صدرت أول ساعة ذكية في العالم في عام 1998 وهي ساعة Seiko Ruputer التي كانت قادرة على الاتصال بالحاسوب، وبحلول عام 2014، أصبح لدى العلامات التجارية مثل: سامسونج وآبل إصداراتها الخاصة من الساعات الذكية، وفي السنوات القليلة الأخيرة أصبحت الساعات الذكية وغيرها من الأجهزة القابلة للارتداء شائعة الاستخدام، وأصبحت جميع الفئات ترتديها، كالأطفال والشباب وحتى الكبار في السن.
توفر الساعات الذكية مزايا متعددة لقياس المؤشرات الصحية واللياقة البدنية، وأصبح الكثير من الأشخاص يعتمدون عليها لمراقبة صحتهم، كما أن الشركات المصنعة لهذه الساعات تتنافس في إضافة مزايا صحية جديدة باستمرار لتصبح ساعاتها الخيار الأول للمستخدمين الذين يهتمون بتتبع المؤشرات الصحية باستمرار. لكن السؤال المهم، ما مدى دقة هذه الساعات في قياس المؤشرات الصحية، وهل هي دقيقة دائمًا؟
يشير بعض الخبراء والدراسات إلى أنها ليست دقيقة دائمًا، وسنوضح التفاصيل في هذا المقال.
أولًا: الساعات الذكية يمكن أن تنقذ حياتك:
إن استخدامات الساعة الذكية تتعدى مجرد إخبارك بالوقت، إذ يمكنها أن تخبرك بعدد السعرات الحرارية التي أحرقتها وعدد الخطوات التي قطعتها، ويمكنك أيضًا إجراء مكالمة هاتفية من خلالها عند وقوع حادث ما، على سبيل المثال: في مايو 2024، نجت امرأة في دلهي من حادث خطير بسبب ساعتها الذكية من آبل، إذ اكتشفت مزية مراقبة معدل ضربات القلب في الساعة ارتفاع معدل ضربات قلب السيدة بنحو غير طبيعي ونبّهتها بذلك.
وفي عام 2023، انزلق Robert Naess -مدير الاستثمار في النرويج- في أثناء الجري، وأصيب إصابة خطيرة، لكن بفضل مزية الاتصال بالطوارئ المدمجة في ساعة آبل الذكية، تمكّن من الاتصال بخدمات الطوارئ بسرعة؛ مما أنقذ حياته.
هناك حالات أخرى مماثلة أنقذت فيها الساعات الذكية حياة الناس؛ ويُعزى ذلك إلى قدرة هذه الساعات على مراقبة مجموعة متنوعة من المؤشرات الصحية واللياقة البدنية، مثل: معدل ضربات القلب، وعدد الخطوات، والسعرات الحرارية المحروقة، وحتى أنماط النوم، كما تتضمن بعض المزايا المتقدمة مثل: مراقبة مستوى الأكسجين في الدم (SpO2)، وتخطيط القلب (ECG)، وتقديرات مستوى التوتر بناءً على تغيّر معدل ضربات القلب، ومعدل التنفس، ودرجة حرارة الجسم، وضغط الدم، كما يمكن للنساء من خلال هذه الساعات تتبع دوراتهن الشهرية.
ثاتيًا: ما مدى دقة الساعات الذكية والأجهزة القابلة للارتداء الأخرى؟
في مراجعة شاملة نُشرت آخرًا، فحص الخبراء مجموعة من الدراسات العلمية الخاصة بفحص دقة الأجهزة القابلة للارتداء ومنها الساعات الذكية في قياس المؤشرات الصحية، مثل: معدل ضربات القلب، و السعرات الحرارية وتتبع النوم، وعدد الخطوات، وقد وجدت المراجعة أن دقة هذه الأجهزة جيدة.
فقد أظهرت المراجعة أن الأجهزة القابلة للارتداء قادرة على قياس معدل ضربات القلب بنسبة خطأ تبلغ قرابة 3%، اعتمادًا على عوامل مثل: لون البشرة ونوع التمرين ووجود وشم، كما أنها جيدة في اكتشاف مشكلات ضربات القلب وتقدير قوة عضلة القلب خاصة في أثناء ممارسة التمارين.
