أثار معرض فني في ميامي جدلاً واسعاً بتقديمه روبوتات على شكل كلاب آلية تحمل صوراً لرموز تكنولوجية وفنية بارزة، وتنتج “شهادات” غريبة تشبه البراز. هذا العمل الفني المثير للجدل، الذي يحمل عنوان “حيوانات عادية”، يطرح أسئلة حول العلاقة المتغيرة بين الفن والجمهور والذكاء الاصطناعي، ويستكشف فكرة المراقبة المتبادلة بين العمل الفني والناظر إليه.
يُقام المعرض ضمن فعاليات “آرت بازل ميامي” ويستمر حتى يوم الأحد 7 ديسمبر. التركيبات الفنية، من ابتكار الفنان الرقمي مايك وينكلمان المعروف باسم “Beeple”، تعرض كلاباً آلية مجهزة بكاميرات تقوم بمسح الحضور ثم “إخراج” طبعات تشبه صور البولارويد التي ينتجها الذكاء الاصطناعي.
الكلاب الآلية والوجوه التكنولوجية: عمل فني يثير التساؤلات
تتميز الكلاب الآلية بوجوه رقمية نابضة بالحياة لشخصيات مؤثرة مثل إيلون ماسك، مارك زوكربيرج، وجيف بيزوس، بالإضافة إلى أساطير الفن مثل آندي وارهول وبابلو بيكاسو. هذا الاختيار يهدف إلى إبراز تأثير قادة التكنولوجيا والفنانين على تشكيل رؤيتنا للعالم، وفقاً لتصريحات الفنان.
الأمر الأكثر غرابة هو أن هذه الكلاب الآلية، بعد مسح الزوار، تقوم بإخراج “شهادات” تحمل رسالة “وضع البراز” على شاشة LED مثبتة على ظهرها. هذه الشهادات، التي تبدو وكأنها فضلات، تحمل وصفاً مفصلاً يؤكد أنها “تم اختبارها والتحقق منها على أنها فضلات كلاب عضوية نقية وخالية من الكائنات المعدلة وراثيًا بنسبة 100%، مصدرها فتحة شرج كلب بالغ متوسط الحجم”.
الذكاء الاصطناعي والمراقبة المتبادلة
يرى Beeple أن هذا العمل الفني يتجاوز مجرد التفاعل التقليدي مع الفن. ويقول إن التركيبة تطرح سؤالاً حول ما إذا كان فعل النظر إلى الفن سيتحول إلى جزء من حلقة ردود فعل، حيث يراقب العمل الفني المشاهد ويتعلمه ويتذكره.
هذا المفهوم يرتبط ارتباطاً وثيقاً بتطور الذكاء الاصطناعي وتأثيره المتزايد على حياتنا. وفقاً لـ Beeple، فإننا سنرى العالم بشكل متزايد من خلال عدسة الذكاء الاصطناعي، مما يجعل فهم كيفية عمل هذه التقنية وكيف تشكل تصوراتنا أمراً بالغ الأهمية. التركيز على الروبوتات هنا يمثل استكشافاً لهذه العلاقة الجديدة.
تفاعل الجمهور وردود الفعل
أثار المعرض ردود فعل متباينة بين الزوار والنقاد. بينما وجد البعض فيه تعبيراً فريداً ومثيراً للتفكير حول دور الذكاء الاصطناعي في الفن والمجتمع، اعتبره آخرون استفزازياً وغير ضروري. الجدل الدائر حول هذا العمل الفني يعكس التحديات التي تواجهها الفنون المعاصرة في التعامل مع القضايا التقنية والاجتماعية المعقدة.
يعتبر Beeple من الأسماء البارزة في عالم الفن الرقمي، وقد اشتهر ببيع عمله الفني NFT “كل يوم: أول 5000 يوم” بمبلغ قياسي قدره 69 مليون دولار في عام 2021. هذا النجاح عزز مكانته كفنان رائد في مجال الرموز غير القابلة للاستبدال (NFTs) وأثار نقاشاً واسعاً حول مستقبل الفن والتكنولوجيا. الاهتمام المتزايد بـ الفن الرقمي ساهم في إبراز أعماله.
بالإضافة إلى ذلك، يمثل هذا المعرض جزءاً من اتجاه أوسع نحو دمج التكنولوجيا في الفن. يشهد عالم الفن اليوم تطورات متسارعة في استخدام الذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي والواقع المعزز لإنشاء تجارب فنية جديدة وغامرة. هذه التطورات تفتح آفاقاً واسعة للفنانين والمبدعين لاستكشاف أشكال تعبيرية مبتكرة والتواصل مع الجمهور بطرق جديدة.
من المتوقع أن يستمر الجدل حول هذا العمل الفني في الأيام القليلة المتبقية من المعرض. سيراقب المهتمون بمجال الفن الرقمي ردود فعل الجمهور والنقاد، بالإضافة إلى أي تصريحات إضافية من الفنان Beeple. من المرجح أن يؤثر هذا المعرض على النقاشات الدائرة حول دور التكنولوجيا في الفن والمجتمع، وقد يلهم فنانين آخرين لتبني أساليب مبتكرة في أعمالهم. تطورات التكنولوجيا والفن ستظل محط اهتمام.
في الختام، يمثل معرض “حيوانات عادية” في آرت بازل ميامي نقطة تحول في استكشاف العلاقة بين الفن والذكاء الاصطناعي. من المنتظر أن يترك هذا العمل الفني أثراً دائماً في عالم الفن الرقمي، وأن يثير المزيد من التساؤلات حول مستقبل الإبداع والتعبير في عصر التكنولوجيا. سيستمر البحث عن طرق جديدة لدمج الابتكار التكنولوجي في الفن.
