لطالما احتلت سلسلة Dying Light مكانة خاصة في قلوب عشاق ألعاب المنظور الأول منذ صدور الجزء الأول عام 2015. فقد نجحت اللعبة آنذاك في المزج بين الأكشن والرعب والباركور لتقديم تجربة فريدة في عالم ألعاب الزومبي يصعب أن نجد لها مثيلًا في الصناعة، ولذلك كان لابد لنا من انتظار لعبة Dying Light: The Beast.
ورغم أن الجزء الثاني خيّب آمال الكثيرين عند إطلاقه، وُاصل فريق Techland دعمه على مدار السنوات الماضية حتى تمكن من تحسينه بشكل ملحوظ. واليوم يعود الفريق البولندي ليؤكد مرة أخرى حرصه على الاستماع لآراء اللاعبين وتلبية تطلعاتهم، وهو ما يتجسد بوضوح في لعبة Dying Light: The Beast، العنوان الذي يأخذ كل ما ميّز الأجزاء السابقة ويصقله ليمنحنا أفضل تجربة في السلسلة حتى الآن. فهل نجح فعلًا في تحقيق ذلك؟
لعبة Dying Light: The Beast تأتي كواحدة من أبرز ألعاب رعب البقاء في عالم مفتوح الذي يسيطر عليه مخلوقات الزومبي المتوحشة و الذي نعيش فيه تكملة لقصة بطلنا من الجزء الأول، الأستوديو المطور Techland كعادته ركز في هذا الجزء على الحركة كالباركور و القتال المكثف، حيث يلعب هذان العنصران دورًا في البقاء على قيد الحياة في عالم متوحش، خاصة في فترة الليل، مما يجعل التجربة مميزة ومليئة بالمتعة الممزوجة بالرعب خاصة بعد عودة بطلنا Kyle Crane من الجزء الأول!
القصة
أحداث القصة مكملة مباشرة للجزء الأول في مدينة جديدة تماما تسمى Castor Woods، تقع في جبال الألب في قارة أوروبا، الأجواء مليئة بالإثارة الحية و تفاعل البيئة المحيطة صوتا وصورة و قبل كل شيء الرعب!
البطل كايل عاد, الرجل المرتزقة الذي تعرض إلى تجارب خبيثة من طرف قبيلة تسمى أطفال الشمس، بعد هروبه من مدينة هاران و لجوئه الى قرية تحكمها قبيلة غريبة عندها يتم حقنه بمادة خبيثة و تحوله إلى إنسان متوحش يمكن أن يتحول إلى شبه زومبي، فبعد القبض عليه من طرف فرقة عسكرية (GRE) و حبسه في مركز أبحاث لمدة 13 سنة من التعذيب، يريد بطلنا الانتقام من البارون نتيجةً لأعماله…ومن ثم تبدأ أحداث الجزء الجديد.
القصة بشكل عام تبدو رائعة من وجهة نظرنا فالأحداث قوية و تتصاعد باستمرار، خاصة في ظل سعي بطلنا الى استعادة كرامته كتحدي في عالم موحش لا يرحم.
أسلوب اللعب
في عادة العاب منظور الشخص الأول ينقسم أسلوب اللعب بالى عدة اقسام منها العالم وتفاعل البيئة والقتال والأسلحة وغيرها. لكن فب حالة The Beast يجب أخذ كل جزئية في أسلوب اللعب على حدة حتى يتم مراعاة التقييم بكل حيادية بالإضافة الى نظام الباركور وهو احد وسائل التنقل الرئيسية في اللعبة.
الباركور
أسلوب تنقل معتمد من بداية السلسلة ولاقى نجاحا وإعجابًا من جمهور اللعبة وهذا ما جعلها مميزة منذ الأساس, في هذا الجزء الجديد قوة التحمل لا تستهلك أثناء الجري أو التسلق على عكس الجزئين السابقين وهذا يعني تخليص اللاعب من جزئية كانت مقلقة طوال فترة اللعب. يمكن تطوير الباركور في قائمة المهارات لزيادة فرصة السلاسة و السرعة.
تحرك الشخصية يعتمد بشكل أساسي على السرعة و الركض بين البيوت لفتح مجال للهرب أو التنقل السلس في العالم. نظام الباركور في الجزء الجديد مطور و سلس بشكل واضح في هذا الجزء مقارنة بالأجزاء السابقة بحيث أصبح اسهل مع تطبيق أنيميشن جديد كليا.
المركبات
أضافت اللعبة في هذا الجزء مركبات تتمثل في السيارات، نظام التنقل عبر السيارات بسيط و متواضع، بطيء بعض الشيء ليس رائعا وليس بالسيئ يبقى واقعي و تحتاج السيارة إلى بنزين للتحرك يمكن ايجاده في اماكن كثيرة, اضف الى ذلك قدرة المركبة على تلقي الضرر وتأثرها به, لذلك هي تتعطل وتنفجر وهو أمر ستشعر به كخطر في عالم يحيطه الخطر من كل زاوية ومكان.
