منذ أن خطف الأنظار بألعابه المميزة A Way Out و It Takes Two التي فازت بلقب لعبة السنة، أصبح المخرج جوزيف فارس رمزًا يحتذى به في مجال الألعاب التعاونية المبتكرة الجريئة، وها هو يعود إلينا مع لعبة Split Fiction، وفي جعبته تجربة فريدة تعد بتجاوز كل التوقعات.
لطالما آمن فارس بقوة التعاون في الألعاب، ويرى أن اللعب المشترك ليس مجرد إضافة، بل هو جوهر التجربة، ومع Split Fiction، يبدو أنه مصمم على تقديم تحفته الفنية التي تجسد فلسفته في أبهى صورها، فهل استطاعت اللعبة أن ترتقي إلى مستوى التوقعات العالية، وتقدم لنا تجربة تعاونية استثنائية بحق؟
نظرة عامة على Split Fiction
المطور والناشر | Electronic Arts، Hazelight Studios |
---|---|
تصنيف اللعبة | مغامرة، تصويب، منصات، وألغاز |
المنصات | Xbox Series X|S، الحاسب الشخصي، PS5 |
تاريخ الإطلاق | 06 – مارس – 2025 |
سعر الإطلاق | $49.99 دولارًا أمريكيًا |
زمن اللعب | ~15 ساعة |
نسخة المراجعة | PS5 |
لا تقتصر روعة لعبة Split Fiction على طريقة تقديمها للعب التعاوني، بل تمتد إلى تفاصيلها الدقيقة وعالمها الغريب، من الرسوميات المتقنة إلى الموسيقى التصويرية الساحرة الى العنصر التعاوني الذي تعتمد عليه اللعبة بالأساس، كل عنصر في اللعبة يساهم في خلق تجربة لا تنسى، والأهم من ذلك كله، أنها تحمل رسالة عميقة حول قوة الصداقة والعاطفة الإنسانية، وهو ما يجعلها أكثر من مجرد لعبة، بل عمل فني يلامس الوجدان.
في تداخل فريد من نوعه بين الخيال والواقع، تنطلق لعبة Split Fiction في رحلة سردية استثنائية، حيث تتجسد شخصيتا ميو وزوي، كاتبتين موهوبتين تمثلان قطبي الإبداع الأدبي والخيال العلمي والفانتازيا. تتلقى الفتاتان عرضًا مغريًا من شركة رادر للنشر الخاصة بالعالم الافتراضي، ظاهرها دعم الإبداع لكن في باطنها استغلال خفي، وهنا تكشف البطلتان عن جهاز متطور يهدف إلى استخلاص الأفكار من عقول الكتّاب، لتجدان نفسيهما في سباق محموم ضد الزمن للحفاظ على جوهر إبداعهما وذاكرتهما.
شركة رادر تجسد نمط شركات التكنولوجيا الطامعة في استغلال المواهب الناشئة مستخدمةً تكنولوجيا متقدمة وغامضة، يمكن اعتبارها كتصوير لأو تجسيد يسلط الضوء على توجه الشركات نحو الذكاء الاصطناعي لربما من أجل الاستغناء عن البشر مستقبلًا لكن يجب أولًا استغلال مواهبهم، وأن هذا الأمر سيضاهي الإبداع البشري الفطري، وهنا يتم خداع زوي وميو بوعد نشر كتبهما، بينما الهدف الحقيقي هو سلب أفكارهما التي أمضيا عمرهما للعمل عليها، لتبدأ الأحداث بشكل درامي.
من الوهلة الأولى، وخلال الساعات القلال في البداية، تبدأ ميو وزوي كغريبتين لا تعرفان بعضهما، وتتصادم شخصياتهما وخيالهما، ومع تذمر ميو المستمر ستستشعر بعض الصدام في البداية، ولكن سرعان ما يحتاجان إلى التغلب على خلافاتهما للهروب من العالم الغريب الذي تورطا فيه معًا، فبينما تلقي منتجات خيالهما تحديات غير متوقعة عليهما، يحتاجان إلى دعم بعضهما البعض ومواجهة كل شيء معًا، وهذا التطور في العلاقة هو الخط الرئيسي التي تسير عليه الأحداث.
