يتجه البيت الأبيض نحو تفكيك المركز الوطني لأبحاث الغلاف الجوي (NCAR) في كولورادو، وهو قرار يثير قلقًا واسعًا في الأوساط العلمية. هذا الإجراء، الذي يهدد مستقبل أبحاث الطقس الفضائي والجوية، قد يؤثر بشكل كبير على قدرة الولايات المتحدة على التنبؤ بالعواصف الشمسية وحماية البنية التحتية الحيوية. أعلن مدير مكتب الإدارة والميزانية بالبيت الأبيض عن هذه الخطة المثيرة للجدل، واصفًا المركز بأنه “أحد أكبر مصادر الإنذار المناخي في البلاد”.
المركز الوطني لأبحاث الغلاف الجوي، وهو مؤسسة بحثية رائدة تأسست قبل أكثر من ستة عقود، يقع في بولدر، كولورادو. تعتمد العديد من الدراسات المتعلقة بتغير المناخ والطقس على البيانات والتحليلات التي يقدمها المركز. الآن، يواجه المركز خطرًا حقيقيًا بالإغلاق، مما يثير تساؤلات حول مستقبل التمويل الحكومي للعلوم البيئية.
تداعيات على أبحاث الطقس الفضائي
لا تقتصر أهمية المركز الوطني لأبحاث الغلاف الجوي على دراسة الطقس الأرضي فحسب، بل يمتد ليشمل الطقس الفضائي وتأثيره على كوكبنا. يقوم المركز بإجراء أبحاث متقدمة حول النشاط الشمسي والرياح الشمسية، وكيفية تفاعلها مع المجال المغناطيسي للأرض. هذه الأبحاث ضرورية لحماية الأقمار الصناعية وشبكات الطاقة وأنظمة الاتصالات من العواصف الشمسية المدمرة.
مهام ناسا المهددة
تعتمد حاليًا مهمتان قادمتان لوكالة ناسا لدراسة الشمس بشكل مباشر على العمل الذي قام به علماء المركز الوطني لأبحاث الغلاف الجوي. إحدى هذه المهام، “مستكشف المغناطيسية الكروموسفيرية” (CMEx)، تقودها عالمة من المركز، هولي جيلبرت. تهدف هذه المهمة إلى فهم أصل الانفجارات الشمسية وتحديد مصادر الرياح الشمسية.
المهمة الأخرى، “مستكشف الأشعة فوق البنفسجية للمنطقة الانتقالية للطاقة الشمسية” (STRUVE)، بقيادة عالم آخر من المركز، ألفريد دي وين. ستجمع هذه المهمة بيانات حول المناطق التي تتراكم فيها الطاقة التي تغذي العواصف الشمسية. وفقًا لوكالة ناسا، فإن هذه المهام ستساعد في تحسين قدرتنا على التنبؤ بالأحداث الشمسية التي يمكن أن تضر بالأقمار الصناعية وتعرض رواد الفضاء للخطر.
خلفية القرار وتداعياته
يأتي هذا القرار في سياق سياسات إدارة ترامب السابقة التي اتسمت بالتشكيك في تغير المناخ وتقليص التمويل المخصص للأبحاث العلمية. وقد تضمنت هذه السياسات اقتراح تخفيضات كبيرة في ميزانية وكالة ناسا ومسح البيانات المناخية من المواقع الحكومية. يعتبر النقاد هذا الإجراء الأخير بمثابة هجوم جديد على المجتمع العلمي وجهوده المبذولة لفهم التحديات البيئية التي تواجه العالم.
يرى خبراء في مجال الفلك أن البحث الذي يتم إجراؤه في المركز الوطني لأبحاث الغلاف الجوي ضروري لفهم المخاطر المرتبطة بالطقس الفضائي، بالإضافة إلى دراسة الأجواء الكوكبية الأخرى. وقد دعت الجمعية الفلكية الأمريكية الكونجرس إلى التدخل والتحقيق في قرار مؤسسة العلوم الوطنية (NSF) بشأن المركز.
ردود الفعل والجهود المضادة
أثار قرار البيت الأبيض ردود فعل غاضبة من قبل العلماء والسياسيين. وقد أيد العديد من المشرعين الأمريكيين تشريعات تهدف إلى إلغاء التخفيضات المقترحة للبحث العلمي في وكالة ناسا ووكالات أخرى. ومع ذلك، لا يزال مصير المركز الوطني لأبحاث الغلاف الجوي معلقًا، ولا يزال من غير الواضح كيف سيتم التعامل مع الأنشطة البحثية التي يقوم بها المركز إذا تم تفكيكه.
أشار بيان صادر عن مكتب الإدارة والميزانية إلى أن الأنشطة البحثية التي يقوم بها المركز يمكن أن تتولاها منظمات أخرى، لكن لم يتم تقديم تفاصيل حول كيفية اتخاذ هذه القرارات. هذا الغموض يثير المزيد من القلق بشأن مستقبل الأبحاث العلمية في الولايات المتحدة.
الخطوات القادمة
من المتوقع أن يناقش الكونجرس الأمريكي مسألة تمويل الأبحاث العلمية في مشاريع قوانين الإنفاق التي يجب أن يتم إقرارها بحلول 30 يناير. سيكون هذا الموعد النهائي حاسمًا في تحديد مصير المركز الوطني لأبحاث الغلاف الجوي ومستقبل العلوم المناخية والفضائية في الولايات المتحدة. سيراقب المراقبون عن كثب المفاوضات بين الكونجرس والإدارة لمعرفة ما إذا كان سيتم التوصل إلى حل يحمي التمويل الحكومي للأبحاث العلمية.