القتال
تركز اللعبة على الأسلحة اليدوية (Melee) كعادتها، يمكن للاعب تعديل سلاحه المفضل و تطويره حسب المستوى و إضافة خصائص كالكهرباء و النار وغيرها. يمكن أيضا استخدام اليدين و اللكمات لتوجيه الضربات عند الحاجة. أما أسلحة الاشتباك قابلة للكسر فيجب الانتباه إلى تطويرها و إصلاحها مع الوقت.
اللعبة تعتمد كذلك على أسلحة الرماية (المسدسات، الرشاشات و الأسهم و غيرها) بعد تخليها عنها في الجزء السابق، حيث الأسلحة النارية في هذا الجزء لها إحساس قوي و خاصة بعيدة المدى. الأمور هنا مدروسة لكل سلاح فمنهم من يمكنه التقطيع ومنهم من يمكنه تفجير مخلوقات الزومبي مما يجعلها أكثر حيوية و متعة والمزيد.
المهارات والزعماء وقدرة The Beast الجديدة
تماما مثل الأجزاء السابقة, يمتلك البطل مهارات يمكن اكتسابها مع نظام تقدم في المستوى يمنح اللاعب نقطتين مهارة عند التقدم في كل مستوى. من المهارات التي تكتسب هي عدم قدرة الوحوش على رصدك بسهولة, خفة حركة الشخصية وعدم سماع صوت الحركة بسرعة, قدرتك على القفز فوق الاعداء وغيرها.
لكن, تم إضافة قدرة جديدة لبطلنا كايل وهي قدرة The Beast, فكونه اصبح نصف بشري ونصف وحش يمكنه استخدام هذي القدرة التي تجعله يدمر اي شئ امانه بقبضتيه فقط وبفاعلية كبيرة وتحقيق ضرر عالي للأعداء. يمكن ترقية هذه القدرة من خلال قتل وحوش معينة مرتبطة بالقصة تدعى كايميرا ويمكن تفعيل القدرة باستخدام ازارا L3+R3.
أما الزعماء, فهناك تنوع مذهل منها ما هو صعب و كبير او ضخم ومنها ما هو سريع وصغير الحجم ومنها ما قد يمتلك قدرات خاصة, ولكن عددها قليل مقارنة بلعبة طولها يزيد عن 50 ساعة لعب.
العالم
عالم اللعبة كبير, موحش وخطير وخصوصا عند حلول الليل. الخريطة ستخبرك متى سيحل الليل والنهار كنوع من التنبيه او من خلال الساعة التي يرتديها البطل التي تنبهه عند اقتراب حلول الظلام. عند حلول الليل سيكون اللعب اصعب, الظلام شاسع والقدرة على التنقل أخطر بسبب وجود كائنات volatile التي عندما تشاهدك ستبدأ بمطاردتك وهي أسرع وأقوى منك بعشرات المرات ولا ينصح أبدا بمواجهتها وهذه النصيحة ليست مني أنا فقط شخصيا بل قادمة من المطورين. عندما تشاهد volatile اهرب لا تفكر فقط أهرب!
الأداء التقني
اللعبة تتيح لنا اختيار وضعين الأداء أو الدقة، بعد التجربة لاحظنا ما يلي:
- الفريمات مستقرة تماما ولم نلاحظ أي هبوط حتى في المناطق المكتظة.
- الإضاءة مبالغ فيها جدا.
- لاحظنا غليتشات أحيانا عند التسلق، حيث لا تقوم الشخصية بإمساك حافة الصخرة للتسلق أحيانًا.
- اللعبة تدعم مزايا Dualsense عند القيادة، الاشتباك و حتى إطلاق النار، فعند التعب يحس اللآعب بالثقل مما زاد الإحساس بالواقعية.
- سرعة التحميل مقبولة ولا يوجد تأخير عند دخول للعبة أو عند النوم مثلا للتغير بين الليل والنهار.
- الذكاء الاصطناعي ليس سيئا.
- الأعداء البشر: يمكن للأعداء البشر كشفك بسهولة إذا لم تكن حذر، عند القتال مثلا تلاحظ ردود الفعل الخاصة بهم واقعية.
- الأعداء الوحوش: مخلوقات الزومبي وقوة إحساسهم بفريستهم واقعية ويمكن كشفك، خاصة في الليل. فذكاء الوحوش يزيد في الليل، وستلاحظ الفرق في تصرفاتهم بين النهار والليل.
