لم يكن أحد يتوقع أن تعود سلسلة Football Manager، بعد عامين من الترقب والتطوير، بهذه الصورة الباهتة. النسخة الجديدة Football Manager 26، التي تأخرت عامًا إضافيًا عن موعدها الأصلي تلقت استقبالًا قاسيًا من الجمهور، حيث حصلت على تقييم “سلبي في الغالب” بعد آلاف المراجعات على منصة Steam، لتصبح ضمن أسوأ عشر ألعاب تقييمًا في تاريخها.
في هذا المقال، نحلل الأسباب الحقيقية وراء هذا السقوط المفاجئ، من الأداء التقني إلى القرارات التصميمية، مرورًا بمدى فقدان الثقة بين جمهور السلسلة والمطورين.
سوء واجهة المستخدم: النقطة التي أفاضت الكأس
رغم أن اللعبة تم تطويرها لأول مرة على محرك Unity بأحدث نسخه، فقد كانت من أبرز الانتقادات التي واجهتها اللعبة كانت واجهة المستخدم الجديدة (UI)، التي وصفها اللاعبون بأنها “غير منتهية” و”مليئة بالأخطاء”.
أحد اللاعبين المخضرمين، الذي يتابع السلسلة منذ عام 1993، كتب على منتدى Steam أن اللعبة تضم أكثر من 13,000 خطأ تقني مسجل في المنتديات الرسمية، تتراوح بين نصوص غير متناسقة، وأزرار لا تعمل، ومشاكل في الأداء العام.
اللاعبون اعتبروا أن المطور للعبة Sports Interactive لم يحقق الحد الأدنى من الجودة المتوقعة من لعبة تُباع بسعر كامل، خصوصًا بعد تمديد فترة التطوير لعام إضافي كان من المفترض أن يصحح مثل هذه العيوب.
خيارات تصميم مثيرة للجدل

اللافت أن المطورين حاولوا تبسيط تجربة اللعب لجذب جمهور جديد، لكن النتيجة كانت عكسية، والكثير من اللاعبين القدامى وصفوا اللعبة بأنها أصبحت نسخة “Football Manager for dummies”، أي نسخة مبسطة بشكل مفرط، تفتقر إلى العمق الذي ميّز السلسلة لعقود.
من أبرز نقاط الجدل:
- غياب التحكم المالي التفصيلي في إدارة الأندية.
- نقص أدوات التفاعل الإداري داخل اللعبة.
- تبسيط آليات التدريب والتكتيك بما أضعف الإحساس بالتحكم والسيطرة.
بالمقابل، تلقى النظام الجديد للتكتيك أثناء المباريات بعض الإشادة، إذ وفر مرونة أكبر في اتخاذ القرارات أثناء اللعب المباشر، لكن هذا التحسين الجزئي لم يكن كافيًا لإنقاذ التجربة العامة.

إضافة اللغة العربية خطوة مهمة ولكن غير كافية
من الخطوات اللافتة في Football Manager 26 كانت إضافة اللغة العربية رسميًا للمرة الأولى في تاريخ السلسلة، وهي خطوة طال انتظارها من قبل جمهور المنطقة العربية، الذي ظل يطالب بها لسنوات طويلة.
وهذه الإضافة تمثل اعترافًا واضحًا من المطورين بحجم السوق العربي واهتمامه المتنامي بألعاب المحاكاة الرياضية. فمن شأنها أن تجذب لاعبين جدد لم يختبروا السلسلة سابقًا بسبب حاجز اللغة، خاصة من فئة الشباب المهتمين بإدارة الأندية والبطولات المحلية.
لكن، وعلى الرغم من أهمية هذه الخطوة، إلا أن تأثيرها يبقى تجميليًا أكثر من جوهري. فالمشاكل التقنية العميقة، وضعف تجربة المستخدم، وغياب التفاصيل الإدارية الدقيقة التي تميزت بها الإصدارات السابقة، كلها عوامل تجعل إضافة اللغة وحدها غير كافية لإرضاء اللاعبين العرب القدامى.
فالجمهور العربي، شأنه شأن أي مجتمع لاعبين ناضج، يبحث عن جودة التجربة واستقرارها قبل أي تحسين شكلي أو لغوي. إذا لم يصاحب التعريب تحسينات حقيقية في الأداء والمحتوى، فسيبقى مجرد خطوة رمزية في لعبة فقدت توازنها بين الجاذبية البصرية والعمق الفني الذي صنع نجاحها.
فجوة الثقة بين المطورين والمجتمع

منذ إلغاء إصدار Football Manager 25 العام الماضي، ارتفعت التوقعات بشكل كبير، وقد ظنّ المجتمع أن الوقت الإضافي سيُستثمر في تطوير ثوري يعيد للسلسلة مجدها، لكن النتيجة جاءت مخيبة للآمال، وردود الفعل على المنتديات ومنصات التواصل الاجتماعي تعكس حالة استياء عميقة بين جمهور السلسلة الذين وصفوا اللعبة بأنها “أقل من مستوى مشروع جامعي” مقارنة بإصدارات سابقة.
هذا التراجع يعكس فجوة ثقة متنامية بين الشركة المطوّرة والمجتمع الذي دعم السلسلة لأكثر من 30 عامًا.
الانتشار الواسع رغم التقييمات السلبية
ورغم كل ذلك، لم تتأثر شهرة اللعبة بالكامل. فبفضل إدراج Football Manager 26 على خدمات Game Pass وPlayStation Plus، ازداد عدد اللاعبين بشكل ملحوظ، خصوصًا من المستخدمين الجدد الذين لم يختبروا الإصدارات السابقة.
النسخة السابقة Football Manager 24 ما زالت تحظى بتقييمات إيجابية على المنصات نفسها، وهو ما يضع المطورين في موقف حرج؛ إذ باتت النسخة الأقدم أفضل تسويقًا من الأحدث، وهو أمر نادر في صناعة الألعاب.
مستقبل السلسلة بعد الأزمة
الكرة الآن في ملعب Sports Interactive. فإما أن تُصدر تحديثات عاجلة لإصلاح الأخطاء وإعادة الثقة، أو أن تواجه خطر فقدان قاعدة جماهيرية بُنيت على مدى ثلاثة عقود، ومع اقتراب موعد إصدار نسخة Nintendo Switch في ديسمبر، قد تملك الشركة فرصة ثانية لتقديم تجربة محسّنة بعد إصدار عدد من التحديثات تُعيد بعض من بريقها الذي بدأ يتلاشى.
المصدر: VGA4A