لا تكتفي اللعبة بطرح فكرة الهروب من هذا النوع من الآلة أو لنسمه “الشر” بل تتعمق في استكشاف أعماق شخصيتي ميو وزوي، وبين متاهات العقل والذكريات وتتجلى أسرار الماضي وتتبدل ملامح علاقتهما من نفور مبدئي إلى صداقة راسخة، مؤكدةً على قوة الترابط الإنساني في أحلك الظروف.
وعلى الرغم من أن ألعاب التعاون غالبًا ما تُركز على آليات اللعب، فإن Split Fiction تقدم تجربةً سردية غنية باللحظات المؤثرة والرسائل العميقة، توازي في جودتها تجارب أخرى مثل العنوان الشهير It Takes Two، ولكن هذه المرة ستشعر بالانسجام والمتعة بعد ساعات قليلة من اللعب، وستخوض بنفسك تجربة عميقة تتجاوز حدود الترفيه وتلامس أعماق المشاعر وتثير التفكير في حياتك وأصدقائك.
تبرز لعبة Split Fiction في قدرتها على تقديم قصة مبتكرة تجمع بين عوالم الخيال العلمي والفانتازيا بشكل متقن، مع التركيز على عمق الشخصيات وتطور العلاقات بينهما، ونجحت اللعبة في نقل رسائل مؤثرة حول قوة الصداقة والإبداع، وهو ما جعلها تجربة سردية تتجاوز حدود الترفيه. كما أن حبكة القصة ورغم بساطتها الظاهرية، تحمل في طياتها بعض اللحظات المؤثرة وأسرارًا تزيد من تعلق اللاعبين بالشخصيات والأحداث.
لكن على الرغم من الإيجابيات، تعاني قصة Split Fiction من بعض أوجه القصور، حيث تظهر بعض الأحداث قابلة للتنبؤ، وقد يشعر اللاعبون بتركيز أقل على السرد القصصي مقارنةً بأسلوب اللعب، كما أن بعض جوانب القصة قد تعاني من التكرار، مما يؤدي إلى شعور بالملل في بعض الأحيان، وبالإضافة إلى ذلك، تفتقر بعض المشاهد المؤثرة إلى جودة التحريك المطلوبة، مما يقلل من تأثيرها العاطفي، ويمكننا القول هنا بأن القصة تقدم تجربة ممتعة، ولكنها ليست الجانب الأبرز في اللعبة.
طريقة اللعب في Split Fiction يمكن اعتبارها امتدادًا للعبة It Takes Two وهو أمر ستشعر به بشكل بديهي بالنسبة لمن قام بتجربة اللعبة، فكل لاعب يتحكم في شخصية زوي أو ميو، وفي كل مرحلة وشابتر يكتسب اللاعبون قدرات جديدة وفهم أكثر لما يدور حولهما، ويتم استعمالها للتحرك ومحاربة الأعداء وحل الألغاز، حيث تستخدم احدى الشخصيتين سيف جاذبية لضرب الروبوتات والمشي على الجدران لتنقلب لعبة آركيدية، قم تصويب وهكذا، فمثلًا احدى الشخصيات تستخدم سوطًا لسحب الأشياء ورميها والعديد من الأمور التي أبدع فيها جوزيف فارس مرةً أخرى.
أصبحت أدخل كل مرحلة جديدة وأجرب القدرة الجديدة فيها، وكنت دائمًا أستغرب من ذكاء الأفكار ومدى اختلافها عن السابقة، وبعدها أتعاون مع صديقي الثاني حتى أتعرف أكثر لنعرف كيف نستخدم قدراتنا المختلفة مع بعضنا، لكن في بعض الأوقات تشعر بأنها استخدامها أخذ أكثر من اللازم.
مراجعة وتقييم لعبة Split Fiction
الإيجابيات
- فيما يخص السرد القصصي فهو يقدم تجربة مقبولة، وإن كانت لا تمثل الجانب الأبرز في اللعبة.
- تقدم اللعبة تنوعًا كبيرًا في العوالم الجميلة والمتنوعة وأنماط اللعب والميكانيكيات، بل وتُشجع اللاعبين على استكشافها بفضل تصميمها المتقن وأدواتها الفريدة والتوجه الفني الأكثر من رائع، وقد أظهرت قدرات محرك Unreal Engine 5 بشكل مبهر.
