هناك فئة من اللاعبين المخضرمين، لطالما طاردتهم ذكريات تلك اللحظات المظلمة الممزوجة بالهدوء الذي يسبق عاصفة الجنون المرعبة، وهم يتذكرون جيدا تلك الأجواء المشحونة بالتوتر والترقب، حيث الأضواء المحطمة تتراقص بين الظلمة والنور في أروقة ضيقة تضج بأصداء الخوف المتوحش، مع مشاهد مثيرة تحاكي أفلام الرعب، وتحركها موسيقى مأساوية غرست فيهم شعورا غامرا بالرهبة، تلك الموسيقى التي التصقت بذاكرة جيل كامل، تذكرهم بلعبة فاقت كل التوقعات بكل أجزاءها، وهي سلسلة F.E.A.R.
سلسلة التصويب والرعب FEAR ليست مجرد لعبة تصويب عابرة، بل كانت سيمفونية من الرعب النفسي التي تعزف على أوتار الجنون بكل ضربة ضوء متقطع وكل لحن مخيف، وكل زاوية مظلمة تنتظرك فيها المفاجآت، فهل تذكر كيف كنت تطلق الرصاص بجنون محاولا النجاة والقضاء على أعداء غامضين يخرجون من كل صوب، وفي نفس الوقت يتملكك شعورا بالمتعة جراء فيزيائية الرصاص الواقعية، حيث تتطاير شظايا الجدران وينفجر الزجاج مستغلا خاصية ابطاء الزمن لتتحكم في سير المعركة وتحول مجرى المواجهة لصالحك.
هل تذكر مشاهد الدماء المتناثرة تخترقها أضواء وامضة بينما تئن الحيطان تحت وطأة الرصاص وانت تتقدم بخطى حذرة ممزوجة بالخوف مما ينتظرك في المجهول؟
سلسلة First Encounter Assault Recon او اختصار FEAR، وهي ثلاثية رعب البقاء وألعاب التصويب من منظور الشخص الأول، وسنستعيدها معا ونغوص في تفاصيلها الدقيقة لنكتشف سر تلك التجربة الفريدة التي لا تزال حية في ذاكرتنا حتى يومنا هذا، حيث تبقى بعض العناوين محفورة في الذاكرة لا تُمحى ذكراها بسهولة، بل غاصت في أعماق النفس البشرية، مقدمة قصة معقدة وشخصيات لا تُنسى، على رأسها “ألما ويد” (Alma Wade)، تلك الطفلة الشبحية التي أصبحت نموذجا للرعب في عالم الألعاب.
ما يميز F.E.A.R. عن غيرها من ألعاب الرعب هو ذكاءها الاصطناعي المُتقدم، الذي جعل الأعداء يتصرفون بواقعيةٍ وتكتيك يثير الرعب في نفس اللاعب، فلا مجال للاندفاع الأهوج هنا، بل عليك التفكير مليًا في كل خطوة، واستغلال البيئة المُحيطة لصالحك.
أضف إلى ذلك الأجواء المظلمة والموسيقى التصويرية المخيفة التي تكمل لوحة الرعب النفسي وتغرقك في تجربة لا مثيل لها، وبين ألغاز القصة المثيرة و”ألما” التي تتربص بك في كل زاوية، تصبح F.E.A.R أكثر من مجرد لعبة، حيث تجبرك على مواجهة أعمق مخاوفك المتمثلة قي (الظلام – الترقب – البقاء)
F.E.A.R. (First Encounter Assault Recon) – الجزء الأول (2005):
تبدأ رحلتنا الغريبة مع Point Man هو عضو في فرقة F.E.A.R. السرية، وهي الفرقة المكلفة بالتعامل مع الظواهر الخارقة للطبيعة، وترسل الفرقة للتحقيق في منشأةٍ تابعة لشركة “Armacham Technology Corporation” (ATC) بعد سيطرة “Paxton Fettel”، وهو قائد عسكري ذو قدرات نفسية خارقة على جيشٍ من الجنود المُستنسخين.
خلال اللعبة، نكتشف أن “Fettel” يأتمر بأوامر “ألما”، وهي طفلةٌ ذات قوى نفسية هائلةٍ تعاني من ماضٍ مُظلمٍ مع ATC. يُواجه “Point Man” مخاطر كثيرة ومعقدة للغاية، من جنود مستنسخين وظواهر خارقة للطبيعة، بالإضافة إلى “ألما” التي تظهر له في رؤى مُرعبة، ويكتشف “Point Man” أنه أيضًا نتاج تجارب شركة ATC، وأنه شقيق “Fettel” و”ألما”.
يقدم الجزء الأول الشخصيات الرئيسية، ويُمهد الطريق للقصة المتشابكة في الأجزاء اللاحقة، بل وتقدم لنا لمحات عن ماضي “ألما” المُؤلم وتجارب شركة ATC اللا أخلاقية، التي أدت الى عواقب لا احمد عقباها، ونهاية مضطربة
1- F.E.A.R. Extraction Point – حزمة توسعة (2006):
تكمل هذه الحزمة قصة الجزء الأول، حيث يحاول “Point Man” الهروب من المنشأة بعد تحطم مروحيته، وهنا يواجه المزيد من جنود منظمة ATC و”ألما” التي تزداد غضبًا.
