تلعب صناعة الألعاب دورًا كبيرًا في التأثير على المجتمعات، فهي وسيلة أخرى لنقل الثقافة بطرق أكثر عصرية وحداثة، وقد وجدت العديد من الهيئات الليبرالية والحركات اليسارية نفسها في سعادة غامرة بشكل خاص عندما بدأوا برؤية النساء يصبحن أبطالًا في الألعاب، لكن الأمر لم يقتصر على ذلك بعد الآن!.
مع كون الألعاب قوة ثقافية أكثر أهمية من أي وقت مضى، أصدرت منظمة الدفاع عن وسائل الإعلام المؤثرة GLAAD أول تقرير متعمق على الإطلاق يستعرض ويتفحص ما تقدمه أو تمثله ألعاب الفيديو التي تدعم محتويات الشذوذ المعروفة اختصارًا بـ LGBTQ “والعياذ بالله” حيث تشير البيانات بقوة إلى أن الألعاب تلعب دورًا مهمًا في حياة العديد من هؤلاء اللاعبين، وخاصة الشباب منهم، ومن ناحية أخرى، فإن الألعاب بعيدة كل البعد عن تمثيل هؤلاء اللاعبين والوصول إليهم بشكل مناسب حسب رأي المنظمة.
أشار التقرير الذي صدر منذ فترة وجيزة إلى إحصائيات مثيرة للاهتمام والجدل، قد تم جمعها بالشراكة مع شركة البيانات والتحليلات الإعلامية Nielsen، وقد كان من بين النتائج الأكثر إثارة للدهشة التي توصلت إليها GLAAD هي أن 17 بالمائة من اللاعبين النشطين يُعرفون بأنهم من تلك الفئة، ومع ذلك فإن نسبة ضئيلة فقط من الألعاب الموجودة على واجهات متاجر أجهزة الحاسب وأجهزة الكونسول وما إلى ذلك تم تصنيفها على أنها تحتوي على محتوى يدعم الشذوذ.
مما يشير إلى أن الألعاب التي تتميز بالفعل بشخصيات شاذة أو قصص غريبة تظل نادرة للغاية، مع وجود استثناءاتٍ في الألعاب الكبيرة والمؤثرة مثل The Last of Us Part II و Apex Legends التي تتميز بشكل بارز بشخصيات مثلية ومتحولة جنسيًا، ربما قد يشعر البعض بأن الألعاب تقدم محتوى يتناسب مع هذه المجتمعات في الألعاب أكثر مما هو عليه في الواقع، وهذا لا يعكس الحقيقة والعدد الضئيل للغاية لهذه النوعية من الألعاب، وكأن العدد ليس كافيًا!!
الألعاب ملجأ للعديد من هؤلاء اللاعبين !
تظهر البيانات أن العديد من الأشخاص الذين يمارسون الألعاب هم من تلك الفئة، وأن الألعاب غالبًا ما تلعب دورًا مهمًا بشكل خاص في حياتهم، حيث بالنسبة للكثيرين منهم قد تكون الألعاب بمثابة ملاذ آمن في هذه الفترة التي يتم فيها تقديم مئات التشريعات المناهضة لتلك المجتمعات، وقد أشارت GLAAD إلى أنَّ 55 بالمائة منهم يقيمون في الولايات المتحدة الإمريكية يقولون بأنهم يشعرون بالقبول في مجتمع الألعاب أكثر مما يشعرون به في المناطق العامة العامة التي يعيشون فيها.
ويقول 65 بالمائة من اللاعبين في الولايات المتحدة بأنهم يلجئون إلى الألعاب لمساعدتهم في اجتياز الأوقات الصعبة ونسيان ضغوط الحياة، بينما يُجمع 75 بالمائة منهم كذلك بأن الألعاب تسمح لهم بالتعبير عن أنفسهم بطرق لا يشعرون بالارتياح عند القيام بها في العالم الحقيقي.
على الرغم من أن العديد منهم يجدون فرصًا للتعبير عن الذات في الألعاب، إلا أنهم يظلون أيضًا أكثر عرضة لأخطار ومضايقات في وسط ألعاب الفيديو، حيث أن 52% منهم قد تعرضوا للتحرش عند اللعب عبر الإنترنت، و61% منهم أعربوا عن عدم ارتياحهم بشأن استخدام الدردشة الصوتية في الألعاب عبر الإنترنت حسب الإحصائيات الأخيرة.
