في حدث تاريخي، شهدت محطة طرطوس البحرية توقيع اتفاقية إنزال أول كابل بحري دولي على الأراضي السورية مع شركة ميدوسا الإسبانية، تحت عنوان (ربط القارات) Connecting Continents، في حدث يعكس بداية مرحلة جديدة من الانفتاح التكنولوجي والتحول الرقمي بعد أكثر من أربعة عشر عامًا من الأزمات والصعوبات.
وقد جاءت مراسم التوقيع بحضور وزير الاتصالات والتقانة السوري عبد السلام هيكل، وممثل شركة ميدوسا الإسبانية السيد نورمان ألبي، إلى جانب محافظ اللاذقية محمد أحمد عثمان وعدد من المسؤولين والخبراء في قطاع الاتصالات، في مشهد يؤكد عودة سوريَة إلى واجهة مشروعات البنية التحتية الرقمية الإقليمية.
ويأتي هذا المشروع الطموح ليعيد ربط سوريَة بالشبكات العالمية عبر الكابلات البحرية، مما يسهم بنحو مباشر في تسهيل تبادل البيانات ويدعم بقوة الرؤية الإستراتيجية الهادفة إلى إعادة ترسيخ موقع سوريَة كمحور اتصالات وإنترنت دولي وإقليمي، يربط بين قارتي آسيا وأوروبا.
تحويل سوريَة إلى مركز دولي لمرور الإنترنت:
أكد الوزير هيكل، خلال زيارة ميدانية لموقع الإنزال في ميناء طرطوس، الأهمية الاستراتيجية لهذا المشروع، مشيرًا إلى أنه يُعدّ حجر أساس في تنفيذ رؤية الوزارة لتحويل سوريَة إلى مركز دولي لمرور الإنترنت، وتوفير بيئة فنية داعمة للتنمية الاقتصادية والرقمية الشاملة.
ومن المتوقع أن يحقق المشروع فوائد ملموسة للمواطنين والقطاعات الاقتصادية على حد سواء، من خلال تحسين جودة خدمات الإنترنت وزيادة سرعتها، وخفض زمن الاستجابة (الوقت المستغرق لانتقال البيانات)، وتوفير بنية تحتية رقمية أكثر متانة واعتمادية لكل من مؤسسات القطاع العام والخاص.
كما سيسهم بنحو كبير في دفع عجلة نمو قطاعات حيوية مثل: الخدمات الرقمية والاتصالات والتجارة الإلكترونية، وجذب الاستثمارات ذات الصلة.
هذا الإنجاز ليس منعزلًا عن السياق الإستراتيجي الأوسع لوزارة الاتصالات وتقانة المعلومات، الذي سبق أن أكد عليه الوزير هيكل في عدة مناسبات، فقد شدد سابقًا على الموقع الإستراتيجي لسوريَة كممر عالمي للكابلات الضوئية ضمن مشروع (سيلك لينك)، الذي يهدف إلى تحويل البلاد إلى ممر إستراتيجي لحركة البيانات.
كما استعرض في لقاءات دولية عديدة، منها لقاء مع ممثلي الاتحاد الأوروبي، المشاريع الحيوية للوزارة مثل مشروع (برق نت)، الذي يهدف إلى إيصال خدمة الإنترنت الفائق السرعة، والتخطيط لبناء بنية تحتية رقمية متكاملة تمهد لإطلاق مرحلة التجارة الإلكترونية وتمكين المؤسسات المالية.
وبالتالي، فإن إنزال كابل بحري الدولي في طرطوس يمثل أكثر من مجرد مشروع تقني؛ إنه إعلان عملي عن عودة سوريَة إلى خريطة الربط الرقمي العالمية، وبوابة رقمية جديدة تفتح آفاقًا واسعة للانفتاح على العالم، وتعزز الاندماج في الاقتصاد الرقمي العالمي، وتضع الأسلباب التقنية اللازمة لتحقيق نقلة نوعية في مجال الاتصالات وتقانة المعلومات، مما ينعكس إيجابًا على جميع مناحي الحياة والتنمية في البلاد.
