بعد أن صنع اسمه كأحد العقول التي غيّرت صناعة ألعاب الفيديو عبر سلسلة Grand Theft Auto، يجد ليزلي بنزيس نفسه اليوم في قلب واحدة من أكثر الأزمات المثيرة للجدل في صناعة الألعاب الحديثة، وذلك بعد الفشل الذريع الذي مُنيت به لعبته الجديدة MindsEye وإغلاق أجزاء واسعة من استوديو Build a Rocket Boy الذي أسّسه في إدنبرة.
لعبة MindsEye التي تحوّلت إلى كارثة!
أُطلقت MindsEye في يونيو 2025 كأول مشروع رئيسي للإستديو، وكان يُفترض أن تمثّل بداية جديدة لمطوّر GTA السابق. غير أن الواقع كان مغايرًا تمامًا. فخلال أيام من الإصدار، امتلأت المنصات بالتقييمات السلبية التي وصفت اللعبة بأنها محطّمة ومليئة بالأخطاء، واعتبرها بعض النقاد أسوأ لعبة لعام 2025. بل انه تم وصفها أحيانًا بـ MindsEye 2077 في إشارة الى لعبة سايبر بانك 2077 التي صدرت وهي مليئة بالمشاكل والأخطاء.
تقرير نشرته BBC Newsbeat كشف تفاصيل مثيرة من داخل الاستوديو، حيث تحدّث موظفون عن قرارات ارتجالية من الإدارة وغياب توجّه واضح للمشروع. كما أشار التقرير إلى أن بنزيس كان يُصدر أوامر مباشرة تُعرف داخل الفريق باسم Leslie Tickets، تتضمّن تغييرات مفاجئة قد تصل إلى حذف مهام كاملة في مراحل متقدمة من التطوير.
انهيار داخلي وتسريحات جماعية
الضربة الأكبر جاءت بعد الإطلاق، إذ تبيّن أن مئات الموظفين في فروع الاستوديو بإدنبرة وبودابست ومونبلييه تلقّوا إخطارات بالتسريح. وتشير تقديرات نقابة العاملين في قطاع الألعاب البريطانية إلى أن ما بين 250 و300 موظف فقدوا وظائفهم خلال أكتوبر الجاري.
في بيان رسمي، أكدت Build a Rocket Boy أنها تتحمّل المسؤولية الكاملة عن المشاكل التقنية والإطلاق الفوضوي، مشيرةً إلى أنها تعمل على تحسينات وتحديثات للعبة، لكن موظفين سابقين عبّروا عن شكوكهم في إمكانية إنقاذ المشروع.
من وراء الكواليس إلى دائرة النقد
ليزلي بنزيز الذي كان أحد الأعمدة الأساسية في نجاح GTA V، خرج من Rockstar Games عام 2016 بعد خلافات مالية ضخمة، ليؤسس Build a Rocket Boy ويجذب أكثر من 230 مليون جنيه إسترليني من الاستثمارات. لكن إدارة المشروع أثارت انتقادات واسعة بسبب ما وصفه الموظفون بالتغييرات المفاجئة وغياب القيادة الفنية.
تقول مصادر داخلية إن المشروع الأصلي Everywhere، الذي كان من المفترض أن يكون عالمًا مفتوحًا تفاعليًا، تحوّل تدريجيًا إلى MindsEye دون رؤية متماسكة، وهو ما ساهم في الانهيار.
إلى أين يتجه مستقبل Build a Rocket Boy؟
في ظل الأوضاع الحالية، يبدو أن مستقبل الاستوديو غامض. فبينما تؤكد الإدارة التزامها بمواصلة تطوير MindsEye لتصبح اللعبة التي يستحقها اللاعبون، يرى مطورون سابقون أن ما حدث أضاع فرصة نادرة لإحياء صناعة الألعاب في إسكتلندا.
ومع موجة التسريحات الواسعة التي تضرب قطاع الألعاب منذ عام 2023، يخشى مراقبون أن يكون سقوط Build a Rocket Boy درسًا قاسيًا في كيفية إدارة المشاريع الطموحة دون خطة إنتاج واقعية.
فشل MindsEye ودروس لمستقبل الألعاب المستقلة الضخمة
يُسلّط انهيار MindsEye الضوء على معضلة متزايدة في صناعة الألعاب الحديثة، فكيف يمكن لمشاريع الاستوديوهات المستقلة الضخمة (Triple-AAA) أن توازن بين الطموح الفني والقدرة الإنتاجية الفعلية؟
ففي السنوات الأخيرة، شهدنا نجاحات لافتة لاستوديوهات خرجت من عباءة الشركات الكبرى مثل Larian Studios مع Baldur’s Gate 3، حيث تمكّنت هذا الفريق من الجمع بين الاستقلالية الإبداعية والانضباط الإنتاجي. لكن في المقابل، تكشف تجربة Build a Rocket Boy عن الوجه الآخر للمغامرة، حين يغيب التوجيه الفني الواضح وتتحول الطموحات التقنية إلى عبء إداري وتمويلي.
ويرى بعض المحللين أن أزمة MindsEye قد تدفع الناشرين والمستثمرين إلى إعادة النظر في تمويل المشاريع الضخمة من استوديوهات حديثة النشأة، والتركيز بدلًا من ذلك على فرق أصغر ذات نطاق محدد ورؤية فنية أكثر واقعية.
في نهاية المطاف، قد لا يكون فشل MindsEye مجرد إخفاق في الإطلاق، بل مؤشرًا على أن الجيل القادم من الألعاب يحتاج إلى توازن أدق بين الطموح والقدرة على التنفيذ، وهو الدرس الذي ربما سيشكّل مستقبل التطوير المستقل في السنوات القادمة.
المصدر: BBC – تقارير سابقة