لطالما كانت خدمة Game Pass لغزًا محيرًا للعديد من اللاعبين حول العالم، فبينما تتردد أصداء التقارير والتسريبات عن المبالغ الطائلة التي تستثمرها مايكروسوفت في هذه المنصة، وظهور بعض الأصوات في مجتمع التطوير الذي عبر عن شكوكه في جدوى هذا النموذج الاقتصادي، يأتي تقرير بلومبيرغ الأخير ليكشف المستور ويضع الأرقام على الطاولة.
فهل هذه الاستراتيجية الجريئة ستؤتي ثمارها على المدى البعيد؟ أم أن “جيم باس” ستجد نفسها في مواجهة تحديات اقتصادية قد تعصف بأسسها؟ دعونا نغوص في تحليل جديد يسلط الضوء أكثر على أبعاد وتداعيات هذا النموذج الاقتصادي المثير للجدل.
في تحليلاتنا السابقة، سلطنا الضوء على التكلفة الباهظة التي تتحملها الشركة لجلب الألعاب إلى خدمة Game Pass، خاصةً ألعاب الفئة AAA ذات الميزانيات الضخمة، وقد أشرنا إلى أن إيرادات الاشتراكات الحالية لا تغطي هذه التكاليف بشكل كامل، مما يثير العديد من التساؤلات حول استدامة هذا النموذج الاقتصادي على المدى الطويل.
في تقرير ضخم يغطي حالة مايكروسوفت وإكس بوكس، قامت مجلة بلومبيرغ بتحليل عميق لتأثير خدمة الاشتراك Game Pass، ورغم أنها ليست مناسبة للجميع وحظيت بردود فعل متباينة من المطورين على مر السنين، لكن إحصائية مذهلة في تقرير المجلة تكشف عن مدى استثمار مايكروسوفت في المنصة.
حيث قيل في أكثر من مناسبة ومكان، إن عملاق التكنولوجيا الأمريكي ينفق مليار دولار سنويًا لجلب ألعاب الطرف الثالث إلى Game Pass، وغالبًا ما ينفق ملايين الدولارات فقط لتوقيع العقود.
“وعد الظهور” عنصر جذب رئيسي في “جيم باس”
في التقرير الضخم الذي كتبته كل من دينا باس وسيليا داناستاسيو من بلومبيرغ، تم استكشاف كل شيء من الصدام الأخير بين مايكروسوفت وهيئة التجارة CMA إلى إمكانات جهاز إكس بوكس المحمول باليد.
في مرحلة معينة، تحول محور النقاش الذي ركز في البداية على رئاسة سارة بوند لقسم إكس بوكس إلى خدمة “جيم باس” حيث تم استعراض تاريخ الخدمة منذ بداياتها المتواضعة بمكتبة ألعاب محدودة وسعر اشتراك منخفض، وصولًا إلى تحولها إلى مشروع ضخم يستنزف موارد مايكروسوفت المالية بشكل كبير.
هذا التحول يمثل نقلة نوعية في استراتيجية مايكروسوفت، حيث انتقلت من التركيز على تحقيق أرباح سريعة من خلال إصدارات الألعاب الكبيرة إلى بناء خدمة تحقق قيمة متزايدة على المدى الطويل، وقد أوضحت سارة بوند هذا التغيير الجذري في نموذج أو استراتيجية الشركة بقولها:
“هناك فرق بين إدارة تأثير الشبكة وتعظيم قيمة لعبة واحدة.”
ثم ذكرت بلومبيرغ أن مايكروسوفت تنفق مليار دولار سنويًا لجلب ألعاب الطرف الثالث إلى نظام Game Pass البيئي، الذي تم تصميمه مؤخرًا كنظام “اللعب في أي مكان” يتجاوز وحدات التحكم المنزلية البسيطة.
كانت خدمة Game Pass أيضًا تعديلاً كبيرًا للناشرين ونقطة تحول كبيرة، ومن أجل هذه الصفقة، كانت مايكروسوفت وما تزال تنفق مليار دولار سنويًا للحصول على ألعاب الطرف الثالث وجلبها خدمة الاشتراك.