تُقدم هذه الحزمة معلومات إضافية حول مشروع Paragon الذي يهدف إلى تطوير جنودٍ ذوي قدرات نفسية خارقة قادرين على خوض مهام دون تردد وخوف.
تعمق هذه الحزمة فهمنا لماضي “ألما” وتعزز دورها كشخصية مركزية في السلسلة.
2- F.E.A.R. Perseus Mandate – حزمة توسعة (2007):
تجري أحداث هذه الحزمة بالتوازي مع أحداث الجزء الأول و Extraction Point، لكن من منظور مختلف، حيث نلعب بشخصية رقيب آخر في فرقة F.E.A.R. يحقق في منشأة أخرى تابعة لمنظمة ATC، وهنا يواجه الرقيب Gavin Morrison وجيشه الخاص، بالإضافة إلى “ألما”.
تقدم هذه الحزمة منظورًا جديدًا للأحداث. بشكل مختلف قليلا وتغطي جوانب غير مفهومة من القصة، وتوسع عالم اللعبة دون التأثير بشكلٍ كبيرٍ على القصة الرئيسية.
F.E.A.R. 2: Project Origin – الجزء الثاني (2009):
في هذا الجزء ننتقل إلى شخصية جديدة كليا وهو Michael Becket، عضو في فرقة Delta Force حيث ترسل الفرقة لاعتقال Genevieve Aristide رئيسة شركة ATC، قبل دقائق من الانفجار الذي يُدمر مدينة “Fairport. يُواجه “Becket” جنود ATC و”ألما” التي تظهر له في رؤى مُرعبة.
والمفاجأة هنا أن Becket يكتشف هو أيضًا أنه جزءٌ من مشروع سري يُدعى Harbinger، وأنه يمتلك قوى نفسيةً كامنة. في النهاية، يُصبح Becket مرتبطًا بـ”ألما” بطريقةٍ غامضة.
يعمق الجزء الثاني قصة “ألما” ويكشف المزيد عن مشاريع منظمة ATC السرية، كما يُقدم شخصية Becket الذي يُصبح محوريًا في الجزء الثالث.
F.E.A.R. 3 – الجزء الثالث (2011):
عد تسعة أشهر من أحداث الجزء الثاني، نتعاون مع Point Man و Paxton Fettle (الذي عاد كشبح) بطريقة لم تكن متوقعة للوصول إلى “ألما” التي تُوشك على ولادة طفل ذي قوى هائلة، وهنا يُواجهون Armacham التي تحاول السيطرة على “ألما” والطفل في النهاية.
وهنا يتم اكتشاف أن Becket هو والد الطفل، وأن “ألما” تريد الانتقام من البشرية. يمكن للاعب الاختيار بين Point Man وFettel ولكلٍ منهما نهاية مُختلفة.
يمثل الجزء الثالث خاتمة قصة “ألما” ويقدم نهاية مثيرة للجدل تحدد مصير البشرية، كما يعيد شخصيات من الأجزاء السابقة ويُقدم شرحًا أخيرًا لأصول “ألما” وقواها التي بقيت سرا غامضا طوال السلسلة بأكملها.
في الختام، يصعب تحديد أفضل جزءٍ في الثلاثية، فكل جزءٍ يقدم تجربة فريدة ومميزة، ولكن يمكن القول أن الجزء الأول F.E.A.R. يظل الأيقونة التي وضعت اللر٣نة الأساسية التي أسست للسلسلة وقدمت فتاة الرعب الغامضة “ألما” للعالم، بينما يُقدم الجزء الثاني F.E.A.R. 2: Project Origin قصةً أكثر عمقًا وتشويقًا بعناصر اكثر تنوعا.
قد يُعتبر الجزء الثالث F.E.A.R. 3 الأضعف نسبيًا رغم تفوقه من الجوانب المرئية، ولكنه لم ينل نفس النجاح بسبب ابتعاده عن جذور الرعب النفسي والتركيز بشكل أكبر على الأكشن في المثير من العناصر فب وقت كانت هناك منافسة مع ألعاب أخرى قوية، كما أن نهايته المُثيرة للجدل لم تنل إعجاب جميع اللاعبين.
مصير سلسلة F.E.A.R. والمطور:
استوديو Monolith Productions مطور الجزء الأول والثاني تصلح مملوك بالكامل للناشر Warner Bros ويعمل حالياً على تطوير لعبة Wonder Woman، وقد تم تطوير الجزء الثالث من قبل Day 1 Studios ومنذ ذلك الحين، لم تصدر أي أجزاء جديدة من السلسل، ويبقى مصير F.E.A.R مجهولًا، على الرغم من وجود قاعدة جماهيرية مخلصة تطالب بعودة “ألما” من جديد.
ربما في يوم من الأيام، تُقرر إحدى الشركات إعادة إحياء هذه السلسلة الأسطورية الأكثر من رائعة بتقنيات أجهزة الحيل الحالي، لكن حتى ذلك الحين، ستبقى F.E.A.R. بثلاثيتها المثيرة ذكرى خالدة في قلوب محبي ألعاب الرعب والتصويب.
هل لديكم ذكريات مع هذه السلسلة المرعبة؟ شاركونا إياها من خلال قسم التعليقات في الأسفل أدناه! (يا مخضرمين نحن صوتكم❤️🔥).