مع تزايد الاعتماد على أدوات الذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات، أصبح من الضروري فهم حدود هذه الأدوات والتحقق من دقة المعلومات التي تقدمها. قد تقدم نماذج الذكاء الاصطناعي، مثل ChatGPT، إجابات تبدو منطقية ومكتوبة بشكل جيد، ولكنها في الواقع غير صحيحة أو مُضللة، وهي ما يُعرف بـ هلوسات الذكاء الاصطناعي. هذه الظاهرة تتطلب وعيًا خاصًا، خاصةً عند التعامل مع معلومات حساسة كالرعاية الصحية أو القانونية.
تُعدّ الهلوسات تحديًا كبيرًا في تطوير الذكاء الاصطناعي، حيث يمكن أن تؤدي إلى نتائج غير دقيقة وتُضعف الثقة في هذه التقنيات. تظهر هذه المشكلة بشكل خاص في النماذج التوليدية التي تُنشئ محتوى جديدًا بدلًا من استرجاع معلومات موجودة. وتشير التقديرات إلى أن نسبة الهلوسات تختلف باختلاف النموذج والمهمة الموكلة إليه، مما يستدعي الحذر المستمر.
ما هي هلوسات الذكاء الاصطناعي وكيف تحدث؟
هلوسات الذكاء الاصطناعي ليست أخطاء برمجية تقليدية، بل هي نتيجة للطريقة التي تتعلم بها هذه النماذج. تعتمد النماذج على تحليل كميات هائلة من البيانات لتحديد الأنماط والعلاقات، ثم تستخدم هذه الأنماط لإنشاء استجابات جديدة. في بعض الأحيان، قد يؤدي هذا إلى توليد معلومات غير موجودة في بيانات التدريب أو غير منطقية في السياق المحدد.
أنواع الهلوسات
تتخذ الهلوسات أشكالًا متعددة، من بينها تقديم معلومات خاطئة بشكل صريح. على سبيل المثال، قد يذكر النموذج تاريخًا غير صحيح لحدث تاريخي مهم.
بالإضافة إلى ذلك، قد تحدث هلوسة سياقية، حيث يقدم النموذج إجابة غير ذات صلة بالسؤال المطروح. وهذا يشير إلى ضعف في قدرة النموذج على فهم السياق وتحديد المعلومات المناسبة.
أخيرًا، تظهر الهلوسة المتعددة الوسائط في النماذج التي تتعامل مع الصور والنصوص معًا، مثل إنشاء صورة لا تتطابق مع الوصف النصي المقدم. تُعدّ هذه الهلوسات تحديًا خاصًا نظرًا لصعوبة اكتشافها.
كيفية التحقق من دقة إجابات الذكاء الاصطناعي
نظرًا لأن الذكاء الاصطناعي لا يمتلك القدرة على التمييز بين المعلومات الصحيحة والخاطئة، فمن الضروري أن يتحقق المستخدمون من دقة الإجابات بأنفسهم. تتضمن إحدى الطرق الرئيسية التحقق اليدوي من المعلومات المقدمة من خلال البحث عنها في مصادر موثوقة.
يمكن أيضًا طرح أسئلة إضافية ومحددة حول الموضوع ذاته لتقييم مدى اتساق إجابات النموذج. إذا قدم النموذج تفاصيل متناقضة، فهذا يشير إلى احتمال وجود هلوسة.
من المفيد كذلك أن تطلب من النموذج توضيح مصدر معلوماته. قد يكون النموذج قادرًا على تقديم روابط أو مراجع تدعم إجابته، ولكن في بعض الأحيان قد يخترع مصادر غير موجودة.
مقارنة الإجابات بين نماذج مختلفة للذكاء الاصطناعي يمكن أن تكون مفيدة أيضًا. إذا كانت الإجابات متباينة بشكل كبير، فمن المحتمل أن تكون إحدى الإجابات أو كلتاهما غير دقيقة. يُعتبر استخدام أدوات التحقق من الحقائق (fact-checking) المتخصصة خيارًا إضافيًا لضمان دقة المعلومات.
الذكاء الاصطناعي والتحقق من المعلومات: نظرة مستقبلية
تُركز الأبحاث الحالية على تطوير تقنيات جديدة لتقليل حالات هلوسات الذكاء الاصطناعي وزيادة موثوقية هذه الأنظمة. تشمل هذه التقنيات تحسين جودة بيانات التدريب، وتطوير آليات أكثر فعالية للتحقق من الحقائق، واستخدام أساليب التعلم المعزز لتعليم النماذج التمييز بين المعلومات الصحيحة والخاطئة.
من المتوقع أن نشهد خلال العام القادم تحسينات ملحوظة في قدرة نماذج الذكاء الاصطناعي على تقديم معلومات دقيقة وموثوقة. ومع ذلك، ستظل الحاجة إلى التحقق البشري من المعلومات ضرورية، خاصةً في المجالات التي تتطلب دقة عالية. كما أن تطوير معايير واضحة لتقييم موثوقية نماذج الذكاء الاصطناعي يمثل خطوة حاسمة في بناء الثقة في هذه التقنيات.