كان الكرم أكثر من كافٍ لكسب الناشرين الصغار الذين تقدم لهم رسومًا ثابتة بملايين الدولارات مقدمًا لتضمين عناوينهم، إلى جانب جزء من إيرادات الاشتراك ووعد بالظهور الذي لم يكن بإمكانهم الاعتماد عليه.
ويشير “وعد الظهور” إلى الميزة التي يحصل عليها الناشرون الصغار عند إدراج ألعابهم في خدمة Game Pass، أي بمعنى آخر، عندما يوافق ناشر صغير على وضع لعبته على Game Pass، فإن مايكروسوفت تعده بأن لعبته ستحظى بـ “ظهور” أو “انتشار” واسع بين جمهور المشتركين في الخدمة، وهي تعتبر حافزًا قويًا للناشرين الصغار للانضمام الى الخدمة.
هذه الميزة مهمة للناشرين الصغار الذين قد لا يملكون الموارد التسويقية الكبيرة للترويج لألعابهم بشكل فعال، فوجود لعبتهم على منصة شهيرة مثل Game Pass يضمن لها وصولاً إلى قاعدة كبيرة من اللاعبين المحتملين، مما يزيد من فرص نجاحها وتحقيق مبيعات جيدة حتى بعد انتهاء فترة وجودها على الخدمة.
بالرغم من الزيادة الأخيرة في سعر Game Pass بسبب التضخم، وتغير الألعاب المتاحة بشكل دوري، إلا أن قوة الخدمة كمنتج قائم على الاشتراك لا يمكن إنكارها. ومن المتوقع أن تتعزز هذه القوة أكثر في الشهر المقبل مع إضافة لعبة Black Ops 6، وهي أول لعبة Call of Duty تنضم إلى مكتبة Game Pass.
تقدم Game Pass بالفعل مجموعة ضخمة من الألعاب، بما في ذلك عناوين من خدمات Ubisoft Connect و EA Play، مما يجعلها خيارًا جذابًا للغاية للاعبين حول العالم، وهي في تحسن مستمر.
تؤمن سارة بوند وفريق إكس بوكس إيمانًا راسخًا بمستقبل هذه الخدمة، ومع توجه واضح نحو تجاوز حدود منصات الألعاب التقليدية، يبدو أن تحقيق تجربة Game Pass متكاملة وسلسة عبر منصات متعددة وفي كل مكان هو الهدف الاستراتيجي الأهم للشركة في المرحلة المقبلة.
في الختام، يمكننا القول بحرية تامة أن ما من شك لدينا أن خدمة Game Pass تقدم تجربة لعب استثنائية بفضل مكتبتها الضخمة وتكلفتها المعقولة، ونحن كنقاد وإعلاميين لا ننكر جاذبية هذه الخدمة. ومع ذلك، تبقى هناك تساؤلات مشروعة حول استدامة هذا النموذج على المدى البعيد، خاصة مع التكاليف الباهظة التي تتكبدها مايكروسوفت لجذب العناوين إلى منصتها.
فهل ستؤثر هذه الاستثمارات الضخمة على جودة الألعاب المقدمة مستقبلاً؟ وهل سيضطر الناشرون إلى تقديم تنازلات في جودة منتجاتهم لتلبية متطلبات “جيم باس”؟ والأهم من ذلك، هل يشير لجوء مايكروسوفت إلى إتاحة بعض عناوينها على منصات منافسة إلى وجود قلق داخلي حول مستقبل الخدمة؟ وخاصة مع تصريحات سبنسر الأخيرة التي قال فيها صراحةً ردًا على جلب حصرياتهم الى منصات منافسة بأنهم “يديرون أعمالًا ربحية” هذه التساؤلات تضع علامات استفهام حول مستقبل “جيم باس”، وتدعونا إلى مراقبة تطورها عن كثب في السنوات القادمة.