في ظل التطورات المتسارعة في مجال التكنولوجيا، يشهد الذكاء الاصطناعي (Artificial Intelligence) طلباً غير مسبوق، مما يدفع الشركات الرائدة مثل جوجل إلى استثمارات ضخمة لتلبية هذا الطلب. كشفت جوجل عن خطط جريئة لمضاعفة حجم بنيتها التحتية من الخوادم كل ستة أشهر، وذلك بهدف مواكبة الاحتياجات المتزايدة من القوة الحسابية لتشغيل تطبيقات و نماذج الذكاء الاصطناعي المتقدمة. هذه الخطوة تؤكد على الأهمية الاستراتيجية التي توليها جوجل لهذا المجال، وتوضح التحديات التي تواجهها الشركات في بناء وتطوير البنية التحتية اللازمة.
جوجل تستثمر مليارات الدولارات في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي
أعلن أمين وحدات، رئيس البنية التحتية للذكاء الاصطناعي في جوجل، عن هذه الخطة الطموحة خلال اجتماع داخلي في 6 نوفمبر. ووفقاً لتقارير صحفية، فإن هذا المعدل من النمو سيؤدي إلى زيادة قدرة جوجل الحاسوبية بألف ضعف خلال السنوات الأربع أو الخمس القادمة. يعتبر هذا الاستثمار كبيراً، لكنه يبدو قابلاً للتحقيق بالنظر إلى الأداء المالي القوي للشركة الأم، Alphabet.
فقد أعلنت Alphabet عن نتائج إيجابية للربع الثالث من العام، ورفعت توقعات الإنفاق الرأسمالي إلى 93 مليار دولار، مقارنة بـ 91 مليار دولار سابقاً. يعكس هذا الارتفاع التزام الشركة بتوسيع بنيتها التحتية، خاصة في مجال التعلم الآلي (Machine Learning) الذي يعتبر حجر الزاوية في تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي.
ضرورة الاستثمار لمواجهة “فقاعة الذكاء الاصطناعي”
أكد وحدات على أهمية الاستثمار المستمر في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي، مشيراً إلى أن عدم القيام بذلك قد يكون له عواقب وخيمة. وأوضح أن التقدم في مجال الحوسبة السحابية يعتمد بشكل كبير على توفر قوة حسابية كافية، قائلاً: “إن خطر قلة الاستثمار مرتفع جداً (…) كان من الممكن أن تكون أرقام السحابة أفضل بكثير لو كان لدينا المزيد من الحوسبة.”
تشهد أعمال Google السحابية نمواً مطرداً بنسبة 33% سنوياً تقريباً، مما يوفر تدفقاً نقدياً قوياً يسمح للشركة بتخفيف المخاطر التي قد تصاحب الاستثمار في تقنيات جديدة وناشئة.
التحديات التي تواجه بناء البنية التحتية للذكاء الاصطناعي
لا يقتصر التحدي على زيادة عدد الخوادم، بل يتعلق أيضاً ببناء بنية تحتية متينة ومرنة قادرة على التعامل مع المتطلبات المعقدة لتطبيقات الذكاء الاصطناعي. وفقاً لماركوس نيسبل من شركة Extreme Networks، فإن البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات هي العامل الحاسم الذي يحدد نجاح أو فشل مشاريع الذكاء الاصطناعي التوليدي (Generative AI).
ويشير نيسبل إلى أن العديد من مشاريع الذكاء الاصطناعي تفشل بسبب:
- الاعتماد على أنظمة قديمة غير قادرة على تحمل أعباء العمل الثقيلة.
- عدم توفر مرافق حوسبة في الوقت الفعلي ومرافق طرفية.
- تجزئة البيانات وصعوبة الوصول إليها.
هذه العوامل تؤدي إلى تأخير في إطلاق المشاريع، وضعف في أداء نماذج الذكاء الاصطناعي، وفقدان للفرص في اتخاذ القرارات في الوقت المناسب.
استثمارات ضخمة من عمالقة التكنولوجيا
إن إدراك هذه التحديات يدفع الشركات الكبرى إلى استثمارات ضخمة في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي. من المتوقع أن يصل الإنفاق الرأسمالي لشركات جوجل ومايكروسوفت وأمازون وميتا إلى 380 مليار دولار هذا العام، مع التركيز بشكل خاص على تطوير البنية التحتية اللازمة لتشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي.
تؤكد هذه الاستثمارات على الرسالة الواضحة: بناء بنية تحتية قوية وموثوقة هو المفتاح لتبني تقنيات الذكاء الاصطناعي بنجاح. يتطلب ذلك بنية تحتية مرنة وقادرة على التكيف مع الاحتياجات المتغيرة، بالإضافة إلى توحيد البيانات لتسهيل الوصول إليها واستخدامها.
مستقبل الذكاء الاصطناعي يتوقف على البنية التحتية
على الرغم من التوقعات بحدوث بعض التعديلات في سوق الذكاء الاصطناعي خلال الأشهر القادمة، يُعتقد أن الشركات القادرة على تطوير وإدارة بنية تحتية قوية للذكاء الاصطناعي، مثل جوجل، ستكون في وضع أفضل للاستفادة من الفرص المتاحة وتقديم تقنيات مبتكرة.
إن الشركات التي تستثمر في بناء بنية تحتية فعالة ستكون قادرة على:
- تشغيل أجهزة أكثر كفاءة، مثل وحدات معالجة Tensor من الجيل السابع.
- استخدام نماذج لغوية كبيرة (LLM) أكثر تطوراً.
- تقديم قيمة أكبر لعملائها من خلال تطبيقات الذكاء الاصطناعي.
باختصار، يمثل الاستثمار في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي عنصراً أساسياً لنجاح الشركات في هذا المجال، وستكون الشركات القادرة على التغلب على التحديات المتعلقة بالبنية التحتية هي التي ستقود مستقبل التحول الرقمي (Digital Transformation) القائم على الذكاء الاصطناعي.
لمعرفة المزيد: يمكنكم زيارة معرض الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة في أمستردام وكاليفورنيا ولندن للاطلاع على أحدث التطورات في هذا المجال. رابط المعرض
(مصدر الصورة: “Construction Site” by tomavim licensed under CC BY-NC 2.0.)
