إبداعات طلابية واعدة: معرض مشاريع التخرج بالمعهد التقاني في دمشق يُبشر بمستقبل مشرق
شهد المعهد التقاني للهندسة الميكانيكية والكهربائية في دمشق حدثًا بارزًا بتدشين معرض مشاريع التخرج السنوي، الذي أُقيم تحت شعار “بإبداع الشباب نبني المستقبل”. هذا الحدث يمثل منصة حيوية لعرض إمكانات الطلاب وقدراتهم الابتكارية في مجالات الهندسة المختلفة، ويقدم حلولاً عملية ومستدامة للتحديات التي تواجه المجتمع السوري. المعرض لم يكن مجرد استعراض للنماذج الأولية، بل كان تجسيدًا حقيقيًا لقدرة الشباب السوري على الريادة والابتكار في ظل الظروف الراهنة.
مشاريع تلامس الواقع: تركيز على القطاعات الحيوية
ركزت مشاريع التخرج لهذا العام على دمج التكنولوجيا في القطاعات الحيوية للاقتصاد السوري، مثل الزراعة والصناعة والتعليم والاتصالات. هذا التوجه يعكس وعي الطلاب بأهمية تطوير حلول محلية تعالج الاحتياجات الفعلية للمجتمع، وتساهم في تحقيق التنمية المستدامة. ومن أبرز ما لفت الأنظار في معرض مشاريع التخرج هذا العام هو التنوع في الأفكار والتقنيات المستخدمة، بالإضافة إلى الجودة العالية للمشاريع المقدمة.
آلة ذكية لقطف الزيتون: حلول مبتكرة للتحديات الزراعية
من أبرز المشاريع التي حظيت باهتمام كبير، الآلة الذكية لقطف الزيتون، التي صممها الطالب أيهم عميرة وزملاؤه. هذه الآلة ليست مجرد أداة لتسهيل عملية القطاف، بل هي حل مبتكر يتغلب على التحديات التي تواجه المزارعين في المناطق الجبلية والساحلية، حيث يصعب الوصول إلى أشجار الزيتون باستخدام الآلات التقليدية الضخمة.
تتميز الآلة بخفة وزنها وسهولة استخدامها، بالإضافة إلى تصميمها الذي يعتمد على مواد معاد تدويرها، مما يجعلها صديقة للبيئة وفعالة من حيث التكلفة. إن قدرة شخص واحد على تشغيل هذه الآلة يوفر الوقت والجهد والتكلفة على المزارعين، ويعزز إنتاجية هذا القطاع الحيوي. ويطمح فريق العمل إلى تطوير الآلة لتشمل وظائف إضافية مثل تقطيع الأغصان وحصاد القمح، مما يوسع نطاق فائدتها في القطاع الزراعي.
طابعة ثلاثية الأبعاد محلية الصنع: نحو تصنيع متقدم ومستدام
في مجال التصنيع المتقدم، قدم الطالب محمد جعفر مشروعًا متميزًا يتمثل في طابعة ثلاثية الأبعاد محلية الصنع بالكامل. هذه الطابعة تعتبر إنجازًا هامًا يعزز القدرات التصنيعية في سوريا، ويفتح آفاقًا جديدة للابتكار والإنتاج. تطبيقات هذه الطابعة متنوعة وشاملة، وتمتد من المجال الطبي، حيث يمكن استخدامها في طباعة نماذج تشريحية، إلى مجالات البناء والهندسة، مما يجعلها أداة متعددة الاستخدامات.
تعتمد الطابعة على تقنية (FDM) المعروفة، وتستخدم خيوطًا بلاستيكية متنوعة مثل PLA و ABS، وقد أثبتت كفاءتها العالية في تنفيذ مجسمات هندسية وطبية معقدة. وهذا المشروع يمثل خطوة مهمة نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال التصنيع المتقدم، وتعزيز القدرات المحلية في هذا المجال الحيوي.
سيارة تعليمية تفاعلية: تجربة تعليمية مبتكرة لجيل المستقبل
لم يقتصر الابتكار على المجالات التقليدية، بل امتد إلى تطوير أساليب التدريس والتعليم. حيث قدم الطالب الخريج منير الصالحاني مشروع سيارة تعليمية مخصصة لطلاب المعهد الجدد. تهدف هذه السيارة إلى تمكين الطلاب من استكشاف جميع قطع السيارة بشكل تفصيلي وواضح، مما يمنحهم معرفة كاملة بمكوناتها وآلية عملها قبل الانتقال إلى العمل على السيارات الحقيقية.
تتيح السيارة التعليمية للطلاب تجربة عمل أنظمة التوجيه والتعليق والمحرك وغيرها، مما يوفر عليهم نحو 80 بالمئة من الجهد في التعلم العملي، ويمنحهم فهمًا مباشرًا وشاملًا لآليات التشغيل. هذا الابتكار يساهم في تطوير مهارات الطلاب، وتأهيلهم لسوق العمل بشكل أفضل.
جريدة ضوئية تفاعلية: دمج التكنولوجيا في الإعلام والتوعية
أما الطالبة زينة محمود وفريقها، فقدما مشروعًا مبتكرًا في مجال الاتصالات والتكنولوجيا التفاعلية، وهو عبارة عن جريدة ضوئية تفاعلية. يعتمد المشروع على ربط لوحة إعلانات رقمية (LED) بتطبيق على الهاتف الذكي، مما يسمح للمستخدمين بالوصول إلى معلومات إضافية ومحتوى تفاعلي من خلال مسح الباركود المرفق مع كل قسم من الجريدة باستخدام تطبيق (كام سكانر).
هذا الابتكار يقدم حلًا عمليًا للإعلان والتوعية في الجامعات والأماكن العامة، مما يثري تجربة المستخدم ويجعل نقل المعلومة أكثر فعالية وجذبًا. وبالتأكيد، يمثل هذا المشروع نقطة تحول في طريقة تقديم المعلومات والوصول إلى الجمهور.
المعهد التقاني: صرح تعليمي رائد ومحفز للإبداع
يُعد المعهد التقاني للهندسة الميكانيكية والكهربائية التابع لجامعة دمشق منذ تأسيسه عام 1970، واحدًا من الصروح التعليمية التقنية الرائدة في سوريا. معرض مشاريع التخرج السنوي، الذي ضم نحو 40 مشروعًا هذا العام، يعكس التزام المعهد بتحفيز الإبداع وتشجيع الطلاب على تقديم حلول تكنولوجية عملية لمتطلبات سوق العمل والتنمية المجتمعية. إن هذا المعرض ليس مجرد عرض لإنجازات الطلاب، بل هو رسالة أمل وتفاؤل بمستقبل مشرق لسوريا، يقوده جيل الشباب الواعد. نتطلع إلى رؤية المزيد من هذه الإبداعات المتميزة التي تساهم في بناء سوريا الجديدة.
