كشفت تقارير صحفية عن بوادر توتر في العلاقة بين شركة ميتا وشركة Scale AI المتخصصة في وسم البيانات المُستخدمة في تدريب أنظمة الذكاء الاصطناعي، مع أن ميتا قد استثمرت استثمارًا ضخمًا قدره 14.3 مليار دولار في يونيو الماضي، واستعانت برئيسها التنفيذي ألكسندر وانغ وعدد من كبار مسؤوليها لإدارة مختبر “ميتا للذكاء الفائق” الذي يعرف اختصارًا (MSL).
وأفاد موقع “تك كرانش” التقني بأن روبن ماير، النائب السابق لرئيس قسم منتجات الذكاء الاصطناعي في Scale AI، غادر “ميتا” بعد شهرين فقط من انضمامه، مع أنه أمضى نحو خمس سنوات في شركته السابقة.
وإلى جانب ذلك، أشارت مصادر مطلعة إلى أن ميتا بدأت التعاون مع شركات منافسة مثل Mercor و Surge لتوريد البيانات اللازمة لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي المقبلة، حتى مع ضخامة استثمار “ميتا” في Scale AI.
ويرجع ذلك، بحسب المصادر، إلى تحفظ بعض الباحثين في “ميتا” على جودة بيانات Scale AI مقارنةً بمنافسيها.
وتجدر الإشارة إلى أن Scale AI اعتمدت في بداياتها على عمالة جماعية منخفضة التكلفة لوسم البيانات، قبل أن تتحول إلى منصة “Outlier” لجذب خبراء متخصصين مثل الأطباء والمهندسين. ومع ذلك، فإن منافسين مثل Surge و Mercor استطاعوا تحقيق نمو سريع بفضل اعتمادهم منذ البداية على كفاءات عالية الأجر.
وتزامنت هذه التوترات مع خسارة Scale AI عقودًا مهمة مع شركات كبرى مثل “OpenAI” و”جوجل”، أعقبها تسريح نحو 200 موظف في يوليو الماضي، على الرغم من فوزها بعقد قيمته 99 مليون دولار مع الجيش الأميركي.
ويرى محللون أن استثمار “ميتا” قد يكون استهدف بالأساس استقطاب وانغ، الذي يؤدي دورًا محوريًا في جذب خبراء الذكاء الاصطناعي من شركات رائدة مثل OpenAI وأنثروبيك و DeepMind التابعة لجوجل. كما استحوذت ميتا على شركات ناشئة في مجال الصوت مثل Play AI و WaveForms AI، وأعلنت شراكة مع منصة توليد الصور “Midjourney”.
وإلى جانب الخلافات الإدارية، يشير التقرير إلى أن بعض موظفي مختبر الذكاء الفائق في ميتا (MSL) عبّروا عن إحباطهم من البيروقراطية المعقدة داخل الشركة، مما جعل من الصعب على المواهب الجديدة التي عكفت ميتا على تعيينها خلال الأشهر الأخيرة من آبل وجوجل و OpenAI و Scale AI التكيف مع بيئة العمل. ووفقًا لشهادات موظفين سابقين وحاليين، فإن فريق الذكاء الاصطناعي الأصلي في ميتا تقلص دوره بنحو ملحوظ بعد قدوم التعيينات الجديدة.
وأشار التقرير إلى أن اختيار ألكسندر وانغ لقيادة مختبر الذكاء الفائق أثار جدلًا داخل ميتا؛ إذ إنه ليس باحثًا في مجال الذكاء الاصطناعي من الناحية الأكاديمية.
وأفادت مصادر بأن مارك زوكربيرج أجرى محادثات مع شخصيات بارزة مثل مارك تشن، رئيس الأبحاث في OpenAI، وحاول الاستحواذ على شركات أسستها قيادات سابقة في الشركة مثل إيليا سوتسكيفر وميرا موراتي، لكن كافة هذه المحاولات لم تنجح.
ومن جانب آخر، ذكرت تقارير صحفية أن بعض الباحثين الذين قدموا حديثًا من OpenAI غادروا بالفعل “ميتا”، وهو ما عزز حالة عدم الاستقرار داخل وحدة الذكاء الاصطناعي. وبحسب تقارير أخرى، فإن وحدة الذكاء الاصطناعي في “ميتا” تعاني حالة ارتباك، مع مغادرة عدد من الباحثين البارزين الوافدين من OpenAI و Scale AI، إضافةً إلى رحيل موظفين قدامى من فريق الذكاء الاصطناعي داخل الشركة. وكان من أبرز المغادرين الباحث ريشاب أغاروال ومديرة إدارة المنتجات شايا نايك، فضلًا عن المهندس روهان فارما.
وتأتي هذه الاضطرابات في وقت يسعى فيه مارك زوكربيرج، الرئيس التنفيذي لميتا، إلى تسريع تطوير النماذج المتقدمة للذكاء الاصطناعي بعد إطلاق نماذج “Llama 4” في أبريل الماضي، وكونها دون مستوى التوقعات. ولتحقيق ذلك، أعلنت الشركة استثمارات ضخمة في مراكز بيانات جديدة، منها مشروع “Hyperion” في ولاية لويزيانا بقيمة قدرها 50 مليار دولار.
وبحسب ما ذكره موقع بيزنس إنسايدر، فإن مختبر الذكاء الاصطناعي الفائق في ميتا يعمل حاليًا على تطوير الجيل الجديد من نماذج الذكاء الاصطناعي، مع خطط لإطلاقها قبل نهاية العام الجاري، في وقت يبقى السؤال مطروحًا حول كون “ميتا” قادرة على المنافسة بقوة في مجال الذكاء الاصطناعي، والحفاظ على الكفاءات اللازمة لمستقبلها في هذا المجال.