تعود إلينا سلسلة الكوابييس الصغيرة من جديد حاملةً قصيدةً خفية تُقرأ بالأنفاس المتقطعة والعيون المتوجسة لتستحضر فينا خوف الطفولة، ذاك الخوف الذي يتجسّد حين يبدو كل ظل وكل صوت بعيد كعين تراقبك من المجهول، هل يتكرر الأمر مع Little Nightmares 3؟
منذ الإعلان لأول مرة عن تنحي المطوّر Tarsier Studios عن السلسلة نتيجة استحواذ Embracer Group عليه، باتت الأنظار تتجه نحو مستقبل السلسلة، وبالتالي بموجب اتفاقية منفصلة مع Bandai Namco بقيت حقوق الملكية الفكرية لديها، لكن مع انتقال الشعلة إلى Supermassive Games المطوّر المعروف خلف ألعاب الرعب السردية مثل Until Dawn وThe Quarry تطرح أسئلة نتيجة هذه النقلة.
هل يستطيع هذا الأستوديو أن يحمل إرث عالم يرفض المنطق خارج أسلوبه المعتاد؟ وهل سينجح في الحفاظ على الهوية البصرية والنفسية التي جعلت السلسلة فريدة؟ هذا ما سنحاول الإجابة عنه في مراجعتنا.
مرحباً بكم في مراجعة وتقييم Little Nightmares 3.
الناشر | Bandai Namco Entertainment |
المطور | Supermassive Games |
تصنيف اللعبة | ألعاب منصات – ألغاز، رعب نفسي |
المنصات | Switch 1/2, PS4, PS5, PC, Xbox One, Series X/S |
تاريخ الإطلاق | 10 – أكتوبر– 2025 |
السعر | 39.99$ |
زمن اللعب | ~6 ساعة |
نسخة المراجعة | PS5 |
القصة والسرد
ملخص قصة Little Nightmares 3
تدور أحداث اللعبة في عالمٍ جديد يُدعى The Spiral، حيث يواجه الثنائي Low وAlone سلسلة من البيئات المشوّهة التي تمزج بين الرمزية والرعب النفسي مع حفاظ السلسلة على روح الغموض التي لطالما ميّزتها دون الإفصاح الكامل عن المعنى.
العلاقة بين الشخصيتين تشكّل محور السرد العاطفي، إذ تنقل اللعبة مشاعر الارتباط والخوف دون حاجة إلى الكلمات، بالإضافة إلى تواجد الرمزية بقوة فكل فصل يرمز إلى هاجس إنساني عميق، كالعزلة، الطاعة أو الوهم.
مع ذلك يعاني عنصر الغموض من تراجعٍ نسبي في منتصف اللعبة إذ تُكشف بعض خيوطه مبكراً على نحو يُضعف تماسك الفصول اللاحقة، كان من الممكن توظيف هذا الغموض بشكل أدق وربطه بالحبكة حتى لحظاتها الأخيرة مما كان سيضيف تأثيراً درامياً أعمق كما حدث في الجزء السابق.
نقد القصة
قد لا يكون كشف الغموض وخيطوها المبكر في القصة دليلاً على ضعف في الكتابة، بل أسلوباً سردياً مقصوداً يهدف إلى تحويل محور الاهتمام من السؤال التقليدي حول ما هو السر، إلى رحلة التعامل مع الحقيقة نفسها. فبدلاً من أن ينشغل اللاعب بمحاولة اكتشاف المجهول، يصبح التحدي النفسي والعاطفي متمحوراً حول كيفية مواجهة الشخصيتين Low وAlone لما عرفتاه، وما إذا كان بإمكانهما الثقة ببعضهما بعد ذلك.
هذا التوجه السردي لا يُفقد القصة غموضها، بل يعيد تعريفه من خلال زرع الشك وتعميق الصراع الداخلي، وربما حتى خداع اللاعب بإيهامه أنه اكتشف الحقيقة، بينما ما زال الجزء الأخطر منها مختبئًا خلف الستار.
أسلوب اللعب
تحافظ اللعبة على مزيجها المألوف بين المنصات، الألغاز والتسلل مع إدخال عنصر جديد طال انتظاره هو اللعب التعاوني الذي يقدم لأول مرة في السلسلة.
يضيف هذا العنصر ديناميكية جديدة للعالم المظلم حيث يعتمد التقدم في المراحل على التعاون بين الشخصيتين:
- Low: الصبي الذي يرتدي عباءةً زرقاء وقناعاً يشبه قناع ذاك الذي يرتديه الأطباء في فترة الطاعون، يستخدم القوس والسهم لمهاجمة الأعداء أو لحل بعض الألغاز.
