كشفت دراسة حديثة عن قدرة ملحوظة لمساعد ذكي يعتمد على الذكاء الاصطناعي في إجراء التقييم النفسي، حيث أظهر دقة تشخيصية تفوق الأدوات التقليدية في العديد من الحالات. أجريت الدراسة في السويد وشملت أكثر من 300 مشارك يعانون من مشاكل صحية نفسية متنوعة، مما يسلط الضوء على إمكانية استخدام الذكاء الاصطناعي كأداة مساعدة في مجال الصحة العقلية.
أظهرت النتائج أن المساعد الذكي، المسمى Alba، تمكن من تقديم تشخيصات مقترحة تتوافق مع الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (DSM-5) بدقة عالية، خاصةً في التمييز بين الاضطرابات المتداخلة مثل الاكتئاب والقلق. تأتي هذه النتائج في ظل تزايد الاهتمام بتوظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحسين الوصول إلى خدمات الصحة النفسية وتقليل الأعباء على الأطباء والمختصين.
دراسة حول فعالية الذكاء الاصطناعي في التقييم النفسي
قام باحثون من جامعة لوند في السويد بإجراء مقارنة منهجية بين التقييمات التي يقدمها Alba وبين نتائج التقييمات التقليدية المعتمدة على المقابلات الشخصية والاستبيانات. خضع المشاركون في الدراسة لمحادثات عبر الإنترنت مع Alba، والتي تضمنت أسئلة مصممة لتقييم مجموعة واسعة من الحالات النفسية. بعد ذلك، قام Alba بإنشاء قائمة بالتشخيصات المحتملة بناءً على إجابات المشاركين.
شملت عينة الدراسة أفرادًا يعانون من اضطرابات نفسية شائعة مثل الاكتئاب، والقلق، واضطراب الوسواس القهري، واضطراب ما بعد الصدمة، بالإضافة إلى حالات أكثر تعقيدًا مثل اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه والتوحد. ركزت الدراسة على تقييم قدرة Alba على تحديد هذه الاضطرابات بدقة وكفاءة.
نتائج ملحوظة في دقة التشخيص
أظهرت النتائج تفوق Alba في تقييم ثمانية من أصل تسعة اضطرابات نفسية تم اختبارها. كانت قدرة Alba على التمييز بين الاكتئاب والقلق، وهما حالتان غالبًا ما تتشابهان في الأعراض، أكثر وضوحًا. وفقًا للباحثين، يعود ذلك إلى قدرة الذكاء الاصطناعي على تحليل الأنماط اللغوية والسلوكية الدقيقة التي قد لا يلاحظها الإنسان بسهولة. التقييم النفسي باستخدام الذكاء الاصطناعي يوفر أيضًا تقييماً أسرع.
بالإضافة إلى دقة التشخيص، أشار المشاركون في الدراسة إلى رضاهم عن تجربتهم مع Alba، حيث وصفوا المحادثة بأنها طبيعية وداعمة. يؤكد هذا الجانب على أهمية الجانب الإنساني في التقييم النفسي، حتى عندما يتم إجراؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي.
أداة مساعدة وليست بديلاً
أكد البروفيسور Sverker Sikström، قائد فريق الدراسة ومؤسس منصة Talk To Alba، أن هذه الأداة مصممة لتكون مساعدة للمختصين في الصحة النفسية وليست بديلاً عنهم. وأوضح أن إجراء تقييم أولي باستخدام الذكاء الاصطناعي يمكن أن يخفف الضغط على المراكز الصحية ويوفر للمرضى تقييمًا سريعًا وموثوقًا به قبل لقاء الطبيب. من المهم التأكيد على أن التشخيص النهائي يجب أن يتم دائمًا من قبل متخصص مؤهل.
تعتمد منصة Talk To Alba على خوارزميات متطورة للذكاء الاصطناعي قادرة على تحليل النصوص والبيانات الصوتية لتحديد الأنماط الدالة على وجود اضطراب نفسي. توفر المنصة أيضًا خدمات إضافية، مثل تفريغ نصي للجلسات العلاجية وتدوين الملاحظات، مما يساعد المختصين على توفير الوقت والجهد. يعتبر الصحة النفسية من أهم جوانب الصحة العامة.
يمثل تطوير أدوات التقييم النفسي القائمة على الذكاء الاصطناعي خطوة مهمة نحو تحسين الوصول إلى خدمات الصحة العقلية، خاصةً في المجتمعات التي تعاني من نقص في عدد المختصين. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي في تقليل الوصمة المرتبطة بالأمراض النفسية من خلال توفير بيئة آمنة وسرية للمرضى للتعبير عن مشاعرهم ومخاوفهم.
من المتوقع أن تشهد السنوات القادمة المزيد من التطورات في مجال الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته في الصحة النفسية. سيتركز البحث والتطوير على تحسين دقة الخوارزميات وتوسيع نطاق الاضطرابات التي يمكن تقييمها. ولكن من المهم أن يتم تطبيق هذه التقنيات بشكل مسؤول وأخلاقي، مع التأكيد على أهمية دور المختصين في تقديم الرعاية والدعم اللازمين للمرضى. تعتبر مراقبة هذه التطورات وتقييم تأثيرها على جودة الرعاية الصحية العقلية أمرًا بالغ الأهمية.