استوديوهات التطوير لا تملتك أدوات تمثيل لهؤلاء اللاعبين
لا تقوم منظمة GLAAD بجمع هذه البيانات فقط لأنها مثيرة للاهتمام، بل تأمل المنظمة في تشجيع المطورين والاستوديوهات على بذل المزيد من الجهد لتمثيل هذه الفءة من اللاعبين “وكأن كل ما نراه ليس كافيًا” وتقديم محتويات مناسبة لهم، ومن أسباب عدم بذل الألعاب المزيد من الجهد لإدراج شخصيات شاذة أو متحولة جنسيًا هي أن المطورين أو الناشرين قد يخافون من غضب أو استياء اللاعبين خارج شواذ الـ LGBTQ أو إبتعادهم عن ألعابهم نتيجة ظهور مثل هذه المحتويات.
ومع ذلك، تشير البيانات إلى أن مطوري الألعاب لا يلجئون إلى معالجة جميع جوانب الموقف ولايحققون الاستفادة الكاملة من هذا الموضوع ويتركون الأمور غير كاملة أو مبهمة، حيث ينجذب هؤلاء نحو الألعاب التي تعبر عنهم ولو بجزءٍ ضئيلٍ ومبهم، لكن في الوقت نفسه يقول 60% من اللاعبين خارج مجتمعات LGBTQ أن اللعب بشخصية شاذة أو ما شابه لن يحدث أي فرق في قرارهم بشراء اللعبة الخاصة بها.
تقول مقدمة التقرير “Blair Durkee” المديرة المساعدة لقسم لألعاب في منظمة GLAAD التي تدرس قضية إضافة المحتويات شاذة اكثر في الألعاب حيث قالت: “إن المقاومة تجاه محتوى LGBTQ في الألعاب تتضاءل، حيث أن كل جيل متتالي من اللاعبين أكثر تنوعًا وأكثر انفتاحًا على رؤية تمثيل المجتمع في ألعابهم”.
عندما تم توجيه سؤالٍ أخر إلى Durkee عن جوهر التقرير وما الذي سيساعد في تحقيقيه، قالت بأن الأمر يتعلق “بتغيير الطريقة التي تفكر بها الصناعة حقًا في المجتمعات”، وأشارت إلى التعليقات التي أدلى بها “ديفيد جايدر” الكاتب الرئيسي لسلسلة Dragon Age، الذي قال بأن هناك نسبة معتبرة ومحددة في مجتمعات الألعاب التي تضم هؤلاء اللاعبين والمتحولين الذين يلعبون ألعاب الفيديو بالفعل على الرغم من عدم تمثيلها لهم بشكل رئيسي ومباشر.
وقالت Durkee:
“كل هذا العمل الذي قمنا به على مدى السنوات القليلة الماضية، كان يهدف إلى تغيير تلك العقلية، حيث يمثل مجتمعنا نسبة كبيرة من إجمالي عدد مستخدمي الألعاب قد يعادل خُمس إجمالي عدد اللاعبين!، وإذا كنت تتجاهل هذا المجتمع، فأنت تفعل ذلك على حساب مصلحتك الشخصية”، “هناك الكثير من الأشياء التي يمكنك كسبها كمطور من خلال تضمين الألعاب بمحتويات مناسبة لمجتمعات المثليين، التي ستوسع نطاق جمهور اللعبة بدلاً من تلبية احتياجات نفس الفئة السكانية التقليدية مرارًا وتكرارًا”.
يبدو بأن محتويات الشاذة والمسيئة لعاداتنا وتقاليدنا ستستمر في الظهور أكثر فأكثر في صناعة الألعاب، لاسيما الكبيرة والشهيرة منها، من يعلم ما قد نرى في GTA 6، وغيرها من ألعاب العالم المفتوح المؤثرة، وليس هناك شكٌ بأن تقديم هذه الأفكار الخارجة عن أصولنا العربية والإسلامية شيءٌ لا يمكن قبوله، لكن بنفس الوقت قد يكون من الصعب على بعض الأفراد ضمن مجتمعاتنا مقاطعة الألعاب بشكلٍ كامل لاحتوائها على بعض المحتويات المشابهة، لكن قد يتجه اللاعبين تلقائيًا لمقاطعتها بالكامل لكي تُجبر المطورين على عدم تضمين مثل هذه المحتويات المسيئة لنا.
يبقى السؤال المطروح هنا بالنسبة لنا كلاعبين عرب ومسلمين، ألا يكفي كل ما نراه من تجاوز للفطرة البشرية وأجندات ممنهجة داخل ألعاب الفيديو ومحاولات مستميتة لفرضها بكل الطرق الممكنة؟ والبعض ما يزال يقول بأنه لا يكفي؟!
شاركونا بالتعليقات والآراء، هل تشعرون بأن ظاهرة دعم محتويات الشذوذ تزداد بشكلٍ واضحٍ في صناعة الألعاب.. وكيف يمكننا حماية أنفسنا وأطفالنا منها بشكلٍ أفضل؟!