في سلسلة “قـصـة”، تناولنا سابقاً Rocksteady من بداياته الرائعة إلى تخبطات الأستوديو وها نحن نعود لكي نسلط الضوء على حكايات صعود وسقوط أستوديوهات الألعاب الأخرى مثل “Naughty Dog” من بداياتهم الحالمة إلى التحولات الجذرية التي غيرت مسارها.
من الذهب إلى الرماد، قصة Naughty Dog هي قصة صعود وانهيار، وكيف تحول هذا الاستوديو الأسطوري، الذي استحوذت عليه شركة سوني، من رمز للابتكار والإبداع إلى مكان تشتعل فيه الخلافات وتثار التساؤلات؟ اليوم، سنكشف الستار عن الجانب المظلم من نوتي دوغ، وسنحاول فهم ما حدث لهذا الاستوديو العظيم وكيف تحول من ذروة النجاح إلى واقع يثير الجدل والأسى.
1 | أحلام كبيرة ونكبات صغيرة
تأسس نوتي دوغ عام 1948 كأحد أقدم الأستوديوهات في عالم الألعاب، كانت انطلاقته متواضعة، إذ أصدر أولى ألعابه عام 1988 بعنوان Dream Zone لكن هذه اللعبة وسلسلة من الإصدارات اللاحقة لم تحقق النجاح المرجو.
نقطة التحول جاءت عندما تعاون الأستوديو مع Universal لإنتاج لعبة Crash Bandicoot، في البداية كان من المقرر أن تصدر اللعبة على جهاز سيجا لكن فشل الجهاز دفعهم لنقل اللعبة إلى بلايستيشن 1 حيث حقق الإصدار الأول نجاحًا ساحقًا وبسبب هذا النجاح استحوذت سوني على الأستوديو، ومن هنا بدأ مشوار الإبداع.
2 | صعود نجم
بعد نجاح كراش، أطلقت نوتي دوغ سلسلة Jack & Dexter التي أثبتت أنها أكثر من مجرد مطور لألعاب المنصات، حيث حققت السلسلة نجاحًا باهرًا ما جعل سوني تمنح الأستوديو الحرية الكاملة لتطوير ما يرغبون به.
في تلك الفترة كانت ألعاب المغامرات تعاني ركودًا، وسلسلة تومب رايدر بدأت تفقد بريقها، هنا قررت Naughty Dog إحياء هذا التصنيف من خلال سلسلة Uncharted، حيث صدر الجزء الأول عام 2007، ليعيد تصنيف ألعاب المغامرات إلى الواجهة، محققًا إعجاب اللاعبين والنقاد على حد سواء.
3 | بداية التحول مع The Last of US
في نهاية حقبة بلايستيشن 3، أعلنت نوتي دوغ عن مشروع جديد بعنوان The Last of Us، ركزت اللعبة على القصة، وأضافت عنصر الزومبي الذي كان شائعًا في ذلك الوقت، حيث حققت اللعبة نجاحًا مذهلًا لكنها مثلت نقطة تحول خطيرة.
منذ إصدارها بدأ تركيز الأستوديو ينصب بشكل أكبر على العامل السينمائي مع إدخال ما يمكن وصفه بـ ”الأجندات الخفية” من خلال الإضافة الخاصة باللعبة والتي صدرت عام 2014 عكست هذا التوجه بشكل أوضح، حيث بدا أنها تهدف لإرضاء الإعلام أكثر من إرضاء اللاعبين.
4 | Uncharted 4 والمجد الأخير؟
رغم كل الانتقادات، أصدر استديو التطوير التابع لسوني Naughty Dog عام 2016 لعبة Uncharted 4 التي اعتبرها البعض تحفة سينمائية حيث قوبلت بترحيب واسع من اللاعبين والنقاد ما جعلها أحد آخر إصدارات الأستوديو التي حظيت بإجماع إيجابي.
5 | The Last of Us Part II طامة كبرى
في عام 2020، أصدرت نوتي دوغ الجزء الثاني من The Last of Us، وقبل الإصدار أثار العرض الترويجي الأول موجة من الجدل، حيث تضمن دعمًا صريحًا لأجندات اجتماعية، ما أثار استياء شريحة واسعة من اللاعبين.
تفاقمت الأزمة عندما تم تسريب أجزاء من القصة قبل الإصدار كاشفة عن حبكة غير مرضية للكثيرين، وقرارات درامية قُوبلت بالرفض، ورغم الموجة الإعلامية التي حصلت عليها اللعبة إلا أن الانتقادات كانت حادة، وأتهم اللاعبون نوتي دوغ بإهمال رغباتهم لصالح أجندات وأرباح تجارية.
6 | ما تبقى من Naughty Dog
خلال حفل جوائز الألعاب العام الماضي فاجأت نوتي دوغ الجميع بإعلان لعبتها الجديدة Intergalactic: The Heretic Prophet وبدلاً من التركيز على تجربة لعب ثورية أو قصة ملحمية جاءت اللعبة لتُكرّس اتجاهاً جديدًا للأستوديو، وهو الترويج لأجندات فكرية واضحة على حساب الجودة.
تدور اللعبة حول “الإيمان بالمؤسسات وتأثيرها على الأفراد”، وهو ما اعتبره العديد من اللاعبين محاولة أخرى لفرض سرديات معينة داخل الألعاب، فبدلاً من التركيز على تقديم مغامرة شيّقة، يبدو أن نوتي دوغ عازمة على الاستمرار في تحويل ألعابها إلى منصة لتوجيه رسائل اجتماعية وسياسية غير مكترثة بما يريده جمهورها الأصلي.
الخاتمة
في الماضي، كانت Naughty Dog مثالاً على كيف يمكن للألعاب أن تجمع بين المتعة والقصص القوية أما الآن فقد باتت مثالًا للأستوديوهات التي تُضحي بكل شيء في سبيل تمرير أجندات فكرية حتى لو كان ذلك على حساب هوية الألعاب نفسها.
السؤال الذي يطرح نفسه الآن هل تستطيع نوتي دوغ أن تعود إلى جذورها أم أن هذا التحوّل أصبح جزءًا لا يتجزأ من هويتها الجديدة؟ أم أن الوقت قد حان لتوديع نوتي دوغ والبحث عن استوديوهات تهتم حقًا بما يريده اللاعبون؟