لم يعد مفهوم الذكاء الاصطناعي في مكان العمل مجرد تصور نظري. تعمل الأدوات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي على تسريع العمليات، وإنشاء المحتوى، وتقديم الرؤى بشكل غير مسبوق. ومع ذلك، يجد العديد من المهنيين صعوبة في الاستفادة من هذه الإمكانات، ليس بسبب تعقيد التكنولوجيا، بل بسبب نقص التدريب والمهارات اللازمة لاستخدامها بفعالية.
تأتي أجهزة الكمبيوتر الشخصية المزودة بالذكاء الاصطناعي لتغيير هذا الواقع. هذه الأجهزة من الجيل التالي مجهزة بقدرات محسنة للذكاء الاصطناعي على الجهاز، ونماذج لغوية طبيعية متطورة، وسير عمل ذكي مدمج في نظام التشغيل. هذه التحسينات تهدف إلى إعادة تعريف طريقة العمل الرقمي، وتمكين الموظفين من اكتساب مهارات جديدة والتعاون مع الذكاء الاصطناعي بطرق أكثر سهولة وأمانًا وفعالية.
فجوة المهارات ليست تقنية بقدر ما هي ثقافية
على الرغم من الحديث المتزايد عن “فجوة مهارات الذكاء الاصطناعي”، إلا أن المشكلة ليست بالضرورة تقنية بحتة. تكمن الفجوة الحقيقية في الراحة، وفهم السياق، وبناء الثقة في استخدام هذه الأدوات. لا يتطلب الأمر من العمال أن يصبحوا خبراء في علم البيانات، بل أن يتعلموا كيفية التفاعل مع أدوات الذكاء الاصطناعي، ومراجعة نتائجها، ودمجها في سير العمل اليومي.
أكد توم بتلر، نائب رئيس المنتجات التجارية وإدارة المحافظ الاستثمارية في Lenovo، أن التحدي الأكبر يكمن في سرعة التطور التكنولوجي. وقال بتلر إن التكنولوجيا تتقدم بوتيرة أسرع من قدرة القوى العاملة على اكتساب المهارات اللازمة لمواكبة هذه التغييرات، مما يضع المؤسسات في موقف صعب لمحاولة إبقاء موظفيها على اطلاع دائم.
الحل يكمن في تغيير التركيز. بدلاً من السعي وراء أحدث التقنيات وأكثرها تعقيدًا، يجب على الشركات إعطاء الأولوية لما يسميه بتلر “الطلاقة الرقمية اليومية”. وهذا يشمل القدرة على:
- صياغة طلبات واضحة ومحددة لتحقيق النتائج المرجوة.
- فهم كيفية عمل نماذج الذكاء الاصطناعي، وما هي البيانات التي تحتاجها لإنتاج مخرجات موثوقة.
- التعامل مع الجوانب الأمنية، وفهم كيفية حماية البيانات، وكيفية عمل بيئات الذكاء الاصطناعي المختلطة.
إن تطوير هذه المهارات على نطاق المؤسسة سيحول الذكاء الاصطناعي من مجرد “صندوق أسود” إلى أداة قوية لزيادة الإنتاجية. وعندما يتم دمج هذه المهارات مع الأجهزة المصممة خصيصًا للذكاء الاصطناعي، فإن الإمكانيات تصبح لا حدود لها.
ما الذي يميز أجهزة الكمبيوتر المزودة بالذكاء الاصطناعي؟
تختلف أجهزة الكمبيوتر المزودة بالذكاء الاصطناعي عن الأجهزة التقليدية في أنها لا تعتمد فقط على المعالجة السحابية. بل تقوم بنقل قوة المعالجة إلى الجهاز نفسه، مما يتيح تشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي محليًا. هذا يوفر للمستخدمين استجابات أسرع، وخصوصية أكبر، وقدرة على العمل دون اتصال بالإنترنت.
قد يبدو هذا بمثابة تحسين طفيف، ولكن القدرة على إنشاء محتوى إبداعي بسرعة، أو الحصول على رؤى حول العملاء أثناء مكالمة مبيعات، أو مراجعة سجلات المرضى في الوقت الفعلي، يمكن أن تحدث فرقًا كبيرًا في الكفاءة والإنتاجية. على سبيل المثال، تتضمن محفظة ThinkPad من Lenovo وحدات معالجة عصبية (NPUs) تدعم ميزات مثل الترجمة الفورية، وتلخيص الاجتماعات، وتحسين جودة الصور.