الرسومات
قمنا بتجربة اللعبة على جهاز PS5 واخترنا مود الأداء، وهذا ما لاحظناه:
- اللعبة تقدم تفاصيل بصرية رائعة وتسر العين، خاصة بيئة الدمار في المدينة والخريطة بأكملها، وكذلك الإضاءة والظلال.
- أما في الليل، فالعالم مختلف تمامًا عن النهار. فالظلام وانتشاره في الخريطة زاد من جمالية الرسومات في اللعبة، لكنه بطابع الرعب، وهو خليط متجانس ومهم في لعبة كهذه، مما أثار إعجابنا.
- أداء اللعبة مستقر تمامًا في وضع (الأداء والدقة)، ولم نواجه أي مشاكل.
المؤثرات الصوتية والموسيقى
المؤثرات الصوتية في Dying Light: The Beast جيدة جدًا، وتجسيد وانغماس في أحداث اللعبة، كالأنفاس المتقطعة وصرخات الزومبي التي تعزز الإحساس بالتوتر طول الوقت. أما الموسيقى متزنة وتتصاعد خاصة في حالة الخطر، واللعبة تعتمد على موسيقى ما بعد الكارثة ذات طابع فني ومؤر تضيف الكثير لأجواء التجربة.
أما الأداء الصوتي للشخصية الرئيسية فيأتي رائعًا ويعكس شخصيته ومكانته كبطل القصة بجدارة، بينما تختلف جودة أداء الشخصيات الثانوية، فبعضها يُقدَّم بمستوى مرضٍ ومؤثر، في حين يظهر البعض الآخر بشكل ممل أو أقل إقناعًا.
الإيجابيات
- تقدم الإضافة تطورًا ملحوظًا في شخصية البطل “كايل كرين”، وتستكمل أحداث القصة الرئيسية بأسلوب مقنع ومثير يشد اللاعب لمتابعة مصيره.
- تتميز اللعبة بتقديم عالم مفتوح جديد كليًا، يتميز بثرائه البصري وتفاصيله الدقيقة، ويمزج بين جمال الطبيعة والتحدي المرعب ببراعة.
- لا يزال نظام الباركور أيقونيًا وسلسًا، لكن إضافة المركبات (Buggy) تمثل نقلة نوعية في التنقل والاستكشاف، وتضيف طبقة استراتيجية جديدة للمواجهات.
- تصميم الأعداء يتسم بالذكاء، خاصة خلال الليل، ليبقي اللاعب في حالة تأهب دائم. كما أن معارك الزعماء مصممة بإتقان وتقدم تجربة ملحمية لا تُنسى.
- الرسوميات الرائعة والمؤثرات الصوتية الدقيقة، بالإضافة إلى الموسيقى التصويرية، كلها عناصر تتكاتف معًا لتعزيز الأجواء المرعبة وتغمر اللاعب في عالم اللعبة.
- تعمل اللعبة بشكل مستقر وسلس على معظم المنصات، خاصة مع “وضع الأداء” الذي يضمن تجربة لعب خالية من المعوقات التقنية الكبرى.
- تقدم اللعبة ترجمة عربية متقنة للنصوص والقوائم، تتجاوز الترجمة الحرفية لتقدم محتوى ملائمًا ومفهومًا للاعبين العرب.
السلبيات
- على الرغم من الأداء المستقر عمومًا، قد تظهر بعض الأخطاء البرمجية العابرة (Glitches) التي قد تكسر الانغماس في التجربة بشكل مؤقت.
- تعاني بعض المهام الجانبية والأنشطة المتوفرة في العالم من التكرار والتمطيط في تصميمها، مما قد يؤدي إلى شعور بالملل بعد فترة.
- يجبر غياب نظام التنقل السريع اللاعبين على اجتياز مسافات طويلة باستمرار، وهو قرار تصميمي قد لا يناسب جميع اللاعبين، خاصة مع اتساع الخريطة.
التقييم النهائي – 8
8
تجربة مرضية للغاية
تُعد إضافة Dying Light: The Following توسعة طموحة وناجحة بكل المقاييس، حيث تأخذ نقاط القوة في اللعبة الأصلية، من الباركور الممتع وأجواء الرعب والنجاة وتبني عليها بتقديم بيئة جديدة كليًا وميكانيكيات لعب مبتكرة مثل قيادة المركبات. على الرغم من بعض السلبيات المتمثلة في تكرار المهام الجانبية وبعض الأخطاء التقنية الطفيفة، إلا أن القصة الجذابة، وتطور شخصية البطل، والتحدي المستمر الذي تقدمه يجعلها تجربة لا غنى عنها لمحبي الجزء الأول، وتعتبر بحق واحدة من أفضل التوسعات التي صدرت في عالم الألعاب.