بين عوالم غارقة في الغموض وأنقاض حضارة منسية تحاول Cronos: The New Dawn أن تقدم لنا رحلة تجمع بين رهبة الخيال العلمي وتوتر الرعب النفسي، هي رحلة إلى أعماق الظلام حيث يختلط الفضول بالخوف ويصبح كل انعكاسٍ في الظل نذير خطرٍ قادم.
بعد أن طرق Bloober Team أبواب العقول المظلمة في Silent Hill 2، يعود اليوم بخطوة جديدة على درب الرعب النفسي في خطوة تثير السؤال هل سنشهد ميلاد تحفة تُحفر في الذاكرة؟ أم أن ألحان هذا العالم ستذوب وتختفي في صمت عتمته.. هذا ما سنعرفه في رحلتنا.
مراجعة وتقييم Cronos: The New Dawn
الناشر | Bloober Team |
المطور | Bloober Team |
تصنيف اللعبة | أكشن – مغامرات، نجاة، رعب، منظور شخص ثالث |
المنصات | PS5 – Xbox Series X/S Windows – Nintendo Switch 2 |
تأريخ الإطلاق | 5 – 9 – 2025 |
السعر | 59.99$ |
زمن اللعب | ~20 ساعة |
نسخة المراجعة | PS5 |
القصة والسرد
تبدأ الرحلة بصحوةٍ غريبة لشخصية تُعرف بأسم “المسافر” تستيقظ داخل آلةٍ باردة تسمى التابوت وهو جهاز أشبه بمزيج من نعش ومستودع ذكريات يتغذى على اختبارات نفسية غامضة، يفرض عليك النظام أختبار رورشاخ وهو أختبار نفسي تسجل فيه تصّورات الأشخاص عن بقع من الحبر ليتم تحليلها باستخدام التفسير النفسي من أجل فحص خصائص شخصية الشخص وأدائه الانفعالي.
الغموض يبقى سيد الموقف وكأن كل سؤال يولّد سؤالاً أكبر منه، المهمة تبدو بسيطةً في ظاهرها وهي البحث عن شيء يدعى “السلف” لكن لماذا؟ من يكونون؟ هل هم آخر ما تبقى من البشر أم مجرد أطياف عالقة بين الماضي والمستقبل؟ الأسئلة تتكاثر هل المسافرون بشر حقاً أم أدوات مصنّعة؟ مع كل خطوة تشعر أن ما يدفعك إلى الأمام ليس الهدف المعلن بل الرغبة في اكتشاف الحقائق المخفية خلف من يكون المسافر.
الغموض إلى أين؟
رغم أن الغموض يشكّل العمود الفقري للقصة إلا أنه سرعان ما يتحوّل من أداة إثارة إلى عبء ثقيل حيث تجد أن الأجوبة حين تأتي لا تحمل القوة الكافية لاحتضان هذا الترقب لينحدر السرد من قمةٍ كان قادراً على اعتلائها إلى وادٍ يفتقر إلى العمق الذي وُعِدنا به، أما الشخصيات فهي لا تتجاوز كونها ظلالاً عابرة تمر أمامك ثم تختفي دون رابط حقيقي أو عمق يجعل حضورها ذا معنى وهو ما أضاع على اللعبة فرصة ذهبية لاستثم ار الغموض حتى اللحظة الأخيرة.
أسلوب اللعب
القتال في Cronos: The New Dawn ليس ساحة للبطولات السريعة بقدر ما هو اختبار للصبر والنجاة، كل مواجهة تحمل في طياتها ثِقلاً واضحاً، الذخيرة نادرة إلى حدٍ يجعلك تُفكّر ملياً قبل الضغط على الزناد، والمخلوقات تتطلب ضربات متكررة كي تسقط أرضاً مما يجعل كل رصاصة أثمن من أن تُهدر بلا حساب، ويمكن تمثيله في التالي:
الميكانيكيات الأساسية
الأسلحة بدورها تحمل جانباً مزدوجاً بوجود نظام مقايضة تقليدي يعيد للأذهان ثِقل المواجهات في Dead Space، ضربة بطيئة لكنها مؤثرة غير أن البطء ذاته يعرّضك لتلقي الكثير من الضرر، الأمر هنا ليس اندفاعاً هجومياً بل صراع متوازن بين الجرأة والحذر، بين أن تُغامر بضربة واحدة أو تتراجع لتعيد حساباتك.
