في لحظة يتسارع فيها ابتكار التكنولوجيا أسرع من قدرة العالم على استيعابها، تحوّل متحف المستقبل في دبي إلى مركز عالمي نابض بالأفكار، التي ستعيد تشكيل مسار البشرية خلال العقود المقبلة. فمع انطلاق فعاليات منتدى دبي للمستقبل 2025، أكبر تجمع دولي لاستشراف المستقبل، بدأت دبي مرة أخرى في تثبيت موقعها كعاصمة عالمية لصناعة المستقبل وابتكار حلول الغد. هذا الحدث الهام يعكس رؤية دبي الطموحة في أن تكون رائدة في مجال استشراف المستقبل وتبني التكنولوجيا المتقدمة.
دبي.. عاصمة عالمية لاستشراف المستقبل
انطلقت فعاليات منتدى دبي للمستقبل 2025 في متحف المستقبل، بمشاركة أكثر من 2500 متخصص ونحو 200 متحدث عالمي من قادة الفكر، وصانعي السياسات، والرؤساء التنفيذيين، والمبتكرين من مختلف أنحاء العالم. يمثل هذا المنتدى نقطة التقاء فريدة لتقييم التحولات العالمية، وابتكار طرق جديدة لتوظيف الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة والمعرفة البشرية في بناء مستقبل أكثر استدامة وتطورًا.
وشهد سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي ورئيس مجلس أمناء مؤسسة دبي للمستقبل، جانبًا من أعمال اليوم الأول للمنتدى، مؤكدًا أهمية الحدث ودوره الإستراتيجي. وأكد سموه أن تصميم المستقبل لم يعد مجرد رفاهية فكرية، بل أصبح من أهم القطاعات الإستراتيجية الداخلة في صميم عمل الدول والحكومات وركيزة لخطط عمل الشركات والمؤسسات، ودعا سموه إلى تعزيز التكامل بين مختلف القدرات والخبرات لدفع مسيرة الحضارة البشرية في الاتجاه الصحيح.
جوائز دبي لاستشراف المستقبل: تقدير للإبداع العالمي
شهد اليوم الأول من المنتدى تكريم الفائزين بالنسخة الأولى من (جوائز دبي لاستشراف المستقبل)، التي تسلط الضوء على المتميزين والمؤثرين من حول العالم في ثلاث فئات رئيسية. هذه الجوائز تعكس التزام دبي بدعم وتشجيع المبادرات المبتكرة التي تساهم في بناء مستقبل أفضل.
فئات الجوائز والتكريمات
- الريادة في استشراف المستقبل: مُنح المركز الأول لفريق تقرير (باسيفيكا فيوتشرز) من جمهورية فيجي، نظرًا لتركيزهم على أهمية المعارف والخبرات للشعوب الأصلية في المحافظة على استدامة موارد جزر المحيط الهادي.
- استشراف المستقبل للمجتمعات: فازت مبادرة (مدينة العمر الصحي المديد) من إيطاليا بالمركز الأول لنجاحها في إدماج الذكاء الاصطناعي في القطاعات الحيوية لتعزيز العمر الصحي المديد لمجتمعات المستقبل الحضرية.
- استشراف المستقبل للبيئة: حازت مبادرة حوض نهر الكونغو من الكاميرون على المركز الأول، لتسليطها الضوء على أهمية استشراف مستقبل التنوع الحيوي لاستدامة حوض النهر الحيوي لدول وسط أفريقيا.
بناء القدرات: تمكين رواد المستقبل
لم يقتصر منتدى دبي للمستقبل على النقاشات والجوائز، بل امتد ليشمل بناء القدرات وتمكين الكفاءات الشابة. فقد شهد المنتدى تخريج الدفعة الثانية من (برنامج استشعار المستقبل)، الذي تنظمه أكاديمية دبي للمستقبل، بمشاركة 30 منتسبًا من 15 دولة. هذا البرنامج يهدف إلى تزويد القيادات العالمية بالأدوات اللازمة لاستشراف المستقبل وتطوير السياسات والابتكارات.
بالإضافة إلى ذلك، التقى سمو ولي عهد دبي بخريجي الدفعة الخامسة من (برنامج دبي لخبراء المستقبل)، الذي يهدف إلى تمكين القيادات الحكومية في دبي من تطوير قدراتهم في تصميم مستقبل القطاعات الحيوية، لدعم مستهدفات أجندة دبي الاقتصادية D33. هذا التركيز على بناء القدرات يؤكد على التزام دبي بالاستثمار في رأس المال البشري.
محاور النقاش: تحليل التحديات والفرص
ركزت فعاليات اليوم الأول على خمسة محاور رئيسية غطت أبرز التحديات والفرص العالمية، منها: نظرة متعمقة في المستقبل، واستكشاف المجهول، ومستقبل المجتمعات، ومستقبل الصحة، ومستقبل الأنظمة. وقد ناقشت الجلسات دور الذكاء الاصطناعي في التحولات العالمية، وطبيعة مجتمعات الغد، وكيفية اتخاذ القرارات المستقبلية الصحيحة.
التركيز على الذكاء الاصطناعي كأداة رئيسية في تشكيل المستقبل كان واضحًا، حيث تم استعراض تطبيقاته المختلفة في مختلف القطاعات. بالإضافة إلى ذلك، تم التأكيد على أهمية التعاون الدولي في مواجهة التحديات العالمية وتبادل الخبرات والمعرفة.
دبي تؤسس لمرحلة جديدة من الابتكار
يؤكد منتدى دبي للمستقبل 2025 أن دبي ليست فقط مركزًا اقتصاديًا عالميًا، بل مختبرًا مفتوحًا لاستشراف مستقبل العالم. من خلال الجمع بين الخبراء العالميين وتكريم المبتكرين ودعم بناء القدرات الوطنية، ترسم دبي ملامح مرحلة جديدة يتكامل فيها الذكاء الاصطناعي مع الإبداع البشري لتصميم عالم أكثر تقدمًا واستدامة وقدرة على مواجهة تحديات الزمن القادم.
من خلال استضافة هذه الفعاليات العالمية، ترسيخ مكانتها كمركز عالمي للابتكار و استشراف المستقبل. والمنتدى ليس مجرد حدث سنوي، بل هو منصة مستدامة لتعزيز التعاون وتبادل الأفكار وبناء مستقبل أفضل للجميع. إنه دليل على رؤية قيادة الإمارات نحو مستقبل مشرق ومزدهر.