- وكل فصل مخصص لأحد الشخصيتين، ويتضمن قصصًا مختلفة جانبية وأساسية، مع ميكانيكيات جديدة، حيث يمكن للاعبين استكشاف أكثر من 20 عالمًا مستوحى من خيال الشخصيتين، وكل عالم مليء بالمفاجآت والعجائب.
- توجد أيضًا قصص جانبية مستوحاة من قصص ميو وزوي القصيرة، وهذا يضيف إلى التنوع ويقلل من التكرار التي سنشير إليه فيما بعد.
- تتضمن اللعبة مستويات مليئة بروح الفكاهة الغريبة والمفاجآت غير المتوقعة، وهذا ينعكس على رغبة المطورين في تقديم تجربة مختلفة عن ألعابه السابقة.
- على الرغم من التنوع الملحوظ في تصميم المراحل، فإن تجارب القتال السريعة في لعبة Split Fiction قد تُبالغ في حدتها في بعض الأحيان، مما يُؤثر على التوازن العام للعبة ويُعيق تجربة حل الألغاز واستكشاف العوالم، وقد يُؤدي التكرار الملحوظ لبعض الحركات القتالية إلى شعور اللاعبين بالملل.
- تتميز الرسومات المرئية للعبة بجاذبية بصرية عالية ومبهرة حقًا، مع أداء تقني سلس ومستقر بالنسبة للمنصة التي قمنا بلعب اللعبة عليها.
- أيضًا ما يزال الاستديو ملتزمًا بتقديم تجارب تعاونية رائعة بالإضافة الى تسهيل الوصول إليها عبر ميزة Friend’s Pass، وهو أمر يتيح للاعبين أكثر الوصول إليها، وإمضاء أوقات ممتعة معًا.
السلبيات
- على الرغم من أن أسلوب الكتابة في ألعاب Hazelight عادةً ما يكون مليئًا بالعواطف، إلا أن Split Fiction تعاني من ضعف في كتابة السيناريو ونقل المشاعر، ويمكن التنبؤ بمعظم التطورات في القصة منذ البداية ويقلل من عنصر المفاجأة.
- على الرغم من التنوع الملحوظ في ميكانيكيات اللعب والمراحل والابتكار، فإن التجربة لا تخلو من بعض أوجه القصور من حيث تفاوت جودة تنفيذها أحيانًا، ولا يرتقي بعضها إلى مستوى الإتقان المطلوب، ويظهر التكرار جليًا ويؤدي تلقائيًا للشعور بالملل في بعض الأحيان، وبعض المستويات في عمرها أطول بكثير مما ينبغي، خاصة مع طول عمر اللعبة.
- يعتمد تصميم التحديات بشكل مفرط على أسلوب المحاولة والوقوع في الخطأ، وهذا يشعرك بالافتقار إلى العمق والتنوع، وتزداد حدة هذا النقص بسبب ركاكة التحكم في بعض المواقف، كما أن عدم وجود عقوبة حقيقية للفشل يقلل من الشعور بالتحدي والإنجاز وهذا يؤثر سلبًا على تجربة اللعب بشكل عام.
- بعض معارك الزعماء فوضوية قليلًا، وقد يجد بعض اللاعبين هذه المعارك مرهقة ومملة أحيانًا، والتحديات والسرعة في العديد من لحظات اللعب قد تكون مربكة للغاية.
جدير بالذكر أن اللعبة لا تدعم اللغة العربية بأي شكل من الأشكال رغم أن الناشر يقوم بتعريب ألعابه، وهذه نقطة يمكن اعتبارها كسلبية ليست في صالح المخرج الذي ينظر إليه جمهور المنطقة العربية بشكل مختلف عن باقي المخرجين.
أكثر من مجرد لعبة – 8.5
8.5
أكثر من مجرد لعبة
قدمت لعبة Split Fiction تجربة متنوعة ومثيرة، مع احتوائها على العديد من اللحظات الانسانية العميقة والقصص الجانبية المُبتكرة والممتعة، ويبدو أنها نجحت في احداث التوازن بين التحدي والتنوع والمرح، وهو ما قد يجعلها تجربة ممتعة للعديد من اللاعبين ولكل الفئات العمرية.