التحول قد بدأ بالفعل. لم يعد التطبيق مقتصرًا على المحادثات النصية، بل أصبح بوابة موحدة للبحث عن المعلومات، وتخزين الذاكرة، وتنفيذ المهام المختلفة باستخدام الذكاء الاصطناعي. إضافةً إلى ذلك، يتيح مفهوم “التطبيقات داخل ChatGPT” للخدمات الخارجية العمل مباشرةً من داخل واجهة المحادثة.
على سبيل المثال، يمكن للمستخدمين الآن الاستفادة من خدمات مثل Tripadvisor و Canva و Spotify مباشرةً داخل ChatGPT. هذا التكامل يسمح بإنجاز مهام متعددة بسلاسة دون الحاجة إلى مغادرة المنصة، مما يعزز فكرة وجود منظومة متكاملة من التطبيقات تعمل داخل ChatGPT.
ما الذي يميز نظام التشغيل عن تطبيق الدردشة؟
تقليديًا، يعمل نظام التشغيل كحلقة وصل أساسية بين المستخدم والتطبيقات والأجهزة المختلفة. بينما يوفر ChatGPT حاليًا واجهة رئيسية للمستخدمين للبحث عن المعلومات وطرح الأسئلة وإنجاز المهام، إلا أنه لا يزال يفتقر إلى القدرة على التنسيق العميق مع الأجهزة والتعامل المباشر مع العتاد الصلب. هذا الجانب يمثل تحديًا رئيسيًا أمام OpenAI لتحقيق رؤيتها.
لذلك، تسعى OpenAI إلى استقطاب خبراء متخصصين في بناء المنصات واسعة النطاق، وهو ما قد يساعدها في سد هذه الفجوة التكنولوجية. هذا الاستقطاب يأتي بالتزامن مع استثمارات طويلة الأجل، مثل التعاون مع مصمم المنتجات الشهير جوني إيف لتطوير جهاز جديد يعتمد على الذكاء الاصطناعي، والذي من المتوقع إطلاقه في عام 2027.
بالإضافة إلى ذلك، تعمل OpenAI على توسيع شراكاتها مع شركات كبرى مثل Adobe و PayPal، مما يعزز من قدرتها على دمج خدمات متنوعة في منصتها. هذه الشراكات الاستراتيجية تساهم في بناء منظومة بيئية متكاملة حول ChatGPT، وتجعله أكثر جاذبية للمطورين والمستخدمين على حد سواء.
مع البنية التحتية المتطورة لمراكز البيانات، والشبكة المتنامية من الشركاء والتطبيقات، يزداد احتمال أن يتطور ChatGPT ليصبح نظام تشغيل قائمًا على الذكاء الاصطناعي. على الرغم من عدم وجود جدول زمني محدد لتحقيق هذا الهدف، إلا أن التوجه الذي تسلكه OpenAI واضح، وقد نشهد في المستقبل تغييرًا جذريًا في شكل ChatGPT ووظيفته، ليصبح منافسًا لأنظمة التشغيل التقليدية مثل iOS و Android.
من المتوقع أن تشهد السنوات القليلة القادمة المزيد من التطورات في هذا المجال، مع التركيز على تحسين قدرات التكامل بين ChatGPT والتطبيقات الأخرى، وتوسيع نطاق الخدمات المتاحة من خلال المنصة. سيكون من المهم متابعة التقدم المحرز في تطوير الجهاز الجديد بالتعاون مع جوني إيف، وتقييم تأثير الشراكات الاستراتيجية على نمو المنظومة البيئية لـ ChatGPT. يبقى السؤال مفتوحًا حول ما إذا كانت OpenAI ستتمكن من تحقيق رؤيتها الطموحة، ولكن المؤشرات الحالية تشير إلى أنها تسير في الاتجاه الصحيح.