الأبداع والتفرد
رغم محدودية عدد الأسلحة وصعوبة تطويرها إلا أن هذه الندرة لا تُضعف التجربة بل تُثريها، فكل سلاح تلتقطه في رحلتك يحمل وزنه الخاص ويمنحك شعوراً متدرجاً بالقوة، لكل سلاح ميكانيكية متقنة تُكسبه شخصيةً مستقلة وتجعل استخدامه أكثر من مجرد خيارٍ عابر، في كل مرة تواجه فيها سرباً من المخلوقات تجد نفسك تميل إلى ميزانٍ حساس بين ما تملكه من ذخيرة وما يحيط بك من تهديدات، لحظة قرار قد تُنقذك أو تُلقي بك في فوضى لا مخرج منها.
التنوع
- كل ما سبق يجعل التجربة غنية بالمواقف القاسية والمعقدة غير أن اللعبة لا تتركك عاري اليدين تماماً فهي تمنحك أدوات مساعدة لا تقل أهمية عن الأسلحة نفسها متفجرات تُغيّر مجرى معركة في لحظة، مصادر صحة تُعيد لك أنفاسك قبل السقوط ولهيب النيران الذي يفتح لك باب النجاة وسط الفوضى.
- بالإضافة إلى وجود نظام تطويرٍ يرافقك في رحلتك، أقرب ما يكون إلى شجرة مهارات تُنثر ثمارها بين أروقة الاستكشاف، هذا النظام يمزج بين زيادة الضرر وتقليل استهلاك الموارد لكنه يظل نادراً بقدر ندرة الذخيرة ذاتها مما يضيف طبقة جديدة من الحذر إلى كل قرار تتخذه.
المتعة ليس خالية….
- كل مواجهة تتحوّل إلى درسٍ جديد في فن التوازن أن تُغامر بما تملك أم تتراجع لتعيد رسم خطتك في لحظة فاصلة بين الانتصار والانكسار، ورغم هذا التنوع والتفرد في نظام القتال إلا أن التجربة لا تخلو من عثرات واضحة، آلية التصويب تبدو أحياناً متصلبة وركيكة، الإصابات لا تأتي بالدقة المطلوبة مما قد يُضعف الإحساس بالرضا عند المواجهة، هذه الثغرات قد تدفع البعض إلى النفور إن لم يتحلَّ بالصبر والقدرة على التكيّف مع أسلوب اللعبة.
العالم والاستكشاف
- عالم Cronos: The New Dawn خطي بالكامل مع لحظات محدودة تمنحك مجالاً للاستكشاف، ورغم قلة تنوع البيئات، إلا أنه يخدم السرد بشكل فعال ويعزز أجواء اللعبة الغامضة، كما أن الاستكشاف هنا مُكافأ بشكل مرضٍ فكل زاوية وكل غرفة قد تخفي عناصر مهمة تفيدك في تقدمك أو تعمّق فهمك للعالم المحيط.
- الرسوميات والتوجه الفني لا تمنح اللعبة هوية بصرية فريدة تميزها عن غيرها فالأمر أشبه بتجربة مألوفة من حيث الأسلوب البصري.
- التنوع في الأعداء يثري التجربة بشكل واضح، جحافل من الوحوش تحيط بك، وكل خصم يمكن أن يكتسب قوة إضافية عند سقوط غيره ليصبح أكثر صرامة في مواجهتك، فيما الرصاص يظل أداة حاسمة لكنها ليست كافية دائماً.
الصوتيات والموسيقى
- من الناحية الصوتية تقدم اللعبة تجربة غامرة بفضل المؤثرات المتقنة، أصوات الأسلحة، صرخات المخلوقات وضجيج البيئة المحيطة تعمل بتناغم دقيق يجعل العالم نابضاً بالتوتر ويشدك أكثر إلى قلب الرعب.
- أما الموسيقى فهي شبه غائبة عن التجربة، اللعبة تعتمد بشكل شبه كامل على المؤثرات الصوتية وهو خيار قد يضاعف الإحساس بالعزلة أحياناً لكنه في المقابل يُفقد اللحظات الدرامية ذروتها، كان بإمكان الموسيقى أن تُعزز الانغماس، أن تدفع المشاهد إلى حدودها القصوى لكنها هنا غابت تاركة فراغاً ملحوظاً.
