يشهد قطاع التجارة الإلكترونية تحولاً جذرياً في المنطقة العربية والعالم، مدفوعاً بتطورات الذكاء الاصطناعي. لم يعد التسوق عبر الإنترنت مجرد تصفح للمنتجات، بل أصبح تجربة ذكية تتكيف مع احتياجات المستهلكين، وتوفر لهم الوقت والجهد في البحث عن أفضل الصفقات. تتيح أدوات الذكاء الاصطناعي الآن للمستخدمين العثور على المنتجات، ومقارنة الأسعار، واكتشاف العروض، وحتى إتمام عمليات الشراء بشكل شبه تلقائي، مما يعزز من كفاءة وراحة تجربة التسوق عبر الإنترنت.
هذا التطور يغير طريقة تفاعل الشركات مع عملائها، ويفتح الباب أمام فرص جديدة للابتكار في مجال البيع بالتجزئة. ومع تزايد الاعتماد على هذه التقنيات، يصبح فهم كيفية عملها واستخدامها أمراً ضرورياً لكل من المستهلكين والشركات على حد سواء. تستثمر كبرى شركات التكنولوجيا، مثل جوجل وأمازون، بشكل كبير في تطوير أدوات الذكاء الاصطناعي لتحسين خدماتها في مجال التجارة الإلكترونية.
أدوات الذكاء الاصطناعي لتحسين تجربة التسوق عبر الإنترنت
تتوفر اليوم مجموعة متنوعة من الأدوات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي لمساعدة المتسوقين. تتراوح هذه الأدوات بين روبوتات الدردشة المساعدة ومحركات البحث الذكية والتطبيقات المتخصصة في تتبع الأسعار. تهدف جميعها إلى تبسيط عملية التسوق وجعلها أكثر فعالية.
ChatGPT: مساعدك الشخصي في البحث عن المنتجات
يُعد روبوت ChatGPT من الأدوات القوية التي يمكن استخدامها في التسوق الذكي. من خلال ميزة البحث عن المنتجات (Shopping Research)، يمكن للمستخدمين الحصول على توصيات مخصصة بناءً على ميزانيتهم واهتماماتهم والفئة العمرية المستهدفة والعلامات التجارية المفضلة. يقدم ChatGPT معلومات حديثة عن الأسعار والمواصفات، ويعرض مقارنات بين المنتجات المختلفة.
بالإضافة إلى ذلك، يوفر ChatGPT للمشتركين في الخطط المدفوعة ميزة “الوكيل” (Agent)، والتي تسمح له بفتح صفحات المتاجر وإضافة المنتجات إلى سلة التسوق تلقائياً. للاستفادة من هذه الميزة، يكفي بدء محادثة جديدة مع الروبوت وكتابة وصف للمنتج المطلوب، مثل “سماعات لاسلكية عازلة للضوضاء بسعر أقل من 200 دولار”.
محرك بحث جوجل بتقنية الذكاء الاصطناعي: بحث أسهل وأكثر دقة
أضافت جوجل ميزة الذكاء الاصطناعي إلى محرك بحثها، مما يتيح للمستخدمين البحث عن المنتجات بطريقة طبيعية وسهلة. تعرض هذه الميزة نتائج مرئية وشاملة تتضمن المنتجات والأسعار والمقارنات، دون الحاجة إلى التنقل بين العديد من الصفحات. تساعد هذه الأداة في التسوق عبر الإنترنت من خلال عرض المنتجات من مختلف المتاجر ومقارنة الأسعار تلقائياً.
يمكن للمستخدمين أيضاً طلب اقتراحات بديلة إذا لم يكن المنتج الذي يبحثون عنه مناسباً لميزانيتهم. للاستخدام، اكتب عبارة البحث بأسلوب طبيعي، مثل “أفضل تلفاز بدقة 4K صغير بأقل من 150 دولاراً”، ثم اختر وضع الذكاء الاصطناعي من صفحة النتائج.
Copilot في متصفح Edge: مقارنة متعمقة للمنتجات
يوفر Copilot في متصفح Edge تجربة تسوق متقدمة من خلال تحليل الصفحات المفتوحة ومقارنة المنتجات وتلخيص مراجعات المستخدمين. يمكنه أيضاً تنفيذ مهام داخل المتصفح، مثل إضافة المنتجات إلى سلة التسوق في موقع أمازون عبر ميزة “Actions”. يعتبر Copilot أداة قوية لـ التسوق الذكي، حيث يمكنه إنشاء جداول مواصفات شاملة تلقائياً.
للاستفادة من Copilot، يجب تفعيل وضع Copilot Mode في متصفح Edge من خلال الرابط http://aka.ms/copilot-mode. بعد ذلك، يمكن البحث عن المنتج المطلوب وطلب مقارنته بالمنتجات الأخرى المفتوحة في المتصفح.
Rufus من أمازون: تتبع الأسعار والشراء التلقائي
طورت أمازون مساعداً ذكياً خاصاً بها باسم Rufus، والذي يتكامل مع التطبيق والموقع لتقديم تجربة تسوق أكثر تخصيصاً. يقترح Rufus منتجات بناءً على اهتمامات المستخدم، ويقارن المنتجات داخل أمازون، ويعرض ملخصات للمراجعات. بالإضافة إلى ذلك، يمكن لـ Rufus تتبع تغييرات الأسعار وإرسال تنبيهات للمستخدمين، وحتى إتمام عمليات الشراء تلقائياً إذا انخفض السعر إلى مستوى معين.
للاستخدام، افتح تطبيق أمازون واضغط على أيقونة Rufus، ثم اكتب طلبك، مثل “اقتراحات هدايا لمحبي المنتجات الخشبية”. لتتبع الأسعار، افتح صفحة المنتج واضغط على زر Rufus، ثم اكتب “فعّل تنبيه السعر لهذا المنتج” أو “اشترِه تلقائياً إذا انخفض السعر عن…”.
من المتوقع أن تشهد تقنيات الذكاء الاصطناعي المزيد من التطور في مجال التجارة الإلكترونية خلال الفترة القادمة. ستركز الشركات على تحسين قدرات هذه الأدوات في فهم احتياجات المستهلكين وتقديم توصيات أكثر دقة وتخصيصاً. كما من المرجح أن نشهد ظهور أدوات جديدة تعتمد على الذكاء الاصطناعي في مجالات مثل إدارة المخزون وتحسين سلاسل التوريد. يبقى التحدي الأكبر هو ضمان خصوصية وأمان بيانات المستخدمين في ظل الاعتماد المتزايد على هذه التقنيات.
