بعد الإعلان رسميًا عن استحواذ صندوق الاستثمارات العامة السعودي (PIF) على شركة Electronic Arts (EA)، إلى جانب شركتي Silver Lake وAffinity Partners، على شركة الألعاب العملاقة Electronic Arts (EA) مقابل 55 مليار دولار، موجة من الجدل في أوساط بعض الإعلاميين والمحللين، وكذلك اللاعبين الأجانب على وسائل التواصل الاجتماعي.
وبينما جاءت ردود الأفعال الأولى من هناك متباينة بشكل كبير، لكن لا يعلم هؤلاء أن هذه الصفقة ستحمل في طياتها حتمًا جوانب إيجابية لصناعة الألعاب وحتى للاعبين أنفسهم.
التحرر من ضغوط الأسواق المالية
لطالما كانت EA، كشركة مدرجة في البورصة، تحت ضغط مستمر لتحقيق أرباح ربع سنوية مرضية للمستثمرين. هذا الضغط انعكس بشكل مباشر على توجهاتها، حيث لجأت إلى أساليب المونيتايزيشن (Monetization) الجشعة والعدوانية في ألعابها، مثل صناديق الغنائم (loot boxes) والمشتريات داخل اللعبة، وذلك بهدف تعظيم الإيرادات بسرعة. حيث واجعت الكثير من الانتقادات والقضايا المتعلقة بها على مستوى بلدان وأسواق ضخمة.
لكن مع تحولها إلى شركة خاصة، ستتحرر شركة EA من هذه الضغوط، وهو الأمر الذي قد يمنحها مساحة أكبر للتفكير بعقلية طويلة المدى بدلاً من اللهاث وراء الأرباح السريعة. لكن هذا لا يعني او لا يضمن فعليًا أنها ستغير من هذه السياسة.
تركيز أكبر على جودة الألعاب وعودة كلاسيكيات محبوبة
التخلص من متطلبات إرضاء المستثمرين قد يتيح لشركة النشر EA واستديوهاتها، التركيز على تطوير ألعاب عالية الجودة، بعيدًا عن الممارسات التجارية المثيرة للجدل. هذا التحول قد يساعد الشركة على استعادة ثقة اللاعبين وبناء صورة أفضل في المجتمع الذي طالما انتقد سياساتها.
لذلك، فالأمان والدعم المالي الضخم الناتج عن الاستحواذ يمنح EA القدرة على الاستثمار في مشاريع أكبر وأكثر طموحًا، وهذا قد يعني عودة سلاسل ألعاب مفضلة أو حتى إطلاق عناوين جديدة كليًا يمكن أن تغيّر شكل السوق.
فشركة Electronic Arts تملتك العديد من الألعاب الكلاسيكية التي تحتاج الى العمل لإحيائها ونفذ الغبار عنها، او ربما أجزاء جديدة تعيد بعضها الى الواجهة من جديد، وقد نحصل أخيرًا على ريميك لسلسلة الرعب العائدة بقوة Dead Space 2.
التجربة خير شاهد وبرهان
من الأمثلة الواضحة على تأثير استثمارات صندوق الاستثمارات العامة السعودي في صناعة الألعاب، استحواذه على شركة SNK اليابانية عام 2022 بحصة تجاوزت 96% من أسهمها. هذا الاستحواذ منح SNK استقرارًا ماليًا أكبر مكّنها من التركيز على تطوير عناوينها الرئيسية وجلب أجزاء جديدة من سلاسلها الشهيرة متمثلة في The King of Fighters XV وFatal Fury: City of the Wolves، إلى جانب الإعلان عن إنشاء استوديو داخلي متخصص باسم KOF Studio لتعزيز استمرارية السلسلة وتوسيع محتواها.
كما افتتحت الشركة فرعًا في سنغافورة لتوسيع حضورها في أسواق جنوب شرق آسيا، في حين أكد المطورون أن الاستحواذ لم يفرض أي قيود إبداعية على فرق التطوير، وهو ما سيساعد في الحفاظ على هوية ألعابها. هذه التجربة يمكن أن تعطي مؤشرًا على ما قد تحققه EA بعد انتقالها إلى ملكية خاصة بدعم مالي واستراتيجي مشابه.
توجه طويل المدى يناسب اللاعبين والمستثمرين
من الواضح أن صندوق الاستثمارات العامة يسعى إلى جعل EA أكثر قوة على المدى الطويل. وهذا يتطلب التخلي عن استراتيجيات قصيرة الأمد التي أضرت بسمعة الشركة. إذا تحقق ذلك، قد نشهد تحولًا حقيقيًا في علاقة EA بجمهورها.
إذا فخلاصة القول، أنه ورغم المخاوف الأولية، فإن استحواذ PIF على EA قد يشكل نقطة تحول مهمة في صناعة الألعاب. فإذا استغلت الشركة هذه الفرصة للتخلي عن سياسات المونيتايزيشن المبالغ فيها والتركيز على تقديم محتوى ممتع وملائم، فقد يكون المستفيد الأكبر في النهاية هم اللاعبون أنفسهم.