أحد أبرز التطورات في مجال الذكاء الاصطناعي هو ظهور ما يُعرف بـ “المهارات” (Skills) لروبوتات الدردشة مثل ChatGPT و Gemini، وهي أدوات تتيح للمستخدمين توجيه هذه الروبوتات لأداء مهام محددة بكفاءة أكبر. هذه المهارات، التي تعتمد على تعليمات لغوية طبيعية، تسعى إلى حل مشكلة “الصندوق الأسود” التي تواجه المستخدمين عند التعامل مع هذه التقنيات المعقدة. تهدف هذه التقنية الجديدة إلى تبسيط عملية الاستفادة من قدرات الذكاء الاصطناعي، خاصة في المهام التي تتطلب خطوات متعددة.
أعلنت شركة Anthropic، مطورة روبوت الدردشة Claude، مؤخرًا عن إطلاق “مهارات العميل” (Agent Skills) كأداة مفتوحة المصدر. تسمح هذه الأداة بتعريف مهام معينة للوكيل الذكي باستخدام أوصاف بسيطة باللغة الطبيعية. وفي الوقت نفسه، تشير التقارير إلى أن OpenAI، مطورة ChatGPT، تعمل على إضافة دعم مماثل للمهارات، وقد يصبح متاحًا قريبًا، بالإضافة إلى خيار تحويل نماذج GPT المخصصة إلى مهارات.
ما هي **المهارات** (Skills) وكيف تعمل؟
ليست فكرة المهارات جديدة تمامًا؛ فقد سبقتها ميزات مشابهة في منصات أخرى. فقد قدمت ChatGPT بالفعل “نقاط GPT المخصصة” (Custom GPTs)، بينما أطلقت Gemini ميزة “Gems”. حتى متصفحات الذكاء الاصطناعي مثل Dia و Perplexity’s Comet تتيح للمستخدمين إنشاء اختصارات ومهام مخصصة.
تكمن أهمية المهارات في سهولة إنشائها، حيث لا تتطلب أي خبرة برمجية أو تقنية متقدمة. يمكن للمستخدمين ببساطة استخدام اللغة الطبيعية لوصف المهمة المطلوبة، وتحديد اسم لها. على سبيل المثال، يمكن إنشاء مهارة للبحث العلمي عن طريق إعطاء التعليمات التالية: “عندما يتم تقديم عبارة أو مصطلح، ابحث عنه في المجلات التي يراجعها النظراء والمنشورات العلمية، وابحث عن الأبحاث الأكثر اقتباسًا، وقم بتلخيص النتائج الأساسية في شكل نقاط.”
هذا يعني أنه بدلًا من كتابة تعليمات مفصلة في كل مرة، يمكن للمستخدم استدعاء المهارة بالاسم وتنفيذ الاستعلام بسرعة. فبدلًا من كتابة مطالبة طويلة، يمكن للمستخدم ببساطة كتابة “/البحث عن مشروع مانهاتن” للحصول على النتائج المطلوبة بالطريقة المحددة مسبقًا.
المعيار المفتوح وأهميته
تعتبر منصة Agent Skills التي طورتها Anthropic ذات أهمية خاصة لأنها تعتمد على معايير مفتوحة. هذا يعني أن المهارات التي يتم إنشاؤها ستكون قابلة للاستخدام عبر مختلف روبوتات الدردشة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي، مثل Claude و Copilot و Gemini و ChatGPT. وهذا يمثل خطوة نحو قابلية التشغيل البيني (interoperability) في مجال الذكاء الاصطناعي.
لماذا يركز المطورون على تطوير **المهارات**؟
تعتبر المهارات بمثابة وسيلة لتقليل الاعتماد على كتابة المطالبات المعقدة (prompt engineering) في كل مرة. فهي توفر طريقة أكثر تنظيمًا وقابلية لإعادة الاستخدام لتوجيه روبوتات الدردشة. بالإضافة إلى ذلك، فإن المعيار المفتوح يتيح للمطورين إنشاء مهارات يمكن مشاركتها واستخدامها عبر منصات مختلفة، مما يعزز التعاون والابتكار في هذا المجال.
تساعد هذه الأدوات أيضًا في تحسين دقة وموثوقية النتائج التي تقدمها روبوتات الدردشة. من خلال تحديد خطوات واضحة ومحددة للمهمة، يمكن تقليل احتمالية حدوث أخطاء أو تفسيرات خاطئة. وهذا مهم بشكل خاص في التطبيقات التي تتطلب معلومات دقيقة وموثوقة، مثل البحث العلمي أو التحليل المالي.
تعتبر القدرة على تخصيص روبوتات الدردشة من خلال المهارات ميزة رئيسية للمستخدمين الذين يحتاجون إلى حلول مخصصة لمشاكلهم الخاصة. فبدلًا من الاعتماد على روبوتات الدردشة العامة، يمكن للمستخدمين إنشاء مهارات مصممة خصيصًا لتلبية احتياجاتهم الفريدة. وهذا يفتح الباب أمام مجموعة واسعة من التطبيقات المحتملة، بدءًا من المساعدة الشخصية وحتى دعم العملاء المتخصص.
بالإضافة إلى ذلك، فإن تطوير المهارات يمثل فرصة للمطورين لإنشاء أدوات وخدمات جديدة تعتمد على الذكاء الاصطناعي. يمكن للمطورين إنشاء مهارات متخصصة في مجالات معينة، مثل الترجمة أو كتابة المحتوى أو تحليل البيانات، وتقديمها للمستخدمين كخدمات مدفوعة. وهذا يمكن أن يخلق سوقًا جديدًا للذكاء الاصطناعي ويساهم في نمو هذا المجال.
في الختام، يمثل تطوير **المهارات** (Skills) لروبوتات الدردشة خطوة مهمة نحو جعل الذكاء الاصطناعي أكثر سهولة وفعالية. من المتوقع أن تستمر OpenAI و Anthropic في تطوير هذه الميزة، وقد نشهد قريبًا المزيد من الأدوات والخدمات التي تعتمد على المهارات. من المهم متابعة التطورات في هذا المجال، خاصة فيما يتعلق بمعايير قابلية التشغيل البيني (interoperability) والفرص المتاحة للمطورين.
