تولى جاريد إسحاقمان، رائد الفضاء التجاري ورجل الأعمال الملياردير، منصب رئيس وكالة ناسا، وسط تحديات كبيرة تواجه البرنامج الفضائي الأمريكي. يتعهد إسحاقمان بإعادة هيكلة الوكالة وزيادة كفاءتها، مع التركيز على تحقيق أهداف طموحة مثل العودة إلى القمر وإطلاق مهمات إلى المريخ. وتطرح “مشروع أثينا”، وهي وثيقة من 62 صفحة تفصل خططه الأولية، نظرة ثاقبة على رؤيته لتحويل وكالة ناسا.
تسربت الوثيقة المذكورة في نوفمبر، وتلقى إسحاقمان أسئلة حولها خلال جلسة تأكيد تعيينه. وأكد إسحاقمان أنه يؤيد مبادئ الوثيقة، لكنه أشار إلى أنها ليست ملزمة وقد تتغير. ويؤكد كيث كاوينج، المحرر في NASA Watch، والذي كان على اطلاع وثيق بالوكالة، صحة الوثيقة المسربة.
إعادة هيكلة شاملة لـ وكالة ناسا: خطة إسحاقمان الأولية
تواجه وكالة ناسا حاليًا تأخيرات في العديد من المشاريع الهامة وتجاوزات في الميزانية. بالإضافة إلى ذلك، يزداد التنافس في مجال استكشاف الفضاء مع عودة الصين بقوة إلى الساحة الفضائية. يهدف إسحاقمان إلى معالجة هذه القضايا من خلال إصلاحات جذرية في الهيكل التنظيمي للوكالة وعملياتها الداخلية.
تقييم القوى العاملة وتحسين سير العمل
من المتوقع أن يبدأ إسحاقمان، في اليوم الثالث من توليه منصبه، بتقييم شامل للقوى العاملة في الوكالة وسير العمل. وتهدف هذه المراجعة إلى تحديد الموظفين الذين يحتاجون إلى دعم إضافي، وأولئك الذين قد يكون من الضروري إعادة توزيعهم أو إنهاء خدماتهم. ويأتي هذا في أعقاب تخفيضات كبيرة في عدد الموظفين شهدتها وكالة ناسا مؤخرًا.
تشمل خطط الإصلاح، وفقًا لمشروع أثينا، تبسيط الهيكل التنظيمي، وإلغاء المناصب الإدارية الزائدة عن الحاجة، وتقليل الاجتماعات غير الضرورية. يركز إسحاقمان على تسريع عملية اتخاذ القرار وتحسين الإنتاجية، مستلهمًا من أساليب العمل المتبعة في القطاع الخاص.
تسريع وتيرة استكشاف المريخ
وبمجرد تحسين الكفاءة الداخلية، يخطط إسحاقمان لإطلاق “مشروع أوليمبوس”، وهو برنامج يهدف إلى إرسال مهمة غير مأهولة إلى المريخ بحلول عام 2026. سيتم التعاون في هذا المشروع مع الصناعة والشركاء الدوليين، ويهدف إلى وضع البنية التحتية اللازمة للبعثات المأهولة المستقبلية.
على الرغم من اعتراف إسحاقمان بأهمية العودة إلى القمر، إلا أنه يرى أنه من الممكن العمل على تحقيق كلا الهدفين في وقت واحد. ويدعم تطوير برنامج الدفع الكهربائي النووي، الذي يوفر قوة دفع هائلة لتمكين الرحلات الفضائية الطويلة.
توحيد قطاع الطيران في وكالة ناسا
يركز جزء كبير من عمل وكالة ناسا على برنامج الرحلات الفضائية، إلا أن قطاع الطيران، الذي يضم مراكز أبحاث مثل أميس وأرمسترونج وجلين ولانجلي، يلعب أيضًا دورًا حيويًا في تطوير تقنيات الطيران الجديدة. يهدف إسحاقمان إلى توحيد الأنشطة المتعلقة بالطيران تحت إدارة واحدة.
وفقًا لمشروع أثينا، سيتم دمج جميع الأنشطة المتعلقة بالطيران في مديرية مهمة واحدة، مع التركيز بشكل أساسي على مركز أبحاث الطيران أرمسترونج. سيتم أيضًا إجراء مراجعة شاملة لجميع البرامج لضمان توافقها مع الأهداف الاستراتيجية للوكالة.
إن توحيد قطاع الطيران يمثل جزءًا من جهود إسحاقمان لتبسيط عمليات وكالة ناسا وتحسين التنسيق بين مختلف المراكز والبرامج. من شأن هذه الخطوة أن تسمح بتخصيص الموارد بشكل أكثر فعالية وتعزيز الابتكار في مجال تكنولوجيا الطيران.
بالإضافة إلى هذه الخطط، من المتوقع أن يركز إسحاقمان أيضًا على تعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص في مجال استكشاف الفضاء. ويؤكد على أهمية الاستفادة من خبرات وقدرات الشركات الخاصة لتسريع وتيرة التقدم التكنولوجي وتقليل التكاليف. وتشمل المصادر الثانوية في هذا السياق الاستثمار في مشاريع الفضاء التجارية والبحث والتطوير في مجال تكنولوجيا الفضاء.
يبقى من غير المؤكد إلى أي مدى سينجح إسحاقمان في تنفيذ هذه الخطط الطموحة، حيث أن العديد منها يتطلب موافقة الكونجرس. ومع ذلك، فمن الواضح أنه عازم على إحداث تغيير كبير في وكالة ناسا. ومن المتوقع أن يقدم إسحاقمان تقييمًا أكثر تفصيلاً لخططه خلال الأشهر القادمة، وأن يبدأ في تنفيذ الإصلاحات اللازمة لتحقيق رؤيته. وسيكون من المهم مراقبة كيفية استجابة الكونجرس والجمهور لهذه التغييرات، وكيف ستؤثر على مستقبل برنامج الفضاء الأمريكي.
في الفترة المقبلة، من المقرر أن يقدم إسحاقمان ميزانية وكالة ناسا للعام المقبل إلى الكونجرس، ومن المتوقع أن تعكس هذه الميزانية أولوياته الرئيسية. وسيكون هذا الاختبار الحقيقي لرؤيته وقدرته على إقناع المشرعين بتبني خططه. ويجب متابعة التطورات المتعلقة بميزانية وكالة ناسا عن كثب، حيث أنها ستحدد مسار البرنامج الفضائي الأمريكي في السنوات القادمة.
