رغم خسارة إكس بوكس معركة أجهزة الألعاب أمام نينتندو وبلايستيشن من سوني، إلا أن مايكروسوفت لم تستسلم بعد، فقبل بضع سنوات، أطلقت خدمة جيم باس الشهيرة بفئاتها للاشتراك في الألعاب، مما أتاح للمستخدمين لعب العديد من الألعاب على أجهزة أخرى غير منصة الألعاب الرئيسية.
والآن، انضمت شركات تكنولوجيا كبرى أخرى مثل إنفيديا وأمازون إلى عالم ألعاب الاشتراك، فهل ستؤتي هذه الاستراتيجية الجديدة ثمارها بالنسبة لمايكروسوفت؟ وماذا يمكن أن تعني لمستقبل أجهزة الألعاب التقليدية؟ تابعونا في هذا التقرير الذي أعدته قناة The Wall Street Journal على يوتيوب للتعرف على المزيد.
في الماضي، اعتمدت مايكروسوفت على نموذج أعمال تقليدي في سوق الألعاب، حيث كان الربح يأتي بشكل أساسي من بيع وحدات التحكم Xbox، وكانت الشركة تبيع هذه الأجهزة بخسارة، على أمل تعويض ذلك من خلال مبيعات الألعاب والملحقات. ومع ذلك، واجهت مايكروسوفت منافسة شرسة من سوني وجهاز PlayStation، الذي كان يتفوق عليها في المبيعات بشكل مستمر، واقتنعت بأنها لا يمكنها منافسة سوني بالطريقة التقليدية هي أو حتى شركة نينتندو، أو حتى منافستها في البنية التحتية القوية في توزيع التجزئة التي بنوها، لذلك من مصلحة مايكروسوفت أن تتوسع في مراكز البيانات وبنيتها التحتية السحابية.
Game Pass: نقطة التحول الاستراتيجي
في عام 2017، قررت مايكروسوفت تغيير استراتيجيتها بشكل جذري، حيث أطلقت خدمة الاشتراك جيم باس، حيث تتيح هذه الخدمة للمستخدمين الوصول إلى مكتبة ضخمة من الألعاب مقابل رسوم شهرية ثابتة، مما يوفر لهم قيمة كبيرة ويجعل الألعاب أكثر بأسعار معقولة. وقد أثبتت Game Pass نجاحًا كبيرًا، حيث تجاوز عدد المشتركين فيها 25 مليون مشترك في يناير 2022.
من وجهة نظر Joost Van Dreunen الباحث في مركز أبحاث Aldora Intelligence، فإن خدمة الاشتراك جيم باس الجانب الأعمال أو جانب العرض من حيث تعويض التقلبات المالية المرتبطة بالترفيه.
مزايا مايكروسوفت في سوق خدمات الاشتراك
تتمتع مايكروسوفت بميزتين رئيسيتين تمكنها من التفوق في سوق خدمات الاشتراك وهي كالتالي:
أولاً: القوة المالية
مايكروسوفت هي شركة ضخمة تتمتع بموارد مالية هائلة تفوق بكثير تلك التي تمتلكها سوني، وقد استغلت الشركة هذه القوة للاستحواذ على عدد كبير من استوديوهات الألعاب المرموقة يصل عددها الى 30 استديو، مثل Bethesda و Activision Blizzard، مما يزيد من قيمة Game Pass ويجعلها أكثر جاذبية للاعبين.
ثانيًا: البنية التحتية السحابية
صفتها شركة تقنية رائدة، تمتلك مايكروسوفت بنية تحتية سحابية قوية ومتطورة، حيث يصل عدد مراكز البيانات لدى الشركة حوالي 300 مركز، وهذا يمنحها ميزة كبيرة في مجال ألعاب السحابة ودعم جيم باس، حيث يتم بث الألعاب إلى المستخدمين عبر الإنترنت، مما يلغي الحاجة إلى أجهزة قوية لتشغيل الألعاب.
التحديات التي تواجه نموذج الاشتراك
وعلى الرغم من مزاياها، تواجه خدمات الاشتراك مثل Game Pass العديد من التحديات التي تعرقل نموها وتحقيق الأهداف المسطرة لها، حيث يمكن تلخيصها في عدة نقاط على النحو الآتي:
أولاً: مفهوم الملكية
لا يزال بعض اللاعبين يفضلون امتلاك الألعاب بشكل فعلي، ولا يشعرون بالراحة مع فكرة استئجارها عبر خدمة اشتراك.
ثانيًا: جودة ألعاب السحابة
قد تكون تجربة ألعاب السحابة متقطعة وغير مستقرة، خاصة في المناطق التي تعاني من ضعف الاتصال بالإنترنت.
ثالثًا: التكلفة
على الرغم من أن خدمات الاشتراك توفر قيمة كبيرة على المدى الطويل، إلا أن بعض اللاعبين قد يجدون صعوبة في دفع رسوم شهرية ثابتة، وإزدياد أسعار الخدمة أصبح أمر حتميًا وقد شهدناها عدة مرات سابقًا.
مستقبل الألعاب: هل هو في السحابة؟
على الرغم من هذه التحديات، يعتقد العديد من الخبراء أن ألعاب السحابة هي مستقبل صناعة الألعاب. فمع تطور التكنولوجيا وتحسن سرعات الإنترنت، ستصبح تجربة ألعاب السحابة أكثر سلاسة وجودة، مما يجعلها خيارًا جذابًا للاعبين الذين يبحثون عن الوصول إلى مكتبة ضخمة من الألعاب دون الحاجة إلى شراء أجهزة باهظة الثمن.
مايكروسوفت و Xbox: مستقبل يركز على المحتوى
رغم تركيزها المتزايد على خدمات الاشتراك وألعاب السحابة، لم تتخل مايكروسوفت عن وحدات التحكم Xbox بشكل كامل، فالشركة ستطلق إصدارات جديدة من Xbox Series X و S في وقت لاحق من هذا العام.
ومع ذلك، من الواضح أن مايكروسوفت ترى أن مستقبلها يكمن في المحتوى، وليس في الأجهزة، وذلك لأنها تستثمر بكثافة في Game Pass وألعاب السحابة لتصبح رائدة في الجيل التالي من الألعاب، حيث ستكون التجربة هي الأهم، بغض النظر عن الجهاز الذي يستخدمه اللاعب.
في النهاية، يمثل تحول مايكروسوفت نحو نموذج الاشتراك وألعاب السحابة تحولًا كبيرًا في صناعة الألعاب، ومع استمرار تطور التكنولوجيا، سيكون من المثير للاهتمام رؤية كيف ستتأثر هذه الصناعة بهذا التغيير، وكيف ستتكيف الشركات الأخرى مع هذا الواقع الجديد.