في مشهد يعكس تفاؤلاً متجدداً، انطلقت فعاليات الدورة الحادية عشرة من معرض سيريا هايتك لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في مدينة المعارض بدمشق. هذا الحدث، الذي شهد حضوراً لافتاً من مختلف الأطراف المحلية والعربية والدولية، يمثل نقطة تحول هامة في مسيرة القطاع التقني السوري، ويؤكد على عزم البلاد على استعادة مكانتها الإقليمية في هذا المجال الحيوي. المعرض، بمشاركة ما يقارب 225 شركة، يُعدّ الأكبر من نوعه منذ سنوات، ويحمل في طياته وعوداً بالنمو والازدهار.
أهمية معرض سيريا هايتك الاستراتيجية
أكد معالي وزير الاتصالات وتقانة المعلومات السوري، عبد السلام هيكل، على الأهمية الاستراتيجية للمعرض، واصفاً إياه بأنه “فرصة حقيقية للقاء مزودي الخدمات والشركات التقنية تحت سقف واحد، مما يتيح تبادل الخبرات والنقاش حول احتياجات قطاع الاتصالات”. هذا التجمع يتيح فرصة فريدة لتقييم التحديات والفرص المتاحة، ووضع الخطط اللازمة لتطوير القطاع.
الوزير هيكل شدد في تصريحاته للصحفيين على أن عودة الشركات العالمية إلى سورية لن تكون عملية فورية، بل تتطلب جهداً منظماً لتهيئة السوق واستعادة الخدمات الأساسية. ومع ذلك، أشار إلى وجود مبادرات أولية من شركات دولية وإقليمية، بما في ذلك افتتاح مكاتب تمهيدية، مما يعكس ثقة متزايدة في مستقبل الاقتصاد السوري. الهدف الرئيسي من هذه الجهود هو تعزيز هذا المسار وتهيئة القطاع لعودة سورية إلى محيطها التقني، واستقطاب الاستثمارات التي تدعم هذا التحول.
دور الاجتماعات المكثفة في تعزيز التعاون
الاجتماعات المكثفة التي جرت على هامش المعرض لم تكن مجرد لقاءات بروتوكولية، بل كانت منصة حقيقية لتعزيز التعاون بين مختلف الأطراف المعنية. هذه الاجتماعات ساهمت في تحديد الخطوات العملية اللازمة لجذب الشركات العالمية والمحلية للاستثمار في سورية، سواء كانت شركات “هايبر سكيلرز” العالمية أو شركات سورية أسسها رجال أعمال في الخارج. التركيز كان على توفير بيئة استثمارية جاذبة، وتذليل العقبات التي تواجه المستثمرين.
التحول الرقمي وبناء الدولة السورية الجديدة
من جانبه، أكد وزير المالية، محمد يسر برنية، أن التحول الرقمي هو جزء أساسي من رؤية بناء الدولة السورية الجديدة. وأشار إلى أن معرض سيريا هايتك يمثل نافذة أساسية للاطلاع على أحدث التقنيات والخدمات الرقمية، مشيداً بالحضور القوي للمشاركين من خارج سورية، وهو ما يعكس اهتماماً كبيراً بالاقتصاد السوري وإمكاناته.
الوزير برنية أوضح أن النظام الضريبي الجديد في سورية يشجع بقوة الخدمات التقنية وريادة الأعمال في مجال التكنولوجيا. وتعمل الوزارة بشكل مستمر على تقديم التسهيلات اللازمة لتشجيع الاستثمار في القطاع التقني والرقمي، بالإضافة إلى تخصيص جزء من حصيلة ضريبة المبيعات لدعم الصناعات التصديرية وقطاع التصدير والصناعة، وخاصة تلك التي تعتمد على التقنيات الحديثة. هذه الإجراءات تهدف إلى خلق بيئة محفزة للابتكار والنمو في القطاع التكنولوجي.
دعم ريادة الأعمال في قطاع التكنولوجيا
تولي الحكومة السورية اهتماماً خاصاً بدعم ريادة الأعمال في قطاع التكنولوجيا، إيماناً منها بأهمية هذا القطاع في تحقيق التنمية المستدامة. وتعمل الوزارات المعنية على توفير برامج تدريبية وتمويلية للمشاريع الناشئة، بالإضافة إلى تسهيل إجراءات تأسيس الشركات التقنية. هذا الدعم يهدف إلى تمكين الشباب السوري من إطلاق مشاريعهم الخاصة، والمساهمة في بناء اقتصاد رقمي قوي.
نظرة على التقنيات المعروضة في سيريا هايتك
أكدت هالة الشربجي، مديرة المعرض، أن سيريا هايتك يوفر منصة هامة لعرض أحدث التقنيات المستخدمة في مجالات متنوعة، بما في ذلك المعلوماتية، والمدن الذكية، والحكومة الإلكترونية، والدفع الإلكتروني. بالإضافة إلى ذلك، يعرض المعرض أحدث الحلول والنظم والبرمجيات والتطبيقات في مجالات الاتصالات والذكاء الاصطناعي. هذا التنوع في التقنيات المعروضة يعكس التطور السريع الذي يشهده القطاع التقني على مستوى العالم، ويمنح الزوار فرصة للاطلاع على أحدث الابتكارات.
المديرة الشربجي أشارت إلى أن المعرض يضم نحو 250 جناحاً، مما يجعله حدثاً ضخماً وشاملاً يغطي كافة جوانب القطاع التقني. وتستمر فعاليات المعرض حتى الرابع والعشرين من الشهر الجاري، مما يتيح فرصة كافية للزوار للاستفادة من المعروضات والمشاركة في الندوات وورش العمل المصاحبة.
رسالة إيجابية للمجتمع الدولي
يمثل معرض سيريا هايتك رسالة إيجابية إلى المجتمع الدولي، تؤكد جدية التوجه نحو التحول الرقمي والاستثمار التكنولوجي في سورية. ويعمل المعرض على ترسيخ ما يجري بحثه في المؤتمرات والزيارات مع الدول المجاورة، بأن سورية تشهد فرصة حقيقية للنهوض بالقطاع التكنولوجي. هذا الحدث يساهم في تحسين صورة سورية في الخارج، وجذب الاستثمارات الأجنبية التي تدعم التنمية الاقتصادية.
بالإضافة إلى الوزراء والمسؤولين السوريين، شهد افتتاح المعرض حضوراً لافتاً من السفراء المعتمدين لدى سورية، ورجال الأعمال والشخصيات الاقتصادية السورية والعربية والأجنبية. هذا الحضور القوي يؤكد على أهمية المعرض كمنصة للتعاون وتبادل الخبرات بين مختلف الأطراف المعنية.
في الختام، يمكن القول إن معرض سيريا هايتك ليس مجرد حدث تقني، بل هو رمز للأمل والتفاؤل بمستقبل أفضل لسورية. إنه منصة للابتكار والنمو، وفرصة لتعزيز التعاون بين مختلف الأطراف المعنية، ورسالة إيجابية إلى المجتمع الدولي. نتطلع إلى رؤية المزيد من النجاحات في الدورات القادمة من هذا المعرض الهام.