وفيما يتعلق بقياس المؤشرات الأخرى، تميل هذه الأجهزة إلى التقليل من تقدير عدد الخطوات بنحو 9%، وهناك أخطاء كبيرة في تتبع السعرات الحرارية المحروقة، وتتراوح نسبة الخطأ من 14.76% إلى 21.27%. وفيما يتعلق بتتبع النوم، غالبًا تبالغ الأجهزة القابلة للارتداء في تقدير إجمالي وقت النوم وجودته بنسبة تزيد على 10%، وتقلل من تقدير المدة التي يستغرقها الشخص في الاسترخاء قبل النوم الفعلي وعند الاستيقاظ بعد النوم.
يتفق العديد من الخبراء مع نتائج هذه المراجعة؛ إذ يقول الدكتور Shrey Kumar Srivastav -طبيب عام في مستشفى شاردا في الهند- إن دقة الأجهزة القابلة للارتداء، وخاصة أجهزة تتبع اللياقة البدنية، يمكن أن تختلف اعتمادًا على جودة الجهاز وكيفية استخدامه والمستشعرات المدمجة فيه، ومن الأمثلة على ذلك:
- تعتمد بعض الأجهزة القابلة للارتداء على أجهزة استشعار بصرية تقيس تدفق الدم عبر الجلد لمراقبة معدل ضربات القلب ويمكن أن تكون هذه الطريقة غير دقيقة إذا لم تكن الساعة ضيقة بما يكفي، أو إذا كان لون البشرة داكنًا، أو إذ كان هناك وشم، أو في أثناء ممارسة الأنشطة الكثيفة.
- غالبًا ما تقدر الأجهزة القابلة للارتداء النوم بناءً على الحركة ومعدل ضربات القلب التي قد لا تتطابق دائمًا مع نتائج دراسات النوم السريرية، كما أنها قد تتعامل مع أوقات الراحة على أنها أوقات نوم، أو قد تفشل في تحديد مراحل النوم المختلفة.
- قد يكون من الصعب حساب السعرات المحروقة بدقة؛ لأنها تعتمد على العديد من العوامل الفردية، مثل: معدل التمثيل الغذائي ومستوى اللياقة البدنية ونوع التمرين
ثالثًا: ما الأمور التي تجب مراعاتها قبل شراء الأجهزة القابلة للارتداء؟
قبل شراء جهاز قابل للارتداء، تجب مراعاة الأمور التالية لضمان الحصول على جهاز جيد يمكنه قياس المؤشرات الصحية بدقة عالية:
1- اختر علامات تجارية موثوقة، وتجنب الأجهزة القابلة للارتداء من العلامات التجارية غير المعروفة، فبالإضافة إلى أنها غير دقيقة في قياس المؤشرات الصحية، قد يؤدي استخدامها إلى مشكلات أخرى مثل:
- احتمالية تعرض البيانات الصحية للخطر؛ لأن هذه الأجهزة قد لا توفر حماية قوية للبيانات والخصوصية.
- قد تقدم مقاييس صحية مضللة؛ لأنها تستخدم أجهزة استشعار غير دقيقة.
- قد يكون عمر الجهاز قصيرًا وقد لا يوفر تكاملًا جيدًا مع التطبيقات المختلفة وقد لا يدعم تحديثات البرامج.
2- حدد سبب رغبتك في الحصول على جهاز قابل للارتداء، إذا كنت تريد تتبع التدريبات أو مراقبة المؤشرات الصحية أو فقط لتتبع الإشعارات، إذ تساعدك معرفة أهدافك في تضييق نطاق اختياراتك.
3- تحقق من أن الجهاز يتكامل مع التطبيقات التي تستخدمها عادةً، مثل تطبيقات تتبع الصحة المثبتة في هاتفك.
4- تحقق من كيفية تعامل الشركة المصنعة للجهاز مع بيانات المستخدمين، خاصةً إذا كنت تتعقب معلومات صحية حساسة.