بالإضافة إلى ذلك، تتغير طريقة تفاعل المستخدمين مع الأجهزة. هناك اعتماد أقل على التنقل في القوائم المعقدة أو تعلم تطبيقات جديدة. وبدلاً من ذلك، يمكن للمستخدمين التفاعل مع أجهزة الكمبيوتر المزودة بالذكاء الاصطناعي باستخدام اللغة الطبيعية وسير العمل القائم على النوايا. ببساطة، اطرح سؤالاً، أو قدم طلبًا، ودع النظام يقوم بالباقي.
من الأدوات الرقمية إلى الحكم الرقمي
مع تزايد استقلالية أدوات الذكاء الاصطناعي، تزداد أيضًا المسؤولية. النماذج التوليدية قوية، ولكنها ليست معصومة من الخطأ. يتطلب الاستخدام الفعال للذكاء الاصطناعي القدرة على اكتشاف الأخطاء، والتحقق من التحيز، واتخاذ قرارات مستنيرة بشأن متى يجب التدخل أو التوقف عن استخدام الأداة.
يشير بتلر إلى هذا الجانب باعتباره “الحكم الرقمي”، وهو مهارة أساسية لاستخدام الذكاء الاصطناعي بفعالية. لحسن الحظ، يمكن تدريس هذه المهارة من خلال التدريب المبني على السيناريوهات، حيث يتفاعل الموظفون مع أدوات الذكاء الاصطناعي ويحللون النتائج. كما يمكن للمؤسسات دمج تفاعلات الذكاء الاصطناعي في الأدوات التي يستخدمها الموظفون بالفعل، مثل معالجات النصوص وبرامج العروض التقديمية.
سير العمل يتطور، ومجموعات المهارات يجب أن تتطور معه
يمثل التحول نحو أجهزة الكمبيوتر المزودة بالذكاء الاصطناعي إشارة إلى أن طريقة عملنا تتغير مرة أخرى. لم يعد دور متخصصي التكنولوجيا مقتصرًا على تحديد العمليات أو الأدوات الثابتة. بل يمكنهم الآن تشكيل سير العمل الخاص بهم، وربط سلاسل الأتمتة، وتبسيط المهام المتكررة بطرق كانت تتطلب مطورًا متخصصًا قبل بضع سنوات.
وهذا يخلق مجالًا لفئة جديدة من المهنيين، الذين يسميهم بتلر “أبطال الذكاء الاصطناعي”. هؤلاء ليسوا مهندسين أو مسؤولي تكنولوجيا معلومات، بل موظفين يفهمون طبيعة العمل واكتسبوا القدرة على تطبيق الذكاء الاصطناعي في المواقف العملية اليومية. يمكن اعتبارهم بمثابة مترجمين يقومون بسد الفجوة بين الإمكانيات التكنولوجية والفوائد الملموسة.
التبني الثقافي يسبق التنفيذ التقني
من السهل التركيز على التكنولوجيا نفسها، ولكن كما تعلمت العديد من الشركات، فإن تبني الذكاء الاصطناعي بنجاح يتطلب أكثر من مجرد التنفيذ. يتطلب الأمر بناء الثقة والتشجيع على التجربة.
عندما يتم تشجيع الموظفين على استكشاف إمكانات الذكاء الاصطناعي، وتزويدهم بالشفافية حول كيفية عمل النماذج، وتوفير بيئة آمنة لطرح الأسئلة أو الإبلاغ عن المخاوف، فإن المؤسسات ستشهد تسارعًا في معدل التبني. تركز استراتيجية Lenovo على خلق شعور بالأمان النفسي جنبًا إلى جنب مع التدريب التقني.
النتيجة هي تحول في وجهة نظر الموظفين. ما بدأ بالسؤال “هل سيحل هذا محل وظيفتي؟” يتحول إلى “كيف يمكن أن يساعدني هذا في أداء عملي بشكل أفضل؟”.
بالنظر إلى المستقبل، ستحتاج المؤسسات إلى تجاوز الدورات التدريبية والنظر في البنية التحتية الشاملة للذكاء الاصطناعي. وهذا يشمل دمج أطر الذكاء الاصطناعي المسؤولة في السياسات والإجراءات، وإنشاء آليات لجمع التعليقات حول أداء أدوات الذكاء الاصطناعي، وتحديد أدوار متعددة الوظائف للإشراف على استراتيجية الذكاء الاصطناعي. وكما يقول بتلر، فإن النجاح في هذا العصر الجديد سيعتمد على مدى استعداد المؤسسات لتمكين موظفيها من استخدام الذكاء الاصطناعي بفعالية.
