في تطور يُعدّ مهمًا على الصعيد المالي الإقليمي، أعلن حاكم مصرف سوريَة المركزي، عبد القادر الحصرية، انضمام الجمهورية العربية السورية إلى منصة (بُنى)، الإقليمية للمدفوعات عبر الحدود، التي أنشأها صندوق النقد العربي.
ويأتي هذا القرار بعد لقاء جمع الدكتور الحصرية برئيس صندوق النقد العربي، الدكتور فهد التركي، وذلك لبحث فرص الدعم الفني وبناء القدرات التي يمكن أن يقدمها الصندوق لسوريَة، خاصة في دعم جهود إصلاح المصرف المركزي.
وتم الاتفاق خلال الاجتماع على انضمام سوريَة إلى المنصة الإقليمية المتقدمة، التي تشكل محطة مهمة في مسيرة تحديث أنظمة الدفع والتحويلات المالية السورية.
وستُمكّن هذه الخطوة المؤسسات المالية في سوريَة من إرسال المدفوعات واستقبالها بالعملات العربية والدولية بكفاءة أعلى، وسرعة أكبر، وتكاليف أقل، مما ينعكس إيجابًا على تجربة العملاء ويعزز خدمات الدفع، بما يشمل الدفع الفوري.
ما هي منصة (بُنى)؟
تُمثّل منصة (بُنى) Buna، نظامًا إقليميًا رائدًا للمدفوعات، وهي عبارة عن منصة مركزية ومتعددة العملات مصممة لتمكين المؤسسات المالية، بما يشمل: البنوك التجارية والمركزية، من إرسال المدفوعات عبر الحدود واستلامها بكفاءة عالية، في كافة أنحاء المنطقة العربية وخارجها، باستخدام العملات العربية والعالمية الرئيسية.
وقد أطلق صندوق النقد العربي هذه المنصة الإستراتيجية بهدف توفير خدمات المقاصة والتسوية – هي عمليات أساسية في الأسواق المالية لضمان إتمام المعاملات وتقليل المخاطر- بالعملات العربية والدولية. وتستوفي منصة (بُنى) معايير الأهلية لتصفية وتسوية المعاملات المالية البينية بين الدول العربية، بالإضافة إلى تسهيل المعاملات مع شركائها التجاريين الدوليين الرئيسيين.
نقلة نوعية:
علق الإعلامي الاقتصادي، حازم رياض، على هذا التطور قائلًا: “انضمام سوريَة إلى منصة بُنى يمثل أكثر من مجرد تحديث تقني للنظام المالي؛ إنه إشارة قوية إلى بداية إعادة اندماج الاقتصاد السوري في المنظومة المالية الإقليمية، وذلك في ظل الظروف الصعبة التي مرت بها سوريَة، فإن هذه الخطوة يمكن أن تُحدث نقلة نوعية في سهولة تحويل الأموال وتكلفتها، مما ينعكس إيجابًا على حجم التبادل التجاري وتدفق الاستثمارات”.
وأضاف رياض في تصريحات لموقع (البوابة التقنية): “الكفاءة التي تتمتع بها منصة بُنى في معالجة المدفوعات العابرة للحدود ستقلل بنحو كبير من الاعتماد على القنوات غير الرسمية، مما يعزز الشفافية ويحد من المخاطر؛ وهذا أمر بالغ الأهمية لبناء الثقة مع الشركاء الدوليين”.
وتابع: “التحدي القادم سيتمثل في ضمان امتثال المؤسسات المالية السورية لمعايير المشاركة الصارمة، خاصة في مجال مكافحة غسل الأموال، وهو ما سيكون اختبارًا حقيقيًا لفعالية الإصلاحات التي يتحدث عنها المصرف المركزي”.
تطلعات مستقبلية:
من جهته، توجه الحصرية بجزيل الشكر لصندوق النقد العربي على دعمه المستمر، معربًا عن تطلعه لتعزيز الشراكة في خطوات قادمة تواكب تطلعات سوريَة نحو بناء نظام مالي حديث، متكامل، وفعّال، يلبي احتياجات الاقتصاد الوطني ويرتقي بمستوى الانسجام مع التحولات الإقليمية والدولية.
ويذكر أن صندوق النقد العربي أطلق منصة بُنى لتوفير خدمات المقاصة والتسوية للمدفوعات المستوفية لمعايير الأهلية، سواء بين الدول العربية أو بينها وبين شركائها التجاريين حول العالم.
وتُعد هذه الخطوة جزءًا من إستراتيجية أوسع تهدف إلى تعزيز التكامل الاقتصادي والمالي ودعم الروابط الاستثمارية للدول العربية مع مختلف القارات.