شهدت العاصمة الروسية موسكو انعقاد المؤتمر الدولي الثامن “رحلة إلى عالم الذكاء الاصطناعي” (AI Journey)، وذلك في المدة الممتدة من 22 إلى 24 من نوفمبر من العام الحالي.
وشارك في المؤتمر أكثر من 200 متحدث من دول مختلفة، ومنها: روسيا والهند والصين والبرازيل وماليزيا وإندونيسيا والإمارات العربية المتحدة وجنوب أفريقيا وغيرها من البلدان. وناقش المشاركون الاتجاهات العالمية في مجال الذكاء الاصطناعي واستعرضوا أحدث التطورات وتطبيقاتها في العلوم الحديثة والأعمال والحياة العامة بشكل عام.
أصبحت شعبية الذكاء الاصطناعي وطلبه يتزايدان كثيراً يوماً بعد يوم بالمعنى الحرفي للكلمة. ويتمثل أحد أهداف المؤتمر في إخبار العالم بأن الذكاء الاصطناعي كأداة يُمكنه أن يساعد البشرية بشكل كبير في مختلف المجالات. وقد أجمع الخبراء المجتمعون على أن التطورات الجديدة تغير بنشاط حياة الناس للأفضل. ومن ثم، فإن الحلول القائمة على الذكاء الاصطناعي أصبحت تدخل في العديد من مجالات الاقتصاد والمجال الاجتماعي. وهذا الأمر ينطبق على روسيا والعالم بأسره على حد سواء. وقد أصبح هذا الموضوع محوراً لمناقشات اليوم الأول من مؤتمر “رحلة إلى عالم الذكاء الاصطناعي” (AI Journey).
وركزت المناقشات بشكل أساسي على النماذج اللغوية الكبيرة. وفي هذا الاتجاه، قدمت الشركات الروسية مساهمتها هي الأخرى أيضاً. على سبيل المثال: قامت شركة “سبير” بتطوير خدمة GigaChat واستخدامه بنجاح. بالإضافة إلى ذلك، قدمت الشركة نسخة محدثة من شبكتها العصبونية Kandinsky 3.0، وهو نموذج للذكاء الاصطناعي التوليدي المخصص للإبداع، الذي يحمل اسم أحد أشهر فناني القرن العشرين “فاسيلي كاندينسكي”، الذي بات يفهم أيضاً الآن الاستعلامات النصية بشكل أفضل ويستطيع إنشاء صور واقعية ولوحات فنية ورسومات تخطيطية في ثوانٍ معدودة. إن شبكة كاندينسكي Kandinsky 3.0 هي شبكة عصبونية مناسبة وعملية، والأهم من ذلك، أنها شبكة عصبونية مجانية للإبداع. علاوة على ذلك، فهي تدعم الاستعلامات بأكثر من 100 لغة وليس هناك قيود على حدود اختيار الأسلوب.
توفر هذه الشبكة العصبونية التي تقدمها شركة “سبير” مجموعة واسعة من الوظائف والإمكانات. فقد قدم النائب الأول لرئيس مجلس إدارة شركة سبيربنك (ألكسندر فيدياخين) Kandinsky Video، كأول نموذج في روسيا لإنشاء مقاطع فيديو كاملة تصل مدتها إلى 8 ثوانٍ. وستتيح هذه الشبكة العصبونية إنشاء مقاطع فيديو أصلية مجاناً. ووفقاً للمبدعين، يفتح النموذج فرصاً واسعة للإبداع وحل المشكلات اليومية، مما يوفر للأشخاص طرقاً جديدة للتعبير عن أفكارهم وتنفيذها.
يتجلى تفرد الفيديو الذي أنشئ في Kandinsky Video في حقيقة أن الصورة تتشكل بسبب حركة كل من العنصر والخلفية. على عكس الرسوم المتحركة، حيث تتحرك الكاميرا ببساطة عبر إطار ثابت. وتبلغ دقة الفيديو 512 × 512 بكسلًا، ويمكن تعديل نسبة العرض إلى الارتفاع حسب رغبة المستخدم.
يدرَّب النموذج على 300 ألف من مقاطع الفيديو المنشأة من خلال النصوص؛ التي لا تستغرق عملية إنشاء مقطع الفيديو أكثر من ثلاث دقائق.
وقد طَور شبكة Kandinsky العصبونية باحثون من Sber AI بدعم شراكة من علماء من معهد AIRI للذكاء الاصطناعي على مجموعة البيانات المدمجة لـ Sber AI وشركة SberDevices.
ويمكن للمهتمين بسهولة تقييم فوائد الشبكة العصبونية من خلال التقدم بطلب للوصول. على سبيل المثال، من خلال fusionbrain.ai وفي Telegram bot.
ومع ذلك، فإن الذكاء الاصطناعي لا يخترق المجالات الإبداعية فحسب، بل يتغلغل أيضاً في أكثر المجالات تقليدية وتحفظاً، مثل مجال الرعاية الصحية. ويوجد اليوم بالفعل مساعد تشخيصي يساعد الأطباء على إجراء التشخيص النهائي من خلال تحليل البيانات من السجلات الطبية الإلكترونية. إن تجربة روسيا في استخدام الذكاء الاصطناعي في الطب يمكن أن تصبح مثالاً يحتذي به العالم أجمع. إذ تُستخدم تقنيات الرؤية الحاسوبية لتحليل الصور الطبية مثل الأشعة المقطعية والأشعة السينية والتصوير الشعاعي للثدي. وتُملأ المستندات الطبية تلقائياً عن طريق الصوت، ويتم تشخيص الأمراض المختلفة. كما اقترح الباحثون أيضًا طريقة H2D التي تولد تلقائيًا فرضيات حول العلاقات بين الأمراض.
ومن هذه الأمثلة يتضح أن استخدام الذكاء الاصطناعي يساهم بشكل كبير في إنقاذ الأرواح وتحقيق التقدم في مجال الرعاية الصحية. وفي هذا الصدد، يمكن أن تكون الشبكات العصبونية مفيدة أيضاً في صناعة التأمين في تحليل المخاطر. مما يسمح بتحديد أكثر دقة للتعريفات وخفض التكاليف. وفي الوقت الحالي، يُدرب الذكاء الاصطناعي على البيانات التاريخية.
وقد وزعت في اليوم الأول للمؤتمر جوائز على أفضل المقالات في مجموعة علمية عن الذكاء الاصطناعي، وأعلنت نتائج مسابقتي الذكاء الاصطناعي للكبار والصغار؛ وهما: تحدي الذكاء الاصطناعي (AI Challenge)، المخصصة للمشاركين الذين تقل أعمارهم عن 18 عاماً، ومسابقة الذكاء الاصطناعي (AIJ Contest) المخصصة للباحثين البالغين. وشارك في مسابقة الأطفال 251 فريقًا من 47 دولة، ومن بين البالغين كان هناك 1300 شخص من 20 دولة.
ويمكن مشاهدة المؤتمر من أي مكان في العالم؛ إذ بُثَّ بثلاث لغات هي: الروسية والإنجليزية، ولأول مرة باللغة العربية.