أظهر استطلاع حديث أجرته خدمة البث المباشر Deezer بالتعاون مع Ipsos أن غالبية المستمعين لا يمكنهم التمييز بين الموسيقى التي ينتجها الإنسان والموسيقى التي يتم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي. هذا الاكتشاف يثير تساؤلات حول مستقبل صناعة الموسيقى وتأثير الذكاء الاصطناعي في الموسيقى على الفنانين والمستهلكين على حد سواء.
شمل الاستطلاع أكثر من 9000 شخص في ثمانية بلدان مختلفة، وكشف عن نتائج مذهلة. حيث لم يتمكن 97% من المشاركين من تحديد ما إذا كانت الأغنية التي يستمعون إليها قد صُنعت بواسطة إنسان أو عن طريق الذكاء الاصطناعي في اختبار أعمى. والأكثر إثارة للقلق، أن أكثر من نصف المستجيبين (52٪) عبروا عن قلقهم بعد أن علموا بأنهم غير قادرين على التمييز.
تأثير الذكاء الاصطناعي في الموسيقى: مخاوف متزايدة
تأتي هذه النتائج في وقت تشهد فيه تقنيات الذكاء الاصطناعي تطورات سريعة في مجال إنتاج الموسيقى. أصبح بإمكان الذكاء الاصطناعي الآن تأليف مقطوعات موسيقية كاملة، وإنشاء كلمات الأغاني، وحتى تقليد أسلوب فنانين مشهورين. يثير هذا التطور تساؤلات حول أصالة الإبداع الموسيقي وحقوق الملكية الفكرية.
تشير نتائج الاستطلاع إلى انقسام كبير في وجهات النظر حول استخدام الذكاء الاصطناعي في الموسيقى. ففي حين يعتقد حوالي نصف المشاركين أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون أداة مفيدة لاكتشاف موسيقى جديدة، إلا أن الغالبية العظمى (64٪) يشعرون بالقلق من أنه قد يؤدي إلى إفقار الإبداع في هذا المجال. كما يعرب 70٪ من المستجيبين عن مخاوفهم من فقدان الفنانين لوظائفهم بسبب انتشار الموسيقى المولدة بالذكاء الاصطناعي.
المطالبة بالشفافية والعدالة
بالإضافة إلى ذلك، أظهر الاستطلاع رغبة قوية في تنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي في الموسيقى. فقد أكد 80٪ من المشاركين على ضرورة تصنيف الأغاني التي تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي بشكل واضح. ويرى 65٪ منهم أنه لا ينبغي السماح لشركات الذكاء الاصطناعي بالتدريب على الموسيقى المحمية بحقوق الطبع والنشر دون الحصول على إذن مسبق ودفع تعويضات عادلة.
تحديات تواجه صناعة البث المباشر
تُعدّ هذه النتائج بمثابة ناقوس خطر لصناعة البث المباشر الموسيقى مثل Spotify و Apple Music و Deezer. فمع تزايد توافر الموسيقى المولدة بالذكاء الاصطناعي على هذه المنصات، يصبح من الصعب على المستمعين معرفة مصدر الموسيقى التي يستمتعون بها. قد يؤدي هذا إلى تآكل الثقة في هذه الخدمات وتقليل الدعم للفنانين الحقيقيين.
يتسبب هذا التطور في صعوبة متزايدة على الفنانين في حماية أعمالهم وضمان حصولهم على مستحقاتهم. فقد يجدون أنفسهم في مواجهة منافسة غير عادلة من الموسيقى المولدة بالذكاء الاصطناعي، والتي يمكن إنتاجها بتكلفة أقل بكثير. وهذا يهدد سبل عيشهم ويقلل من حافزهم على الإبداع.
هناك أيضًا خطر من أن قوائم التشغيل “الاكتشاف” الشهيرة قد تمتلئ بالموسيقى التي أنشأها الكمبيوتر دون علم المستمعين. وهذا قد يؤدي إلى تراجع جودة الموسيقى المتاحة وتقليل تنوع الأساليب الموسيقية.
خطوات Deezer نحو الشفافية
تعتبر Deezer من أوائل الشركات التي تتخذ إجراءات ملموسة لمعالجة هذه المخاوف. تعهدت الشركة بوضع علامات واضحة على أي مسار موسيقي تم إنشاؤه بالكامل بواسطة الذكاء الاصطناعي. تهدف هذه الخطوة إلى توفير الشفافية للمستمعين وتمكينهم من اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن الموسيقى التي يستهلكونها. تعتبر هذه المبادرة جزءاً من نقاش أوسع حول دور الخوارزميات في تشكيل تجربة الاستماع.
في حين أن مبادرة Deezer هي خطوة إيجابية، إلا أنها لا تمثل حلاً كاملاً للمشكلة. يجب على الصناعة الموسيقية بأكملها العمل معًا لتطوير معايير واضحة لتنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي في الموسيقى. يشمل ذلك تحديد حقوق الملكية الفكرية للموسيقى المولدة بالذكاء الاصطناعي، وضمان حصول الفنانين على تعويضات عادلة عن استخدام أعمالهم في تدريب هذه التقنيات.
من المتوقع أن يشهد عام 2025 تصعيداً في الجدل الدائر حول تدريب الذكاء الاصطناعي، وكيفية تعويض الفنانين، وما إذا كان هناك تعريف واضح للموسيقى “الحقيقية”. ستكون مبادرة Deezer بمثابة حجر الزاوية في هذا النقاش، ومن المهم مراقبة ردود فعل الصناعة والمستهلكين على هذه الخطوة. يبقى التحدي قائماً في إيجاد توازن بين الابتكار التكنولوجي وحماية حقوق الفنانين والحفاظ على الإبداع الموسيقي.
