بعد سنوات من الجدل والمنع، فوجئ اللاعبون في السعودية بعودة لعبة Grand Theft Auto 5 رسميًا إلى المتاجر الرقمية المحلية بعد فسحها من قبل الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع في وقت سابق من هذا العام 2025.
خطوة اعتبرها كثيرون دليلاً على انفتاح أكبر تجاه صناعة الألعاب وتطور معايير الرقابة. لكن مع اقتراب صدور GTA 6، يبدو أن تكرار هذا السيناريو لن يكون بنفس السهولة.
فسح GTA 5 هو خطوة مدروسة وليست مصادفة
قرار فسح GTA 5 لم يكن مجرد تنازل من الجهات الرسمية، بل نتيجة لتوازن دقيق بين الواقع الرقمي المتغير والرغبة في تنظيمه. اللعبة حصلت على تصنيف (+21) وتم السماح ببيعها ضمن ضوابط محددة، بعد أن خضعت لتقييم شامل من حيث المحتوى.
وفي الواقع، كان هذا القرار منطقيًا، خصوصًا أن اللعبة كانت منتشرة منذ سنوات بطرق غير رسمية بين اللاعبين، ما جعل منعها فعليًا غير ذي جدوى. من وجهة نظري، كان ذلك قرارًا عمليًا أكثر من كونه لينًا، فالهيئة أرادت احتواء الظاهرة بدل تجاهلها.
GTA 6 مشروع أكثر طموحًا وجرأة
لكن التحدي المقبل مختلف تمامًا. فبحسب ما كشفت عنه روكستار رسميًا، فإن GTA 6 ستكون اللعبة الأكثر طموحًا وواقعية في تاريخ السلسلة، وستعيدنا إلى مدينة “Vice City” ببيئة نابضة بالحياة، ومحتوى اجتماعي أكثر جرأة من أي وقت مضى.
اللعبة ستقدم لأول مرة بطلة أنثى، كما تشير التسريبات إلى وجود حوارات وتفاصيل تعكس قضايا معاصرة مثل العنف والجريمة والعلاقات الشخصية، وهي موضوعات قد تعتبر حساسة في السياق المحلي. من هنا، يمكن القول إن فسح اللعبة هذه المرة لن يكون قرارًا إداريًا بسيطًا، بل سيتطلب دراسة دقيقة لكل جزئية من المحتوى.
الهيئة السعودية أكثر وضوحًا الآن، لكن أكثر حذرًا أيضًا
خلال الأعوام الماضية، أظهرت الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع تطورًا ملحوظ في تعاملها مع الألعاب ذات المحتوى الجدلي. فقد تم حظر أو تأجيل إصدار ألعاب مثل The Last of Us Part II وDevil May Cry 5 النسخة الأصلية لفترات مؤقتة، قبل السماح بها بنسخ معدلة أو مصنفة بدقة.
لكن التحدي مع روكستار هو أن الشركة لا تقبل عادة أي تعديل على محتواها الفني، وهو ما قد يجعل من عملية الفسح أمرًا صعبًا إن لم يكن مستحيلاً، خاصة إذا احتوى الإصدار الجديد على مشاهد أو مواضيع تتعارض مع القيم المحلية.
اللاعبون السعوديون بين الأمل والقلق
الجمهور السعودي يعد من أكبر مجتمعات GTA في المنطقة، وقد أثبتت الإحصائيات أن السلسلة من الأكثر مبيعًا وتداولًا في السوق المحلي. لكن مع الحماس الكبير تجاه GTA 6، هناك أيضًا تخوف حقيقي من أن تتكرر تجربة المنع الطويلة التي رافقت الإصدارات السابقة.
الكثير من اللاعبين يرون أن الفسح الرسمي لا يعني فقط إتاحة اللعبة، بل أيضًا اعترافًا بنضج جمهور الألعاب المحلي وقدرته على التمييز بين الخيال والواقع.
خلاصة الرأي والتحليل
فسح GTA 5 كان نتيجة واقع فرض نفسه، وليس بالضرورة مؤشر على أن الباب أصبح مفتوح بالكامل أمام السلسلة. ورغم أن السعودية اليوم أكثر انفتاحًا وتفهمًا لصناعة الألعاب، فإن GTA 6 تبدو أكثر تعقيدًا من أن تمر بنفس السلاسة. برأيي، إن أرادت روكستار رؤية لعبتها في الأسواق السعودية يوم الإطلاق، فعليها مراعاة معايير المنطقة قليلًا، أو على الأقل إتاحة نسخة مخصصة تلائم الأنظمة المحلية، وهي خطوة قد تحدد مستقبل السلسلة في الشرق الأوسط.