الأداء التقني
- من الناحية التقنية لا تكشف Cronos: The New Dawn عن أي جديد يُذكر مقارنةً بما قدمته سلاسل أخرى في السنوات الأخيرة، المشهد البصري جميل في سياقه لكنه لا يرقى إلى معايير الحداثة في هذا النوع من الألعاب وكأنها خطوة ثابتة في زمن يتسابق فيه الآخرون نحو آفاقٍ أكثر طموحاً.
- رغم ذلك تُحافظ اللعبة على معدل إطارات مستقروهو عنصر إيجابي يضمن سلاسة التجربة حتى في أشد المواقف ازدحاماً بالوحوش والفوضى.
- وعلى صعيد الإعدادات التقنية تتيح اللعبة خيارين رئيسيين:
- وضع الجودة:يمنح الأولوية للدقة البصرية مع الحفاظ على استقرار الإطارات.
- وضع الأداء:يرفع معدل الإطارات وسلاسة الحركة لكنه يُضحّي بجزء من جودة الصورة والمؤثرات.
الإيجابيات
- تنوع الأعداء يجعل عنصر التحدي حاضراً بقوة ويجعل كل مواجهة مختلفة عن سابقتها.
- المؤثرات الصوتيةمتقنة وتغمر اللاعب بجو من الرعب يضاعف الإحساس بالتوتر.
- مواجهات الزعماء ثرية في صعوبتها ممتعة في جوهرها وتدفع الأدرينالين إلى أقصاه.
- مكافآت الاستكشاف مجزية وتشجعك على دخول الغرف المغلقة والتجول في الممرات الجانبية.
- إدارة الموارد عنصر محوري يرفع تجربة النجاة إلى أقصى مستوياتها ويجبرك على إتقان فن التوازن.
- نظام تطوير المهارات يمثل تحدياً ممتعاً ومغرياً ويضيف بعداً استراتيجياً للتقدم.
- الأسلحة ليست مجرد أدوات عابرة فلكل سلاح شخصية وهوية خاصة تمنحه وزنه الفريد.
- تصميم العالم متقن ويضيف لمسة من الفضول والتحدي مع ربط البيئات ببعضها بشكل يخدم الاستكشاف.
- وجود الخيارات يضيف متعة إضافية ويؤثر على سرد بعض الأحداث.
السلبيات
- نظام التصويب متذبذب ما يجعل التجربة القتالية أقل إرضاءً في لحظات حرجة.
- القصة تفقد قوتها تدريجياً إذ ينحدر الغموض بدلاً من أن يتطور مما يضعف البناء السردي.
- التوجه الفني لا يضيف جديداً على الساحة فيفقد اللعبة فرصة امتلاك هوية بصرية خاصة بها، وواجهة ما ستخدم تبدو فقيرة وكأنها قادمة من جيلٍ سابق.
- الموسيقى شبه غائبة ولا تلعب دوراً محورياً ولا حتى جانبياً مما يقلل من الانغماس في الأجواء.
- الأداء الصوتي للشخصيات متواضع يفتقر إلى الانفعال اللازم لإقناع اللاعب والارتباط بهم.
- الألغاز بسيطة إلى درجة السذاجة أحياناً ما يفقد التجربة عنصراً مهماً كان قادراً على رفع مستوى التحدي.
- المواجهة المباشرة تفتقر إلى العمق ولا تضيف شيئاً يُذكر للتجربة لتبدو مجرد محاولة يائسة أكثر من كونها ركيزة فعلية للعبة.
- ضعف عام في فيزياء اللعبة يضعف التجربة ويجعلها متأخرة عن سابقتها.
جدير بالذكر أن غياب اللغة العربية يحد من وصول وفهم اللاعبين للعبة، ويعيق الانسجام في قصتها.
التقييم النهائي – 8
8
جيدة جدا
Cronos: The New Dawn ليست لعبة كاملة من حيث العناصر لكنها تملك ما يكفي لتترك بصمتها في ذاكرة من يخوضها بين قتالٍ يتأرجح بين القسوة والمتعة وعالمٍ خطي يفيض بالتفاصيل الصغيرة، وتجربةٍ صوتية متقنة تفتقر لموسيقى ترفع إيقاعها، إنها رحلة صعبة مليئة بالمفاجآت والإحباطات أحياناً لكنها تُكافئ من يمنحها الصبر والوقت، ليست للجميع لكنها قد تكون للذين يبحثون عن التحدي والتوازن بين الخوف والجرأة.