في خضم التنافس العالمي المحتدم على ريادة الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة، تبرز دولة الإمارات العربية المتحدة كلاعب رئيسي، ساعيةً بخطى ثابتة نحو ترسيخ مكانتها كمركز عالمي للابتكار. وتُعد منحة طحنون بن زايد للتميز في الذكاء الاصطناعي، التي أطلقها مجلس الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة، تجسيدًا واضحًا لهذه الرؤية الطموحة، ومحورًا أساسيًا في استراتيجية الإمارات لتطوير قطاع التكنولوجيا. هذه المبادرة ليست مجرد دعم مالي، بل هي استثمار استراتيجي في رأس المال البشري، تماشيًا مع توجيهات صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، التي تؤكد على أهمية الإنسان كركيزة أساسية للتنمية المستدامة.
رؤية الإمارات الاستراتيجية للذكاء الاصطناعي
تولي دولة الإمارات أهمية قصوى للذكاء الاصطناعي، إدراكًا منها لقدرته على تحويل مختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية. وتعتبر هذه المنحة جزءًا من خطة شاملة تهدف إلى بناء منظومة متكاملة للابتكار، وجذب أفضل الكفاءات في هذا المجال. لا يقتصر الأمر على تطوير التقنيات، بل يشمل أيضًا إعداد جيل جديد من القادة والمبتكرين القادرين على توظيف الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول وفعال لخدمة المجتمع. إن الاستثمار في التعليم والبحث العلمي في مجال الذكاء الاصطناعي يمثل حجر الزاوية في تحقيق هذه الأهداف.
تفاصيل منحة طحنون بن زايد للتميز في الذكاء الاصطناعي
تهدف منحة طحنون بن زايد للتميز في الذكاء الاصطناعي إلى دعم 350 طالبًا متميزًا في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي على مدار ست سنوات، بدءًا من العام الأكاديمي 2025-2026. تعتبر هذه الجامعة، أول مؤسسة أكاديمية متخصصة في الذكاء الاصطناعي على مستوى العالم، صرحًا تعليميًا رائدًا يساهم في إعداد الكفاءات المطلوبة لسوق العمل المستقبلي. تعتمد المنحة على معايير صارمة لاختيار المستفيدين، تشمل التفوق الأكاديمي، والكفاءة العالية في الرياضيات، ومهارات القيادة وريادة الأعمال، والتميز العلمي.
معايير الأهلية ومزايا المنحة
لا يقتصر الدعم الذي تقدمه المنحة على الجانب المالي فحسب، بل يمتد ليشمل مجموعة واسعة من المزايا التي تساهم في تطوير الطلاب وتمكينهم. تشمل هذه المزايا:
- فرص التمثيل: إتاحة فرص حصرية للطلاب لتمثيل دولة الإمارات في المحافل الدولية والفعاليات المرموقة المتعلقة بالشباب والابتكار.
- دعم المشاريع: توفير الموارد اللازمة لتحويل الأفكار الإبداعية إلى مشاريع ريادية وابتكارات تقنية قابلة للتطبيق.
- الخبرات العملية: توفير فرص التدريب المهني والتوظيف الجزئي والإرشاد من قبل خبراء الصناعة.
- بنية حوسبية متقدمة: الاستفادة من أحدث التقنيات في مجال الحوسبة، بما في ذلك البنية الحاسوبية عالية الأداء والفصول الدراسية الذكية.
- هيئة تدريس عالمية: التعلم من نخبة من الأساتذة والباحثين العالميين ذوي الخبرة والكفاءة العالية.
برنامج البكالوريوس المبتكر في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي
تتميز جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي بتقديم برنامج بكالوريوس علمي فريد ومتكامل يختلف عن البرامج التقليدية. يركز البرنامج على دمج الخبرة التقنية الأساسية مع مهارات القيادة وريادة الأعمال، بالإضافة إلى الدراسات المتعددة التخصصات في مجالات العلوم الإنسانية والأعمال والفنون. يهدف هذا النهج الشامل إلى تطوير رؤى نقدية وأخلاقية لدى الطلاب، وتمكينهم من استخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول وفعال. البرنامج مفتوح للطلاب من جميع أنحاء العالم، مما يعزز التنوع الثقافي والأكاديمي في الجامعة.
الأثر المتوقع على منظومة الابتكار في الإمارات
من المتوقع أن تحدث منحة طحنون بن زايد للتميز في الذكاء الاصطناعي نقلة نوعية في المشهد الأكاديمي والتقني في دولة الإمارات. وتشمل الآثار المتوقعة:
- تعزيز الكفاءات البشرية: تخريج 350 خريجًا متميزًا يمتلكون الخبرة التقنية ومهارات القيادة وريادة الأعمال والرؤى الأخلاقية.
- تسريع وتيرة الابتكار: تحويل الأفكار الأكاديمية إلى شركات ناشئة وحلول تكنولوجية قابلة للتطبيق التجاري.
- توطين المواهب: جذب أفضل الكفاءات في مجال الذكاء الاصطناعي من داخل الدولة وخارجها.
- تطوير البحث والتطوير المسؤول: ضمان أن تكون الابتكارات في الإمارات موجهة لخدمة البشرية وتحسين الحياة.
- دعم التحول الرقمي: تطبيق الذكاء الاصطناعي في قطاعات حيوية مثل الصحة والاقتصاد والتعليم.
تصريحات سمو الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان
أكد سمو الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان على أهمية الذكاء الاصطناعي في تشكيل مستقبل التقدم البشري، مشيرًا إلى أن المستقبل سيكون لمن يتعلم بسرعة ويتكيف بشجاعة ويحسن توظيف هذه التقنيات. وأوضح سموه أن المنحة تهدف إلى تمكين العقول الشابة والطموحة لتكون شريكًا فاعلًا في بناء المستقبل، وتعزيز مكانة الإمارات كوجهة رائدة في مجال الابتكار العالمي. إن هذه التصريحات تعكس التزام القيادة الإماراتية بدعم وتطوير قطاع الذكاء الاصطناعي، وتحقيق رؤية الإمارات في أن تصبح مركزًا عالميًا للابتكار والتكنولوجيا المتقدمة.
باختصار، منحة طحنون بن زايد للتميز في الذكاء الاصطناعي ليست مجرد مبادرة تعليمية، بل هي استثمار استراتيجي في مستقبل الإمارات، يهدف إلى بناء جيل جديد من القادة والمبتكرين القادرين على تحقيق التنمية المستدامة والازدهار. ندعو جميع الطلاب الموهوبين والطموحين إلى الاستفادة من هذه الفرصة الفريدة، والمساهمة في بناء مستقبل مشرق للإمارات والعالم.