- Alone: الفتاة ذات البدلة الخضراء وخوذة الطيار، تحمل مفتاح الصامولة الذي يُستخدم كسلاحٍ ثقيل لضرب الأعداء أو كأداةٍ لفتح الممرات وكسر الحواجز.
رغم أن ميكانيكيات اللعب الأساسية في Little Nightmares 3 ما تزال متينة فإنها تعاني من تكرار واضح في تصميم الألغاز والمواقف مقارنةً بالأجزاء السابقة، أغلب الأفكار سبق أن شاهدناها في السلسلة ولم تُقدّم إلا القليل من التجديد الحقيقي في تصميم التحديات أو آليات الحركة.
الفيزيائية وهي أحد الأعمدة الجوهرية للسلسلة فلا تزال تلعب دوراً محورياً في تعزيز الإحساس بالثقل والرهبة حيث تتفاعل البيئة بشكل واقعي مع حركة الشخصيات من سحب الأجسام الثقيلة إلى تفاعل الإضاءة، ومع ذلك تبقى الفيزيائية الدقيقة للأشياء الصغيرة غير متقنة في بعض المواقف خصوصاً عند التعامل مع الأدوات أو أثناء التحريك.
ملحوظة: يجدر الإشارة إلى أن اللعبة تدعم اللعب التعاوني عبر الإنترنت فقط دون وجود طور لعب تعاوني محلي كما تدعم اللعبة ميزة الـ Friend’s Pass حيث يمكنك دعوة صديق على نفس المنصة دون الحاجة لامتلاكه نسخة منها.
العالم والتصميم الفني
المستوى البصري للعبة صُمّم بعناية فهو ليس مجرد عنصر جمالي بل وسيلة سرد حين يكشف الحلم عن هشاشته، كل بيئة هي سجن من أشباح الماضي، فقد أبدع فريق Supermassive Games في بناء عالم ينهض على التناقض بين الطفولة والخراب من المدن المائلة إلى الغرف الخانقة والوجوه المشوّهة جميعها تبدو كأنها انعكاس لواقعٍ مريض أكثر من كونه خيال ضحل.
الصوتيات والموسيقى
الموسيقى تأتي مكملة لهذا البناء البصري، حفيف خطوات وصرير معدني يذكّرك بأن العالم لا يرحم، الأصوات ليست خلفية بل كائنات حية تتربص بك وتشارك في السرد، كما تتعامل اللعبة مع الصوتيات كأداة درامية لا تقل أهمية عن الصورة، الهمسات، صرير الأبواب وأنين الخشب تحت الأقدام جميعها تصنع لحناً خفياً يتنقل بين التوتر والحزن، التجربة الصوتية في اللعبة لا تسعى إلى التأثير المباشر بل تنساب كأنها أنين بعيد من ذاكرةٍ منسية.
الإيجابيات
- دعم كامل للغة العربية في خطوة تعكس إدراك المطوّر لأهمية السوق العربية.
- قصة مشوّقة وعميقة الرموز تحافظ على روح السلسلة.
- تصميم فني فريد يجمع بين الجمال المظلم والتفاصيل الدقيقة.
- موسيقى ومؤثرات صوتية آسرة تُضيف توتراً مستمراً.
- تجربة تعاونية مبتكرة تمنح السلسلة بعداً جديداً في أسلوب اللعب.
- استمرار الهوية البصرية التي اشتهرت بها السلسلة مع تحسينات تقنية واضحة.
- التعاون بين الشخصيتين ممتع ويقدّم ميكانيكيات جديدة متوازنة.
- أسلوب القتال متجدد ويضيف لمسة ديناميكية لم تكن موجودة في الأجزاء السابقة
السلبيات
- ذكاء اصطناعي غير مستقر للشريك قد يؤدي إلى مواقف مزعجة أثناء اللعب.
- تكرار في بعض المشاهد والأفكار من الأجزاء السابقة دون تأويل جديد.
- نقص في تنوع الألغاز والتحديات مقارنة بالتوقعات من جزءٍ جديد.
- تطوّر الشخصيات محدود حيث تفتقر القصة إلى لحظات تبني عمقها النفسي تدريجياً.
- فيزيائية غير متقنة أحياناً خصوصاً عند استخدام الأدوات أو التعامل مع الأجسام الصغيرة، ويتضح عند التفاعل البيئي الذي ظهر أنه أقل مما قدّمه الجزء الثاني.
كابوس لا تُواجهه وحيداً – 8.5
8.5
كابوس لا تُواجهه وحيداً
Little Nightmares 3 ليست لعبة تُخيفك بل لعبة تجعلك تتأمل خوفك في تجربة فنية تتقاطع فيها الجمالية مع الرعب النفسي ورغم بعض العثرات التقنية والتكرار إلا أنها تُظهر براعة Supermassive Games التصميمية على صون روح السلسلة وإثراء متعة ألعاب المنصات.