لطالما أثارت ألعاب الفيديو جدلاً واسعًا حول تأثيرها على أدمغتنا، خاصةً أدمغة الأطفال والمراهقين. فبينما تشير بعض الدراسات إلى أن الإفراط في اللعب قد يؤدي إلى الإدمان و التأثيرات السلبية على الدماغ، تشير دراسات أخرى إلى أن الاستخدام المعتدل قد يحسن من الوظائف المعرفية ويعزز من مهارات التفكير. فأين تقع الحقيقة بين هذين الرأيين المتعارضين؟
إدمان ألعاب الفيديو
عرفت منظمة الصحة العالمية إدمان ألعاب الفيديو أو “اضطراب ألعاب الفيديو” بأنه نمط سلوكي يتسم بفقدان السيطرة على اللعب، و الرغبة الملحة في ممارسة الألعاب، و وضعها في مقدمة الأولويات على حساب الجوانب الأخرى من الحياة، ومع أن هذا التعريف ينطبق على جميع أنواع الإدمان، إلا أن الوصول إلى مرحلة الإدمان على الألعاب يتطلب عادةً فترات طويلة من اللعب المفرط.
التأثيرات الإيجابية لألعاب الفيديو
أظهرت دراسة أجريت عام 2022 ونقلًا عن الصحفي “أحمد إسماعيل” أن الاستخدام المعتدل لألعاب الفيديو قد يحسن من الوظائف المعرفية لدى الأطفال و المراهقين، خاصةً في مجالات الذاكرة و الانتباه. كما أشارت دراسات أخرى إلى أن هذه الألعاب قد تساعد في تحسين لدونة الدماغ و زيادة المادة الرمادية فيه، مما يُعزز من القدرات المعرفية و العاطفية.
تحسين الوظائف المعرفية
تؤثر الألعاب بشكل إيجابي على مجموعة متنوعة من الوظائف المعرفية، مثل الذاكرة و الانتباه و التخطيط و حل المشاكل، وقد أظهرت دراسة أُجريت عام 2020 أن أنواعًا مختلفة من الألعاب تحسّن من جوانب مختلفة من الوظائف المعرفية. فعلى سبيل المثال، تساعد ألعاب المغامرة و الحركة على تحسين التركيز و الانتباه إلى التفاصيل، بينما تساعد ألعاب الألغاز على تحسين التفكير المكاني و حل المشاكل.
وتتيح ألعاب الفيديو للاعبين خوض تجارب جديدة و متنوعة من الصعب عيشها في الحياة اليومية، كما أنها تقدم لهم تعزيزًا إيجابيًا عند تحقيق الأهداف و الفوز في التحديات، حيث يساهم ذلك في تحفيز الدماغ و تحسين الوظائف المعرفية.
الآثار السلبية و الإدمان
على الرغم من الفوائد الإيجابية لألعاب الفيديو، إلا أن الإفراط في اللعب قد يؤدي إلى الإدمان و عزلة اللاعب عن العالم الحقيقي، كما أن بعض الألعاب قد تعزز من السلوكيات العنيفة أو تؤدي إلى السعي وراء المكافآت بطرق غير مشروعة، وهي منن أبرز أضرار ألعاب الفيديو.
تقول الحكمة العربية “إذا زاد الشيء عن حده انقلب إلى ضده” وينطبق هذا القول على للألعاب، فرغم فوائدها المحتملة في تحسين الوظائف المعرفية و تنمية بعض المهارات، إلا أن الإفراط فيها قد يؤدي إلى الإدمان و عزلة اللاعب عن العالم الحقيقي، وقد تعزز من السلوكيات العنيفة أو تؤدي إلى السعي وراء المكافآت بطرق غير مشروعة. ناهيك عن إضاعة الوقت و تفويت الفرص المهمة في الحياة، و التقصير في الواجبات الدينية و الدنيوية والمتمثلة بالقيام بالمسؤولية الاجتماعية أمام محيطك.
بشكل عام، تؤثر الألعاب على أدمغتنا بطرق مختلفة، سواء بشكل إيجابي أو سلبي، ويعتمد نوع و قوة هذا التأثير على نوع اللعبة و مدة اللعب و طريقة استخدامها، لذلك، من المهم الحرص على الاستخدام المعتدل و المتوازن لألعاب الفيديو لتحقيق أقصى استفادة منها دون التعرض للمخاطر السلبية.